صفحة جزء
ويلزم الإمام وقيل : يستحب تعاهد خيل ورجال ، فيمنع ما لا يصلح لحرب كمخذل يفند عن الغزو ، ومرجف يحدث بقوة [ ص: 205 ] الكفار وضعفنا ، ومكاتب بأخبارنا ورام بيننا ، ومعروف بنفاق وزندقة ، وصبي ، ذكره جماعة .

وفي المغني والكافي والبلغة وغيرها : طفل ونساء إلا عجوزا لمصلحة ، قال بعضهم : وامرأة للأمير لحاجته ، بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وظاهر كلامهم في مخذل ونحوه ولا لضرورة ، وذكر بعضهم : بلى ويحرم ، ويتوجه : يكره أن يستعين بكافر إلا لضرورة ، وذكر جماعة : لحاجة ، وعنه : يجوز مع حسن رأي فينا ، زاد جماعة وجزم به في المحرر : وقوته بهم بالعدو وفي الواضح روايتان : الجواز وعدمه بلا ضرورة ، وبناهما على الإسهام له : كذا قال .

وفي البلغة : يحرم إلا لحاجة بحسن الظن .

قال : وقيل : إلا لضرورة ، وأطلق أبو الحسين وغيره أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون ، وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتبة ، وسأله أبو طالب عن مثل الخراج ؟ فقال : لا يستعان بهم في شيء ، وأخذ القاضي منه أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة ، فدل أن المسألة على روايتين ، والأولى المنع واختاره شيخنا وغيره أيضا ، لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها ، فهو أولى من مسألة الجهاد .

وقال شيخنا : من تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده ; لأنه من الصغار .

وفي الرعاية : يكره إلا ضرورة . ويحرم بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين ، لأن فيه أعظم الضرر ، لأنهم دعاة واليهود والنصارى لا يدعون إلى أديانهم ، نص على ذلك ، وعنه في اليهود والنصارى : لا يغتر بهم ، فلا بأس فيما لا يسلطون [ ص: 206 ] فيه على المسلمين حتى يكونوا تحت أيديهم .

قد استعان بهم السلف ، وظاهر كلام الأصحاب في أهل البدع والأهواء خلاف نص الإمام أحمد . ونحرم إعانتهم على عدوهم إلا خوفا وتوقف أحمد في أسير لم يشرطوا إطلاقه ولم يخفهم ، ونقل أبو طالب : لا يقاتل معهم بدونه . ويرفق بسيرهم ، نقل ابن منصور : أكره السير الشديد إلا لأمر يحدث ، ويعد لهم الزاد ، ويحدثهم بأسباب النصر ويتخير منازلهم ، ويتبع مكامنها ، ويأخذ بعيون خبر عدو ويشاور ذا رأي ، ويجعل لهم عرفاء وشعارا ، ويستحب ألوية بيض والعصائب في الحرب ، لأن الملائكة إذا نزلت بالنصر نزلت مسومة بها ، نقله حنبل .

ولأحمد عن عمار أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه ، ونادى بعض الصحابة في اليمامة وغيرها : يا لفلان ، ولما كسع مهاجري أنصاريا ، أي ضرب دبره وعجيزته بشيء ، قال الأنصاري ، يا للأنصار .

وقال المهاجري : يا للمهاجرين بفتح اللام للاستغاثة وبفصل اللام ووصلها فقال عليه السلام : { ما بال دعوى الجاهلية ، دعوها فإنها منتنة فقال عبد الله بن أبي قد فعلوها ، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، فقال عمر دعني أضرب عنقه قال : دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه } متفق عليه من حديث جابر ويتوجه منه جواز القتل ، وتركه لمعارض ، ويوافقه { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين } ويتوجه احتمال أن العفو كان ما لم يظهروا نفاقهم [ ص: 207 ] وتقدم كلام ابن الجوزي وشيخنا في إرث أهل الملل .

وقال ابن حامد : فإن قيل : تركه عليه السلام إقامة الحدود على المنافقين لأي معنى ؟ قيل : ظاهر المذهب أنه فعل ذلك بأمر الله ، غير أنه ما ترك بيانهم ، وقد كان تركه الحد لأن فيهم منفعة وقوة للمسلمين . فهذه ثلاثة أقوال لنا .

وذكر منها القاضي عياض عقب الخبر المذكور في باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما .

وقال أيضا : ما رواه مسلم عن جابر { أن رجلا بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها ويعطي الناس فقال : يا محمد اعدل ، فقال : ويلك ، ومن يعدل إذ لم أكن أعدل ؟ . فقال عمر : يا رسول الله دعني فأقتل هذا المنافق ، فقال : معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي } . قال : هذه هي العلة ، ولمسلم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم القود ، .

ولأحمد عن أبي بن كعب مرفوعا : { إذا سمعتم من يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا } ، وإن أبيا قاله لرجل . ويجعل في كل جنبة كفوا ، ويصفهم ويمنعهم الفساد والتشاغل بتجارة ، ويعد الصابرين بالأجر ولا يميل مع ذي قرابة أو مذهب ، قيل لأحمد في الآبق لا يعلم طريقه : ينفر له الأمير خيلا ؟ قال : لا ، لعلهم أن يعطبوا ، ويلزمهم الصبر والنصح والطاعة ، فلو أمرهم بالصلاة جماعة وقت لقاء العدو فأبوا عصوا ، قال الآجري : لا نعلم فيه خلافا بين المسلمين .

قال أحمد : ولو قال : من عنده من رقيق الروم فليأت به السبي : ينبغي [ ص: 208 ] أن ينتهوا إلى ما يأمرهم ، قال ابن مسعود : الخلاف شر ، ذكره ابن عبد البر ، وقال : كان يقال : لا خير مع الخلاف ولا شر مع الائتلاف .

وفي الصحيحين عن ابن أبي أوفى مرفوعا { لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا } وترجم عليه أبو داود بكراهة تمني لقاء العدو ، وظاهر النهي التحريم ، نقل أبو داود : إذا جاء الخلاف جاء الخذلان .

ونقل المروذي : لا يخالفوه يتشعب أمرهم ، فإن كان يقول : سيروا وقت كذا ويدفع قبله دفعوا معه نص عليه ، قال أحمد : الساقة يضاعف لهم الأجر ، إنما يخرج فيهم أهل قوة وثبات ، ويحرم إحداث شيء كاحتطاب ونحوه وتعجيل ، ولا ينبغي أن يأذن إذا علم موضع مخوف ، قاله الإمام أحمد ومبارزة بلا إذنه ، وينبغي للإمام أن يحللهم ، نص على ذلك .

وفي الفصول : يجوز بإذنه لمبارزة الشباب الأنصاريين يوم بدر لما طلبها عتبة يوم بدر بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر ذلك ، وحكى الخطابي عن أحمد وغيره أنهم كرهوا ذلك بلا إذنه . وإن طلبها كافر وفي البلغة : مطلقا سن للشجاع مبارزته بإذنه .

وفي الفصول في اللباس أنها هل تستحب للشجاع ابتداء لما فيه من كسر قلوب المشركين أم يكره لئلا ينكسر فتضعف قلوب المسلمين ؟ فيه احتمالان ، قال : قال أحمد : يكون ذلك بإذن الإمام فإن شرط أو كان [ ص: 209 ] العادة أن يقاتله خصمه فقط لزم ، فإن انهزم أحدهما وفي غير البلغة أو أثخن فلكل مسلم الدفع والرمي .

التالي السابق


الخدمات العلمية