صفحة جزء
تفسير فدية الأذى والمتداوي ومن لبس الثياب قلت لابن القاسم : أرأيت ما كان من فدية الأذى من حلق رأس أو احتاج إلى دواء فيه طيب فتداوى به ، أو احتاج إلى لبس الثياب فلبس أو نحو هذا مما يحتاج إليه ففعله ، أيحكم عليه كما يحكم في جزاء الصيد ؟

قال : لا في قول مالك ، قال ولا يحكم عليه إلا في جزاء الصيد وحده . قال مالك : وهذا الذي أماط الأذى عنه أو تداوى بدواء فيه طيب أو لبس الثياب أو فعل هذه الأشياء ، مخير أن يفعل أي ذلك شاء مما ذكر الله في كتابه { فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك } قلت : فإن أراد أن ينسك فأين ينسك ؟

قال : حيث شاء من البلاد ، قلت : فإن أراد أن ينسك بمنى أعليه أن يقف بنسكه هذا بعرفة ؟

قال : لا ، قلت : ولا يخرجه إلى الحل إن اشتراه بمكة أو بمنى ، وينحره بمنى إن شاء يوم النحر من غير أن يقف به بعرفة ، ولا يخرجه إلى الحل [ ص: 413 ] وينحره بمكة إن أحب حيث شاء ؟

قال : نعم ، قلت : وجميع هذا قول مالك ؟

قال : نعم .

قلت لابن القاسم : أرأيت من لبس الثياب فتطيب في إحرامه من غير أذى ولا حاجة به إلى الطيب من دواء ولا غيره إلا أنه فعل هذا جهالة وحمقا ، أيكون مخيرا في الصيام والصدقة والنسك مثل ما يخير من فعله من أذى ؟

قال : نعم ، قلت : وهذا قول مالك ؟

قال : نعم .

قال ابن القاسم : قال مالك : لو أن رجلا دخل مكة في أشهر الحج بعمرة وهو يريد سكناها والإقامة بها ، ثم حج من عامه رأيته متمتعا وليس هو عندي مثل أهل مكة ، لأنه إنما دخل يريد السكنى ولعله يبدو له فأرى عليه الهدي .

قلت لابن القاسم : أرأيت لو أن رجلا أحرم بعمرة من أهل الآفاق في غير أشهر الحج وحل منها في غير أشهر الحج ، ثم اعتمر بعمرة أخرى من التنعيم في أشهر الحج ثم حج من عامه ، أيكون عليه دم المتعة في قول مالك ؟

قال : نعم وأرى أن يكون ذلك عليه ، وهو عندي مثل الذي أخبرتك من قوله في الذي يقدم ليسكن مكة ، فلما جعل مالك عليه الدم رأيت على هذا دم المتعة لأن هذا عندي لم يكن إقامته الأولى سكنى ، وقد أحدث عمرة في أشهر الحج وهو عندي أبين من الذي قال مالك في الذي يقدم ليسكن .

قلت لابن القاسم : أفتجعله بعمرته هذه التي أحدثها من مكة في أشهر الحج قاطعا لما كان فيه ، وتجزئه عمرته هذه التي في أشهر الحج من أن يكون بمنزلة أهل مكة ، وإن كان إنما اعتمر من التنعيم ؟

قال : نعم .

قلت لابن القاسم : أرأيت من غسل يديه وهو محرم بالأشنان المطيب أعليه كفارة أم لا في قول مالك ؟

قال : قال مالك : إن كان بالريحان وما أشبهه غير المطيب الغاسول وما أشبهه ، فأراه خفيفا وأكره أن يفعله أحد ، ولا أرى على من فعله فدية ، فإن كان طيب الأشنان بالطيب فعليه فدية أي ذلك شاء فعل . قال : فقلنا لمالك : فالأشنان وما أشبهه غير المطيب الغاسول وما أشبهه يغسل به المحرم يديه ؟

قال : لا بأس بذلك .

قلت لابن القاسم : أرأيت من غسل رأسه بالخطمي وهو محرم أعليه الفدية في قول مالك ؟

قال : نعم ، قلت : فأي الفدية شاء ؟

قال : نعم .

قال : وقال مالك : من دخل الحمام وهو محرم فتدلك فعليه الفدية .

قال : وقال مالك : من دهن عقبيه وقدميه من شقوق وهو محرم فلا شيء عليه ، وإن دهنهما من غير علة أو دهن ذراعيه وساقيه ليحسنهما لا من علة فعليه الفدية .

قال ابن القاسم : وسئل مالك عن الصدغين يلصق عليهما مثل ما يصنع الناس إذا فعل ذلك المحرم ؟

قال : قال مالك : عليه الفدية .

قال : وسئل مالك عن القروح تكون بالمحرم فيلصق عليها خرقا ؟

قال مالك : أرى إن كانت الخرق صغارا فلا شيء عليه ، وإن كانت كبارا فعليه الفدية .

قلت : أرأيت من كان عليه هدي من جزاء صيد فلم ينحره حتى مضت أيام التشريق فاشتراه في الحرم ثم خرج به إلى الحل ، أيدخل محرما لمكان هذا الهدي أم يدخل حلالا ؟

قال : قال مالك : يدخل [ ص: 414 ] حلالا .

قال : وقال مالك : ولا بأس أن يبعث بهديه هذا مع حلال من الحرم ، ثم يقف هو في الحل فيدخله مكة فينحره عنه

التالي السابق


الخدمات العلمية