صفحة جزء
2308 (وقول الله تعالى : ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم رافعي رؤوسهم ، المقنع والمقمح واحد) .


وقول الله بالجر عطف على ما قبله ، ووقع في رواية أبي ذر من قوله : ولا تحسبن الله غافلا إلى قوله : عزيز ذو انتقام وهي ست آيات في أواخر سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وفي رواية غيره ولا تحسبن الله غافلا وساق الآية فقط ، قوله : ولا تحسبن الله غافلا إن كان الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم فمعناه التثبيت على ما كان عليه من أنه لا يحسبه غافلا كما في قوله تعالى : ولا تكونن من المشركين وإن كان الخطاب لغيره ممن يجوز أنه يحسبه غافلا لجهله بصفاته ، فلا يحتاج إلى تقدير شيء ، وقال الزمخشري : ويجوز أن يراد ولا تحسبنه يعاملهم معاملة الغافل عما يعملون ، ولكن معاملة الرقيب عليهم المحاسب على النقير والقطمير ، قوله : إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار أي أبصارهم لا تقر في أماكنهم من هول ما ترى ، قوله : مهطعين يعني مسرعين إلى الداعي ، وقيل الإهطاع أن تقبل ببصرك على المرئي وتديم النظر إليه لا تطرف ، قوله : مقنعي رءوسهم أي رافعي رؤوسهم كذا فسره مجاهد ، و لا يرتد إليهم طرفهم أي لا يطرفون ، ولكن عيونهم مفتوحة ممدودة من غير تحريك الأجفان وأفئدتهم هواء أي خلاء ، وهو الذي لم تشغله الأجرام ، أي لا قوة في قلوبهم ولا جرأة ، ويقال للأحمق أيضا : قلبه هواء ، وعن ابن جريج هواء أي صفر من الخير ، خالية عنه ، قوله : " المقنع والمقمح واحد " كذا ذكره أبو عبيدة أي هذه الكلمة بالنون والعين وبالميم والحاء معناهما واحد ، وهو رفع الرأس ، وحكى ثعلب أن لفظة أقنع مشترك بين معنيين يقال : أقنع إذا رفع رأسه ، وأقنع إذا طأطأ ، ويحتمل الوجهين هنا; أن يرفع رأسه ينظر ثم يطاطئه ذلا وخضوعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية