صفحة جزء
قال أبو جعفر محمد بن أبي حاتم : سمعت بعض أصحابي يقول : [ ص: 417 ] كنت عند محمد بن سلام ، فدخل عليه محمد بن إسماعيل ، فلما خرج قال محمد بن سلام : كلما دخل علي هذا الصبي تحيرت ، وألبس علي أمر الحديث وغيره . ولا أزال خائفا ما لم يخرج .

قال أبو جعفر : سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول : كنت عند محمد بن سلام البيكندي ، فقال : لو جئت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث . قال : فخرجت في طلبه حتى لحقته . قال : أنت الذي يقول : إنى أحفظ سبعين ألف حديث ؟ قال : نعم ، وأكثر . ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم ، ولست أروي حديثا من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن كتاب الله ، وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم .

وقال أبو جعفر : حدثني بعض أصحابي : أن أبا عبد الله البخاري صار إلى أبي إسحاق السرماري عائدا ، فلما خرج من عنده قال أبو إسحاق : من أراد أن ينظر إلى فقيه بحقه وصدقه ، فلينظر إلى محمد بن إسماعيل وأجلسه على حجره .

وقال أبو جعفر : قال لي بعض أصحابي : كنت عند محمد بن [ ص: 418 ] سلام ، فدخل عليه محمد بن إسماعيل حين قدم من العراق ، فأخبره بمحنة الناس ، وما صنع ابن حنبل وغيره من الأمور . فلما خرج من عنده قال محمد بن سلام لمن حضره : أترون البكر أشد حياء من هذا ؟ .

وقال أبو جعفر : سمعت يحيى بن جعفر يقول : لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلت ، فإن موتي يكون موت رجل واحد ، وموته ذهاب العلم .

قال : وسمعت يحيى بن جعفر-وهو البيكندي- يقول لمحمد بن إسماعيل : لولا أنت ما استطبت العيش ببخارى .

وقال : سمعت محمد بن يوسف يقول : كنا عند أبي رجاء ، هو قتيبة ، فسئل عن طلاق السكران ، فقال : هذا أحمد بن حنبل وابن المديني وابن راهويه قد ساقهم الله إليك ، وأشار إلى محمد بن إسماعيل . وكان مذهب محمد أنه إذا كان مغلوب العقل حتى لا يذكر ما يحدث في سكره ، أنه لا يجوز عليه من أمره شيء .

قال محمد : وسمعت عبد الله بن سعيد بن جعفر يقول : لما مات أحمد بن حرب النيسابوري ركب محمد وإسحاق يشيعان جنازته . فكنت أسمع أهل المعرفة بنيسابور ينظرون ، ويقولون : محمد أفقه من إسحاق . [ ص: 419 ]

وقال : سمعت عمر بن حفص الأشقر ، سمعت عبدان يقول : ما رأيت بعيني شابا أبصر من هذا ، وأشار بيده إلى محمد بن إسماعيل .

وقال : سمعت صالح بن مسمار المروزي يقول : سمعت نعيم بن حماد يقول : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة .

وقال : سمعت إبراهيم بن خالد المروزي ، يقول : قال مسدد : لا تختاروا على محمد بن إسماعيل ، يا أهل خراسان .

وقال : سمعت موسى بن قريش يقول : قال عبد الله بن يوسف للبخاري : يا أبا عبد الله ، انظر في كتبي ، وأخبرني بما فيه من السقط ، قال : نعم .

وقال محمد : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : كنت إذا دخلت على سليمان بن حرب يقول : بين لنا غلط شعبة .

قال : وسمعته يقول : اجتمع أصحاب الحديث ، فسألوني أن أكلم إسماعيل بن أبي أويس ليزيدهم في القراءة ، ففعلت ، فدعا إسماعيل الجارية ، وأمرها أن تخرج صرة دنانير ، وقال : يا أبا عبد الله ، فرقها عليهم .

قلت : إنما أرادوا الحديث . قال : قد أجبتك إلى ما طلبت من الزيادة ، غير أني أحب أن يضم هذا إلى ذاك ليظهر أثرك فيهم . [ ص: 420 ]

وقال : حدثني حاشد بن إسماعيل قال : لما قدم محمد بن إسماعيل على سليمان بن حرب نظر إليه سليمان ، فقال : هذا يكون له يوما صوت .

وقال خلف الخيام : حدثنا إسحاق بن أحمد بن خلف ، سمعت أحمد بن عبد السلام : قال : ذكرنا قول البخاري لعلي بن المديني -يعني : ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني - فقال علي : دعوا هذا ، فإن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه .

وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت أبا عبد الله يقول : ذاكرني أصحاب عمرو بن علي الفلاس بحديث ، فقلت : لا أعرفه ، فسروا بذلك ، وصاروا إلى عمرو ، فأخبروه ، فقال : حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث .

وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت حاشد بن عبد الله يقول : قال لي أبو مصعب الزهري : محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر [ بالحديث ] من أحمد بن حنبل . فقيل له : جاوزت الحد . فقال للرجل : لو أدركت مالكا ، ونظرت إلى وجهه ووجه محمد بن إسماعيل ، لقلت : كلاهما واحد في الفقه والحديث . [ ص: 421 ]

قال : وسمعت حاشد بن إسماعيل يقول : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : اكتبوا عن هذا الشاب -يعني : البخاري - فلو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفقهه .

قال : وسمعت علي بن حجر يقول : أخرجت خراسان ثلاثة : أبو زرعة ، ومحمد بن إسماعيل ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي . ومحمد عندي أبصرهم وأعلمهم وأفقههم .

قال : وأوردت على علي بن حجر كتاب أبي عبد الله ، فلما قرأه قال : كيف خلفت ذلك الكبش ؟ فقلت : بخير . فقال : لا أعلم مثله .

وقال أحمد بن الضوء : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير يقولان : ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل .

وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل .

وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي : سمعت بندارا محمد بن بشار سنة ثمان وعشرين ومائتين يقول : ما قدم علينا مثل محمد بن إسماعيل . [ ص: 422 ]

وقال حاشد بن إسماعيل : كنت بالبصرة ، فسمعت قدوم محمد بن إسماعيل ، فلما قدم قال بندار : اليوم دخل سيد الفقهاء .

وقال محمد : سمعت أبا عبد الله . يقول : قال لي محمد بن بشار : إن ثوبي لا يمس جلدي مثلا ، ما لم ترجع إلي ، أخاف أن تجد في حديثي شيئا يسقمني . فإذا رجعت فنظرت في حديثي طابت نفسي ، وأمنت مما أخاف .

وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت إبراهيم بن خالد المروزي ، يقول : رأيت أبا عمار الحسين بن حريث يثني على أبي عبد الله البخاري ، ويقول : لا أعلم أني رأيت مثله ، كأنه لم يخلق إلا للحديث .

وقال محمد : سمعت محمود بن النضر أبا سهل الشافعي يقول : دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ، ورأيت علماءها ، كلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم .

وقال : سمعت محمد بن يوسف يقول : لما دخلت البصرة صرت إلى بندار ، فقال لي : من أين أنت؟ قلت : من خراسان . قال : من أيها ؟ قلت : من بخارى ، قال : تعرف محمد بن إسماعيل ؟ قلت : أنا من قرابته . فكان بعد ذلك يرفعني فوق الناس . [ ص: 423 ]

قال محمد : وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : لما دخلت البصرة صرت إلى مجلس بندار ، فلما وقع بصره علي ، قال : من أين الفتى ؟ قلت : من أهل بخارى فقال لي : كيف تركت أبا عبد الله ؟ فأمسكت ، فقالوا له : يرحمك الله هو أبو عبد الله ، فقام ، وأخذ بيدي ، وعانقني ، وقال : مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين .

قال : وسمعت حاشد بن إسماعيل ، سمعت محمد بن بشار يقول : لم يدخل البصرة رجل أعلم بالحديث من أخينا أبي عبد الله . قال : فلما أراد الخروج ودعه محمد بن بشار ، وقال : يا أبا عبد الله ، موعدنا الحشر أن لا نلتقي بعد .

وقال أبو قريش محمد بن جمعة الحافظ : سمعت محمد بن بشار : يقول : حفاظ الدنيا أربعة : أبو زرعة بالري ، والدارمي بسمرقند ، ومحمد بن إسماعيل ببخارى ، ومسلم بنيسابور .

وقال محمد بن عمر بن الأشعث البيكندي : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل ، سمعت أبي يقول : انتهى الحفظ إلى أربعة من أهل خراسان : أبو زرعة الرازي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وعبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ، والحسن بن شجاع البلخي .

قال ابن الأشعث : فحكيت هذا لمحمد بن عقيل البلخي ، فأطرى ذكر ابن شجاع ، فقلت له : لم لم يشتهر ؟ قال : لأنه لم يمتع بالعمر . [ ص: 424 ]

قلت : هذا ابن شجاع : رحل وسمع مكي بن إبراهيم ، وعبيد الله بن موسى ، وأبا مسهر . وتوفي سنة أربع وأربعين .

وقال نصر بن زكريا المروزي : سمعت قتيبة بن سعيد يقول : شباب خراسان أربعة : محمد بن إسماعيل ، وعبد الله بن عبد الرحمن ، يعني الدارمي ، وزكريا بن يحيى اللؤلؤي ، والحسن بن شجاع .

وقال محمد بن أبي حاتم : سمعت جعفرا الفربري يقول ، سمعت عبد الله بن منير يقول : أنا من تلاميذ محمد بن إسماعيل ، وهو معلمي ورأيته يكتب عن محمد .

وقال محمد : حدثنا حاشد بن عبد الله بن عبد الواحد ، سمعت يعقوب بن إبراهيم الدورقي يقول : محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة .

عن أبي جعفر المسندي قال : حفاظ زماننا ثلاثة : محمد بن إسماعيل ، وحاشد بن إسماعيل ، ويحيى بن سهل .

وقال محمد : حدثني جعفر بن محمد الفربري قال : خرج رجل من أصحاب عبد الله بن منير ، رحمه الله إلى بخارى في حاجة له . فلما رجع قال له ابن منير : لقيت أبا عبد الله؟ قال : لا . فطرده ، وقال : ما فيك بعد هذا خير . إذ قدمت بخارى ولم تصر إلى أبي عبد الله محمد بن إسماعيل . [ ص: 425 ]

وقال محمد : سمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول : حضرت أبا بكر بن أبي شيبة ، فرأيت رجلا يقول في مجلسه : ناظر أبو بكر أبا عبد الله في أحاديث سفيان ، فعرف كلها ، ثم أقبل محمد عليه ، فأغرب عليه مائتي حديث . فكان أبو بكر بعد ذلك يقول : ذاك الفتى البازل -والبازل الجمل المسن- إلا أنه يريد هاهنا البصير بالعلم ، الشجاع .

وسمعت إبراهيم بن محمد بن سلام يقول : إن الرتوت من أصحاب الحديث مثل سعيد بن أبي مريم ، ونعيم بن حماد ، والحميدي ، وحجاج بن منهال ، وإسماعيل بن أبي أويس ، والعدني ، والحسن الخلال بمكة ، ومحمد بن ميمون صاحب ابن عيينة ، ومحمد بن العلاء ، والأشج ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، وإبراهيم بن موسى الفراء ، كانوا يهابون محمد بن إسماعيل ، ويقضون له على أنفسهم في المعرفة والنظر .

وقال محمد : حدثني حاتم بن مالك الوراق ؟ ، قال : سمعت علماء مكة يقولون : محمد بن إسماعيل إمامنا وفقيهنا وفقيه خراسان .

وقال محمد : سمعت أبي رحمه الله يقول : كان محمد بن إسماعيل يختلف إلى أبي حفص أحمد بن حفص البخاري وهو صغير ، فسمعت أبا [ ص: 426 ] حفص يقول : هذا شاب كيس ، أرجو أن يكون له صيت وذكر .

وقال محمد : سمعت أبا سهل محمودا الشافعي يقول : سمعت أكثر من ثلاثين عالما من علماء مصر ، يقولون : حاجتنا من الدنيا النظر في " تاريخ " محمد بن إسماعيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية