صفحة جزء
[ ص: 227 ] تعارض الوصل والإرسال أو الرفع والوقف


147 . واحكم لوصل ثقة في الأظهر وقيل بل إرساله للأكثر      148 . ونسب الأول للنظار
أن صححوه ، وقضى ( البخاري )      149 . بوصل " لا نكاح إلا بولي "
مع كون من أرسله كالجبل      150 . وقيل الأكثر ، وقيل : الأحفظ
ثم فما إرسال عدل يحفظ      151 . يقدح في أهلية الواصل ، أو
مسنده على الأصح ، ورأوا      152 . أن الأصح : الحكم للرفع ولو
من واحد في ذا وذا ، كما حكوا


إذا اختلف الثقات في حديث ، فرواه بعضهم متصلا ، وبعضهم مرسلا . فاختلف أهل الحديث فيه هل الحكم لمن وصل ، أو لمن أرسل ، أو للأكثر ، أو للأحفظ ؟ على أربعة أقوال :

أحدها : أن الحكم لمن وصل ، وهو الأظهر الصحيح . كما صححه الخطيب . وقال ابن الصلاح : إنه الصحيح في الفقه وأصوله . وهذا معنى قوله : (ونسب) أي : ابن الصلاح الأول للنظار أن صححوه ، فالنظار هم أهل الفقه [ ص: 228 ] والأصول . وأن هنا مصدرية ، أي : تصحيحه . وهو بدل من قوله : (الأول) أي : ونسب تصحيح الأول للنظار . وسئل البخاري عن حديث : " لا نكاح إلا بولي " وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعي فرواه شعبة والثوري عنه ، عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، ورواه إسرائيل بن يونس في آخرين ، عن جده أبي إسحاق ، عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلا ، فحكم البخاري لمن وصله ، وقال : الزيادة من الثقة مقبولة . هذا مع أن من أرسله شعبة وسفيان ، وهما جبلان في الحفظ والإتقان .

[ ص: 229 ] [ ص: 230 ] [ ص: 231 ] [ ص: 232 ] والقول الثاني : أن الحكم لمن أرسل . وحكاه الخطيب عن أكثر أصحاب الحديث ، وهذا معنى قوله : ( وقيل بل إرساله للأكثر ) . وقوله : (للأكثر) ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : وقيل الحكم لإرساله ، وهذا للأكثر ، أي : قول الأكثر .

والقول الثالث : أن الحكم للأكثر ، فإن كان من أرسله أكثر ممن وصله ، فالحكم للإرسال ، وإن كان من وصله أكثر ، فالحكم للوصل .

والقول الرابع : أن الحكم للأحفظ ، فإن كان من أرسل أحفظ ، فالحكم له ، وإن كان من وصل أحفظ فالحكم له ، وهذا معنى قوله : وقيل : الأكثر ، وقيل : الأحفظ . وكلاهما خبر مبتدأ محذوف تقديره : وقيل : المعتبر الأكثر ، وقيل : الأحفظ .

وينبني على هذا القول الرابع - وهو أن الحكم للأحفظ - ما إذا أرسل الأحفظ ، فهل يقدح ذلك في عدالة من وصله ، وأهليته ، أو لا ؟ فيه قولان : أصحهما ، وبه صدر ابن الصلاح كلامه أنه : لا يقدح . قال : ومنهم من قال : يقدح في مسنده ، وفي [ ص: 233 ] عدالته ، وفي أهليته . وهذا معنى قوله : ( ثم فما إرسال عدل يحفظ . . . ) إلى آخره . وقوله : ( أو مسنده ) أي : وما أسنده من الحديث غير هذا الذي أرسله من هو أحفظ; لأن هذا بناء على أن الحكم للأحفظ ، وقد أرسل ، فلا شك في قدحه في هذا المسند على هذا القول . وقوله : ( ورأوا أن الأصح الحكم للرفع ) . أشار به إلى مسألة تعارض الرفع والوقف . وهو ما إذا رفع بعض الثقات حديثا ، ووقفه بعض الثقات ، فالحكم على الأصح ، كما قال ابن الصلاح ، لما زاده الثقة من الرفع; لأنه مثبت ، وغيره ساكت ، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه; لأنه علم ما خفي عليه .

وقوله : ( ولو من واحد في ذا وذا ) . أشار به إلى ما إذا وقع الاختلاف من راو واحد ثقة في المسألتين معا فوصله في وقت وأرسله في وقت ، أو رفعه في وقت ، ووقفه في وقت ، فالحكم على الأصح لوصله ورفعه ، لا لإرساله ووقفه . هكذا صححه ابن الصلاح . وأما الأصوليون فصححوا أن الاعتبار بما وقع منه أكثر . فإن وقع وصله ، أو رفعه أكثر من إرساله ، أو وقفه; فالحكم للوصل ، والرفع . وإن كان الإرسال ، أو الوقف أكثر ، فالحكم له .

التالي السابق


الخدمات العلمية