صفحة جزء
[ ص: 555 ] كتاب النذور الأول قلت لابن القاسم : أرأيت الرجل يقول علي المشي إلى بيت الله إن كلمت فلانا فكلمه ما عليه في قول مالك ؟

قال : قال مالك : إذا كلمه فقد وجب عليه أن يمشي إلى مكة .

قلت : ويجعلها في قول مالك إن شاء حجة وإن شاء عمرة ؟

قال : نعم .

قلت : فإن جعلها عمرة فحتى متى يمشي ؟

قال : حتى يسعى بين الصفا والمروة .

قلت : فإن ركب قبل أن يحلق بعدما سعى في عمرته التي حلف فيها أيكون عليه شيء في قول مالك ؟

قال : لا ، وإنما عليه المشي حتى يفرغ من السعي بين الصفا والمروة عند مالك .

قلت : فإن جعلها حجة فإلى أي المواضع يمشي في قول مالك ؟

قال : حتى يطوف طواف الإفاضة ، كذلك قال مالك : قلت : فإذا قضى طواف الإفاضة أيركب راجعا إلى منى في قول مالك ؟

قال : نعم .

قلت : أرأيت إن فعل المشي الذي وجب عليه في حجه فمشى حتى لم يبق عليه إلا طواف الإفاضة فأخر طواف الإفاضة حتى يرجع من منى ، أيركب في رمي الجمار وفي حوائجه بمنى في قول مالك أم لا ؟

قال : قال مالك : لا يركب في رمي الجمار .

قال مالك : ولا بأس أن يركب في حوائجه .

[ ص: 556 ] قال ابن القاسم : وأنا لا أرى به بأسا وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو مشى فيما قد وجب عليه من حج أو عمرة . فأتى المدينة فركب في حوائجه أو رجع من الطريق في حاجة له ذكرها فيما قد مشى . قال فلا بأس أن يركب فيها وهذا قول مالك الذي نحب ونأخذ به . قال : وحدثني عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية أنه سمع رجلا يسأل سالم بن عبد الله عن رجل جعل على نفسه المشي مائة مرة إلى الكعبة ، فقال سالم : ليمش مائة مرة . قال ابن وهب عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله عشر مرات من إفريقية ، قال : أرى أن يوفي بنذره وذلك الذي كان يقوله الصالحون ويأمرون به ويجدون في أنفسهم إذا قالوا غير ذلك لمن نذر نذرا أوجبه على نفسه غير وفاء الذي جعل على نفسه .

قال ابن وهب : وسئل مالك عن الذي يحلف بنذور مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أخاه أو أباه بكذا وكذا نذرا لشيء لا يقوى عليه . ولو تكلف ذلك كل عام لعرف أنه لا يبلغ عمره ما جعل على نفسه من ذلك . فقيل له هل يجزئه من ذلك نذر واحد أو نذور مسماة ؟ فقال : ما أعلمه يجزئه من ذلك إلا الوفاء بما جعل على نفسه فليمش ما قدر عليه من الزمان وليتقرب إلى الله بما استطاع من الخير ، وقاله الليث بن سعد .

قال ابن وهب وقال مالك : سمعت أهل العلم يقولون في الرجل والمرأة يحلفان بالمشي إلى بيت الله الحرام ، إنه من مشى لم يزل يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ إن كان معتمرا وإن كان حاجا لم يزل يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها ، وذلك الذي عليه ، فإذا فرغ من الإفاضة فقد فرغ وتم نذره .

قال الليث : ما رأيت الناس إلا على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية