قوله تعالى : 
ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا ويل يومئذ للمكذبين فيه مسألتان : 
الأولى : 
قوله تعالى : ألم نجعل الأرض كفاتا أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب 
مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله - عليه السلام - : 
قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم وقد مضى في ( البقرة ) بيانه يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته ، والكفت : الضم والجمع ; وأنشد 
 nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه    : 
كرام حين تنكفت الأفاعي إلى أحجارهن من الصقيع 
وقال 
أبو عبيد    : كفاتا أوعية . ويقال للنحي : كفت وكفيت ; لأنه يحوي اللبن ويضمه قال : 
فأنت اليوم فوق الأرض حي     وأنت غدا تضمك في كفات 
وخرج 
الشعبي  في جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء   . 
والثانية : روي عن 
ربيعة  في 
النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال : إن الله - عز وجل - يقول : ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا فالأرض حرز . وقد مضى هذا في سورة ( المائدة ) . وكانوا يسمون 
بقيع الغرقد  كفتة ، لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ; إذ لا ضم في كون الناس عليها ، والضم يشير إلى   
[ ص: 141 ] الاحتفاف من جميع الوجوه . 
وقال 
الأخفش  وأبو عبيدة  ومجاهد  في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض ، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت ، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال 
الفراء    : انتصب أحياء وأمواتا بوقوع الكفات عليه ; أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ; كقوله تعالى : 
أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما   . وقيل : نصب على الحال من الأرض ، أي منها كذا ومنها كذا . وقال 
الأخفش    : كفاتا جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع . وقال 
الخليل    : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر . ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها . 
وجعلنا فيها أي في الأرض 
رواسي شامخات يعني الجبال ، والرواسي الثوابت ، والشامخات الطوال ; ومنه يقال : شمخ بأنفه إذا رفعه كبرا . 
وأسقيناكم ماء فراتا أي وجعلنا لكم سقيا . والفرات : الماء العذب يشرب ويسقى منه الزرع . أي خلقنا الجبال وأنزلنا الماء الفرات . وهذه الأمور أعجب من البعث . وفي بعض الحديث قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة    : في الأرض من الجنة الفرات والدجلة ونهر الأردن   . وفي صحيح 
مسلم    : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=866123سيحان  وجيحان  والنيل  والفرات  كل من أنهار الجنة   .