صفحة جزء
3821 - وعن أنس رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " جاهدوا المشركين بأموالكم ، وأنفسكم ، وألسنتكم . رواه أبو داود ، والنسائي والدارمي .


3821 - ( وعن أنس رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : جاهدوا المشركين ) : أي : قاتلوهم ، وهو بظاهره يشمل الحرم والأشهر الحرم والبدء بالقتال . قال ابن الهمام : وقتال الكفار الذين لم يسلموا وهم من مشركي العرب ، أو لم يسلموا ولم يعطوا الجزية من غيرهم واجب وإن لم يبدؤونا ; لأن الأدلة الموجبة له لم تقيد الوجوب ببدئهم خلافا لما نقل عن الثوري . والزمان الخاص كالأشهر الحرم وغيرها سواء خلافا لعطاء ، ولقد استبعد ما عن الثوري . وتمسكه بقوله تعالى : ( فإن قاتلوكم فاقتلوهم ) فإنه لا يخفى عليه نسخه وصريح قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " الحديث . توجب ابتداءهم بأدنى تأمل ، وحاصر - صلى الله عليه وسلم - الطائف لعشر بقين من ذي الحجة إلى آخر المحرم ، أو إلى شهر ، وقد استدل على نسخ الحرمة في الأشهر الحرم بقوله تعالى : ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) وهو بناء على التحرز بلفظ : حيث في الزمان ، ولا شك أنه كثير في الاستعمال . وقوله : ( بأموالكم ) : أي : بالتجهيز ( وأنفسكم ) : أي : بالمباشرة ( وألسنتكم ) : أي : بدعوتهم إلى الله تعالى ، وقال المظهر : أي : جاهدوهم بها ; أي : بأن تذموهم وتعيبوهم وتسبوا أصنامهم ودينهم الباطل ، وبأن تخوفوهم بالقتل والأخذ وما أشبه ذلك ، فإن قلت : هذا يخالف قوله تعالى : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) قلت : كان المسلمون يسبون آلهتهم فنهوا ، لئلا يكون سبهم سببا لسب الله تعالى ، والنهي منصب على الفعل المعلل ، فإذا لم يؤد السب إلى سب الله تعالى جاز اه .

وفيه أنه سبب غالبي ، وعدم كونه سببا أمر موهوم فيتعين النهي ، لا سيما مبنى الأحكام الشرعية على أمور الغالبية ، مع أن حالة الاستواء ، بل وقت الاحتمال يرجح النهي ، نعم يمكن أن يكون النهي واردا على أن يكون الابتداء من المؤمنين ) ; لأنه ربما يكون سببا لسبهم ، أما إذا كان الابتداء منهم فليس كذا ; لأن هذا الخوف في الذين غلب الجهل والسفه عليهم من الكفار ، أما أكثرهم فيعظمون الله ! ويقولون : ( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) ( رواه أبو داود ، والنسائي ، والدارمي ) : وكذا أحمد وابن حبان والحاكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية