التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
الإعراب:

فتح السين وكسرها في {يحسب} في المستقبل خاصة لغتان.

{إلحافا} : مصدر في موضع الحال.

وقوله: وذروا ما بقي من الربا : يجيء الإسكان في {بقي} على ما [ ص: 622 ] ما قدمناه من تشبيه الياء بالألف، ومثله قوله: [من البسيط]


هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف

ومن قرأ: {الربو} بالواو; فوجهها: أنه فخم الألف، فانتحى بها [نحو الواو التي الألف منها]، ولا ينبغي أن يحمل على غير هذا الوجه; إذ ليس في الكلام اسم آخره واو ساكنة قبلها ضمة.

وقد تقدم القول في: {فأذنوا} ، وفي: وإن كان ذو عسرة .

ومن قرأ: {فنظرة} ، فهو مسكن من (نظرة) ؛ استخفافا، ومن قرأ: {فناظرة} ؛ فمعناه: فمسامحة، يقال: (تناظر القوم بينهم الحقوق) ؛ إذا أخروها.

[ ص: 623 ] {ميسرة} : فتح السين وضمها لغتان، الضم مثل: (المقبرة) ، و(المقدرة) ، والفتح أكثر.

ومن قرأ: {ميسره} ؛ فهو شاذ، لا يعلم في الكلام (مفعل) بغير هاء ووجهها: أنه أراد: إلى ميسرته، فحذف هاء التأنيث، كما قال: [من الرمل].


أبلغ النعمان عني مألكا     أنه قد طال حبسي وانتظاري

يريد: مألكة، فحذف.

{تصدقوا} : بالتخفيف على حذف إحدى التاءين، والتشديد على الإدغام.

فرجل وامرأتان : من أسكن الهمزة; احتمل أن يكون شبهها بالألف; لاتفاقهما في الجهر، والزيادة، والبدل، والحذف، والخفاء، وقرب المخرج، فسكنها، ويحتمل أن يكون خففها بإبدالها ألفا على غير قياس، ثم قلبت الألف همزة، كما قالوا: (الخأتم) ، و (العألم) ، وكما قرأ ابن كثير : {وكشفت عن سأقيها} [النمل: 44].

[ ص: 624 ] وقوله: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى : من كسر {أن} ، ورفع {فتذكر} ؛ فهو شرط، وجوابه: {فتذكر} ، والتقدير: (فهما تذكر إحداهما الأخرى) ، وموضع الشرط وجوابه رفع بأنه نعت للمرأتين، وقوله: {فرجل} : ابتداء، {وامرأتان} : معطوف عليه، والخبر محذوف، والتقدير: (فرجل وامرأتان، ممن ترضون من الشهداء، إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى; يقومون مقام الرجلين) .

وقيل: التقدير: (فرجل وامرأتان، ممن ترضون من الشهداء، إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى; يشهدون) ، فالخبر [مضمر بعد {إن} التي للشرط; لأن الشرط وجوابه صفة للمرأتين.

ومن فتح {إن} ؛ فهي مفعول له]، والعامل فيها فعل محذوف يدل عليه الكلام; لأن معنى فرجل وامرأتان : استشهدوا رجلا وامرأتين; لأن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.

وذكر الضلال; لأنه سبب الإذكار، وإنما أمروا أن يستشهدوا للإذكار، لا [ ص: 625 ] للضلال، ومثله: (أعددت الخشبة أن يميل الحائط، فأدعمه) ، فإعداد الخشبة للدعم لا للميلان.

ويجوز ارتفاع فرجل وامرأتان على إضمار (كان) ، والمعنى: (فليكن رجل وامرأتان ممن يشهدون) ؛ فـ (رجل) : اسم (كان) ، و(ممن يشهدون) : الخبر، و أن تضل : متعلق بـ (تكن) ، والتقدير: (فلتكن شهادة رجل وامرأتين) ، فحذف المضاف، وحسن إضمار (كان) ؛ لتقدم ذكرها في: فإن لم يكونا رجلين .

ويجوز أن تقدر (كان) بمعنى: (وقع) ، ويكون إضمار شيء واحد أحسن من إضمار شيئين; فالمعنى: فليحدث شهادة رجل وامرأتين; لأن تضل.

ومن نصب {فتذكر} ؛ فهو معطوف على {تضل} على قراءة من فتح {أن} ، ومن رفع; فعلى: (فهما تذكر) ، على ما قدمناه.

وموضع {أن} من أن تكتبوه نصب على معنى: (لا تملوا من أن تكتبوه) .

صغيرا أو كبيرا : حالان من (الهاء) في تكتبوه ، وهي عائدة على (الدين) .

إلا أن تكون تجارة حاضرة : النصب على تقدير: (إلا أن يكون المتبايع تجارة حاضرة) ، والرفع على تقدير: (إلا أن تقع تجارة حاضرة) .

[ ص: 626 ] ولم تجدوا كاتبا : من قرأ: {كتابا} ؛ احتمال أن يكون مصدر (كتب) ، واحتمل أن يراد الكتاب الذي يكتب فيه.

ومن قرأ: {كتابا} ؛ فجمع (كاتب) ، و {كتبا} ؛ جمع (كتاب) .

{فرهان} : ابتداء، والخبر محذوف، المعنى: فرهان مقبوضة تكفي من ذلك.

و(رهان) : جمع (رهن) ؛ كـ (كعب وكعاب) ، ويجوز أن يكون جمع (رهن) ، و(رهن) : [جمع (رهن) ، إلا أن سيبويه لا يرى الإقدام على جمع الجمع إلا بسماع.

و(رهن) : يحتمل أن يكون جمع (رهن) ]; (كسقف وسقف) ، ويجوز أن يكون جمع (رهان) ، و(رهان) : جمع (رهن) ، وإسكان الهاء من {رهن} تخفيف.

فإنه آثم قلبه : {آثم} : خبر (إن) ، و {قلبه} : رفع بفعله.

ويحتمل أن يرتفع {آثم} بالابتداء، و {قلبه} بفعله، ويسد مسد الخبر، والجملة خبر (إن) .

ويحتمل أن يرتفع {قلبه} بالابتداء، و {آثم} : خبره، والجملة خبر (إن) .

[ ص: 627 ] ويحتمل أن يكون {آثم} خبر (إن) ، و {قلبه} : بدل من المضمر في {آثم} ؛ بدل بعض من كل.

وأجاز أبو حاتم نصب {قلبه} بـ {آثم} على التفسير، وهو بعيد; لأنه معرفة.

فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء : من جزم; عطف على {يحاسبكم} ، ومن رفع; قطعه من الأول، ومن نصب; فبإضمار (أن) ، وهو معطوف على المعنى، حسب ما قدمناه في فيضاعفه له .

كل آمن بالله : وحد {آمن} على لفظ {كل} ، ويجوز في غير القرآن: {كل آمنوا} على المعنى.

ومن قرأ: {وكتابه} على التوحيد; احتمل أن يكون واحدا يراد به الكثرة، واحتمل أن يكون مصدرا بمعنى: المكتوب، فيكون كـ (الخلق) يراد به: المخلوق، وشبهه.

[ ص: 628 ] ومن قرأ: {وكتبه} ؛ فهو جمع (كتاب) ، يقويه أن قبله: {وملائكته} ، وبعده: {ورسله} .

ومن قرأ: {لا يفرق} بالياء; فلأن قبله: كل آمن بالله ، فهو محمول على {كل} ، والنون على معنى: قالوا: لا نفرق.

وتقدم ذكر انتصاب {غفرانك} ، وأجاز الفراء رفعه; على معنى: (غفرانك بغيتنا) .

وضم الهمزة في (الإصر) يحتمل أن يكون لغة فيه.

ومن فتح ياءات الإضافة; فهو الأصل; لأنها بإزاء كاف المخاطب وشبهها، ومن أسكنها; أراد التخفيف، وقد كرهوا الفتح في الياء في مواضع; نحو: (قالي قلا) ، و(معدي كرب) ، والياء في موضع فتح; لأنه بمنزلة: (حضرموت) .

ومن اختص الفتح عند الهمزة; فعلته: أن الهمزة من حروف قد يفتح لها ما لا يفتح لغيرها; نحو: (يبرأ) و(يقرأ) .

ومن فتح عند الهمزة المفتوحة والمكسورة دون المضمومة; فلأن التغيير للمضمومة قليل، ولذلك لم يغيروا في نحو: {رءوف} ، كما غيروا في نحو:

[ ص: 629 ] (رجل جئز) ، ولا يعتد بتغييرهم في نحو: (يقرأ) ؛ لأن ضمته للإعراب، فهي لا يعتد بها، كما لم يعتدوا بها في نحو: (كتف) ، فكسروا التاء، وليس في الكلام مثل: (فعل) ، ويقوي فتح الياء مع الهمزة دون غيرها: أنه أشد بيانا لها، وكما بين حرف المد واللين عند الهمزة بالمد، كذلك بينت الياء بالحركة.

ومن خالف ما أصله في بعض الياءات; فمنه ما يكون لعلة; نحو مراعاة أبي عمرو طول الكلمة في نحو: ليحزنني أن [يوسف: 13]، وشبهه، فكره أن يزيد في طولها بالحركة، ونحو مخالفة من خالف أصله في: آبائي إبراهيم [يوسف: 38]; ليبعد بالحركة ما بين الهمزتين، ومن ذلك ما يكون اتباعا للرواية، وجمعا بين اللغتين.

فأما المحذوفات; فمن حذف جميعها اتبع خط المصحف، [والعرب تستعمل الحذف في ذلك كثيرا، والاكتفاء بالكسرة، وقد بسطنا ذلك في «الكبير» ، وسنذكر طرفا منه في أصول القراءات] من آخر هذا المختصر إن شاء الله تعالى.

ومن أثبت في الوصل، وحذف في الوقف; فلأنها في الوصل في نية حركة، فأجراه مجرى الياءات المتحركة في نحو: يتبعون الداعي [طه: 108]، و(رأيت [ ص: 630 ] القاضي) ، فإذا وقف عليها كانت في نية السكون، فحذفت كما تحذف الصلة في نحو: من عنده [المائدة: 52]، و {وأمه} [المائدة: 17].

ومن أثبت في الحالين; جاء بها على الأصل، وليس ذلك بخلاف للخط; لأنهم كثيرا ما يحذفون حروف المد واللين فيه، وهي ثابتة في التلاوة.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية