صفحة جزء
[ ص: 147 ] باب الاعتكاف

الاعتكاف لغة لزوم الشيء ومنه { يعكفون على أصنام لهم } يقال : عكف بفتح الكاف يعكف بضمها وكسرها ، قراءتان . وشرعا لزوم مسجد بصفة مخصوصة قال ابن هبيرة : وهذا الاعتكاف لا يحل أن يسمى خلوة ، ولم يزد على هذا ، ولعل الكراهة أولى ، ويسمى جوارا ، { لقول عائشة رضي الله عنها ، عنه عليه السلام : وهو مجاور في المسجد } . متفق عليه ، وفيهما من حديث { أبي سعيد قال : كنت أجاور هذه العشر يعني الأوسط ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه } . وهو سنة ( ع ) ويجب بنذره ( ع ) ، وإن علقه أو غيره بشرط ، فله شرطه ، نحو لله أن أعتكف شهر رمضان إن كنت مقيما أو معافى ، فكان فيه مريضا أو مسافرا لم يلزمه شيء . وهل يلزم بالشروع أو بالنية ؟ سبق آخر الباب قبله ، ولا يختص بزمان إلا ما نهي عن صيامه ، للاختلاف في جوازه بغير صوم ، وآكده رمضان ، ( ع ) وآكده العشر الأخير ( ع ) ولم يفارق الأصحاب بين الثغر وغيره ، وهو واضح ، ونقل أبو طالب : [ ص: 148 ] لا يعتكف في الثغر لئلا يشغله نفير . ولا يصح إلا بالنية ( و ) ويجب تعيين المنذور بالنية ليتميز ، وإن نوى الخروج منه فقيل : يبطل ، لأنه يخرج منه بالفساد ، كالصلاة ، وقيل : لا ، لتعلقه بمكان ، كالحج ( م 1 ) وللشافعية وجهان ، وإن خرج لما لا يبطل ولم يكن نوى مدة مقدرة ابتداء النية ، وإلا فلا ، ذكره في الترغيب وغيره ، وظاهر كلام جماعة : لا يبتدئها ، ولا يصح من كافر ومجنون وطفل ، كصلاة وصوم ، قال صاحب المحرر : لا أعلم فيه خلافا ، وكذا ذكر غيره ، لخروجه بالجنون عن كونه من أهل المسجد ، على ما سبق في باب الغسل ، لكن يتوجه : هل يبني أو يبتدئ ؟ الخلاف في بطلان الصوم . ولا يبطل بإغماء ، جزم به في الرعاية وغيرها ، ويأتي في النذر نذر الكافر .


[ ص: 148 ] باب الاعتكاف

( مسألة 1 ) قوله : ويجب تعيين المنذور بالنية ليتميز ، وإن نوى الخروج منه فقيل : يبطل ، لأنه يخرج منه بالفساد ، كالصلاة ، وقيل : لا ، لتعلقه بمكان ، كالحج ، انتهى ، وأطلقهما المجد في شرحه فقال : لأصحابنا . وجهان ، وعللهما بما قاله المصنف ، وأطلقهما أيضا في الرعاية الكبرى ، أحدهما يبطل ، لأنه يخرج بالفساد منه ، فهو كالصلاة والصيام ( قلت ) : وهو الصواب ، وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب ، والثاني لا يبطل ، لما علله المصنف به .

التالي السابق


الخدمات العلمية