التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

صفحة جزء
التفسير :

قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وغيرهما : {المرسلات} : الرياح ، {عرفا} أي : يتبع بعضها بعضا؛ كتتابع عرف الفرس .

أبو صالح : {المرسلات} : الرسل ، مسروق : الملائكة ، و {عرفا} : على أن تكون متتابعة ، أو على معنى : ترسل بالعرف .

وقوله : فالعاصفات عصفا : الرياح بغير اختلاف .

وقوله : والناشرات نشرا : قال ابن مسعود ، ومجاهد ، وغيرهما : هي الرياح تنشر السحاب للغيث .

وروي ذلك عن أبي صالح ، وعنه أيضا : الأمطار؛ لأنها تنشر النبات ، وروى عنه السدي : أنها الملائكة تنشر كتب الله عز وجل .

وقوله : فالفارقات فرقا : الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل .

قتادة : هي آيات القرآن .

وقوله : فالملقيات ذكرا : الملائكة بإجماع؛ أي : تلقي كتب الله إلى الأنبياء [ ص: 561 ] عليهم السلام .

عذرا أو نذرا أي : تلقي الوحي إعذارا أو إنذارا .

وقوله : إنما توعدون لواقع : هذا جواب القسم .

فإذا النجوم طمست : أي : ذهب ضوءها .

وإذا السماء فرجت : أي : شقت .

وإذا الجبال نسفت أي : أذهبت .

وإذا الرسل أقتت : جمعت لوقت ، و {أقتت} بالهمز : على قلب الواو همزة .

لأي يوم أجلت : تعظيم ليوم الفصل؛ أي : ليوم الفصل أجلت .

وقوله : ألم نهلك الأولين يعني : قوم نوح عليه السلام .

ثم نتبعهم الآخرين : من أهلك بعدهم من الأمم .

كذلك نفعل بالمجرمين يعني : من كفر بمحمد عليه الصلاة والسلام .

وتقدم القول في معنى ماء مهين ، و قرار مكين .

وقوله تعالى : إلى قدر معلوم يعني : وقت الولادة ، عن مجاهد ، وقيل : إلى أن يصور .

[ ص: 562 ] وقوله : {فقدرنا} أي : قدرنا الشقي والسعيد ، فنعم المقدرون ، رواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المعنى : قدرنا طويلا أو قصيرا ، ونحوه .

ابن عباس : (قدرنا) : ملكنا ، وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .

وحكى الكسائي ، وغيره : أن التخفيف والتشديد بمعنى .

وقوله : ألم نجعل الأرض كفاتا معنى (الكفات) : الوعاء ، يقال : (كفت الشيء) ؛ إذا جمعته ، فظهر الأرض يجمع الأحياء ، وبطنها يجمع الأموات ، قال معناه مجاهد ، وغيره .

وقوله : وجعلنا فيها رواسي شامخات أي : جبالا طوالا .

وقوله : انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب قال قتادة : هو دخان من جهنم ، ينقسم إلى ثلاث شعب ، وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله يظل المؤمنين حين تدنو الشمس من رؤوس الخلائق ، ويقال للكفار : انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ، فينطلقون إلى دخان عظيم" .

وقوله : إنها ترمي بشرر كالقصر (القصر) : واحد القصور المبنية؛ والمعنى [ ص: 563 ] أن كل شررة ترمي بها جهنم في عظمها كالقصر ، روي ذلك عن ابن عباس ومجاهد ، وعن ابن عباس أيضا : أن (القصر) : أصول الشجر ، واحدته : (قصرة) ؛ كـ (جمرة ، وجمر) .

ومن قرأ بفتح الصاد؛ أراد : قصر النخل؛ أي : أعناقها ، قاله ابن عباس ، وقيل : (القصر) : جمع (قصرة) ؛ وهي الخشبة القصيرة .

ومن قرأ بكسر القاف وفتح الصاد؛ جاز أن يكون مثل : (حلقة ، وحلق) ، لحلق الحديد ، حكاه أبو الفتح ، وأبو حاتم ، قال أبو حاتم : كما قالوا : (حاجة ، وحوج) .

وقوله : كأنه جمالت صفر : قال مجاهد ، وقتادة : أي : كأنه أينق سود ، وسمي الأسود من الإبل أصفر؛ لأن سواده تعلوه صفرة .

[ ص: 564 ] وعن ابن عباس في جمالت صفر : أنها قلوس السفينة؛ أي : حبالها ، وواحد (القلوس) : (قلس) ، وعنه أيضا : أنها قطع النحاس .

ومن قرأ : {جمالات} ؛ بضم الجيم؛ فهي حبال السفينة ، يضم بعضها إلى بعض .

و (الجمالات) : يجوز أن تكون جمع (جمل) ، ويجوز أن تكون جمع (جمالة) ، [ و (جمالة) جمع (جمل) ] ، والهاء في (جمالة) لتأنيث الجمع؛ كـ (حجر ، وحجارة) .

وقوله : هذا يوم لا ينطقون : قد تقدم القول فيه .

وقوله : فإن كان لكم كيد فكيدون : (الكيد) : الحيلة؛ والمعنى : أنكم كنتم في الدنيا تعملون بالمعاصي ، وقد عجزتم الآن عنها ، وعن الدفع عن أنفسكم ، فأنتم لا تفوتون ، ولا تعجزون .

وقيل : إنه من قول النبي عليه الصلاة والسلام ، فيكون كقول هود عليه السلام : فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون [هود : 55] .

[ ص: 565 ] وقوله : كلوا وتمتعوا قليلا بعد ذكر المتقين : هو مردود إلى ما تقدم قبل ذكرهم ، وهو وعيد وتهدد .

وقوله : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون : قال ابن عباس : هذا في الآخرة؛ كقوله : ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون [القلم : 42] .

قتادة : هو في الدنيا؛ والمراد بـ (الركوع) : قيل : الركوع نفسه ، وقيل : السجود ، وقيل : الصلاة كلها .

وتكرار ويل يومئذ للمكذبين بمعنى : تكرار التخويف والوعيد ، وقيل : ليس بتكرار؛ لأن كل واحد منها على إثر شيء غير الشيء الآخر؛ فالمعنى : ويل يومئذ للمكذبين بما تقدم ذكره .

وقوله : فبأي حديث بعده يؤمنون أي : بعد القرآن .

التالي السابق


الخدمات العلمية