صفحة جزء
كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص

2415 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من رجل إلا سيكلمه ربه يوم القيامة وليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ثم ينظر أشأم منه فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن يقي وجهه حر النار ولو بشق تمرة فليفعل قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح حدثنا أبو السائب حدثنا وكيع يوما بهذا الحديث عن الأعمش فلما فرغ وكيع من هذا الحديث قال من كان ها هنا من أهل خراسان فليحتسب في إظهار هذا الحديث بخراسان لأن الجهمية ينكرون هذا اسم أبي السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة الكوفي
[ ص: 83 ] قوله : ( ما منكم من رجل ) " من " مزيدة لاستغراق النفي والخطاب للمؤمنين ( إلا سيكلمه ربه ) أي بلا واسطة والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال ( وليس بينه وبينه ) أي بين الرب والعبد ( ترجمان ) بفتح الفوقية وسكون الراء وضم الجيم وكزعفران على ما في القاموس أي مفسر للكلام بلغة عن لغة يقال ترجمت عنه ، والفعل يدل على أصالة التاء . وفي التهذيب : التاء أصلية وليست بزائدة والكلمة رباعية ( ثم ينظر ) أي ذلك العبد أيمن منه أي من ذلك الموقف ، وقيل ضمير " منه " راجع إلى العبد والمآل واحد والمعنى ينظر في الجانب الذي على يمينه ( فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ) أي من عمله الصالح .

وفي المشكاة : فلا يرى إلا ما قدم من عمله ( ثم ينظر أشأم منه ) أي في الجانب الذي في شماله ( فلا يرى شيئا إلا شيئا قدمه ) أي من عمله السيئ وإن النصب في " أيمن وأشأم " على الظرفية والمراد بهما اليمين والشمال . فقيل : نظر اليمين والشمال هنا كالمثل لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينا وشمالا يطلب الغوث . قال الحافظ : ويحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقة يذهب فيها ليحصل له النجاة من النار فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار ( ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار ) قال ابن هبيرة [ ص: 84 ] والسبب في ذلك أن النار تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها ، إذ لا بد له من المرور على الصراط ( ولو بشق تمرة ) أي ولو بمقدار نصفها أو ببعضها . والمعنى : ولو بشيء يسير منها أو من غيرها . وفي رواية البخاري : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة . قال الحافظ : أي اجعلوا بينكم وبينها وقاية من الصدقة وعمل البر ولو بشيء يسير .

قوله : ( حدثنا أبو السائب ) اسمه سلم بن جنادة بن سلم السوائي بضم المهملة الكوفي ثقة ربما خالف ، من العاشرة ( فليحتسب ) أي فليطلب الثواب من الله تعالى ( في إظهار هذا الحديث بخراسان ) إنما خص وكيع بإظهار هذا الحديث بخراسان ؛ لأنه كان فيها الجهمية النافون لصفات الله تعالى ( لأن الجهمية ينكرون هذا ) أي كلام الله تعالى . قال الكرماني : الجهمية فرقة من المبتدعة ينتسبون إلى جهم بن صفوان مقدم الطائفة القائلة : إن لا قدرة للعبد أصلا وهم الجبرية بفتح الجيم وسكون الموحدة ، ومات مقتولا في زمن هشام بن عبد الملك ، انتهى . قال الحافظ : وليس الذي أنكروه على الجهمية مذهب الجبر خاصة ، وإنما الذي أطبق السلف على ذمهم بسببه إنكار الصفات حتى قالوا : إن القرآن ليس كلام الله وإنه مخلوق . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

التالي السابق


الخدمات العلمية