نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

صفحة جزء
[ ص: 53 - 68 ] باب الحدث في الصلاة ( ومن سبقه الحدث في الصلاة انصرف ، فإن كان إماما استخلف وتوضأ وبنى ) والقياس أن يستقبل ، وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى ، لأن الحدث ينافيها ، والمشي والانحراف يفسدانها ، فأشبه الحدث العمد . ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { من قاء أو رعف أو أمذى في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم }. [ ص: 69 - 70 ] وقال عليه الصلاة والسلام { إذا صلى أحدكم فقاء أو رعف فليضع يده على فمه ، وليقدم من لم يسبق بشيء }والبلوى فيما يسبق ، دون ما يتعمده ، فلا يلحق به ( والاستئناف أفضل ) تحرزا عن شبهة الخلاف ، وقيل : إن المنفرد يستقبل ، والإمام والمقتدي يبني صيانة لفضيلة الجماعة ( والمنفرد إن شاء أتم في منزله ، وإن شاء عاد إلى مكانه ، والمقتدي يعود إلى مكانه إلى أن يكون إمامه قد فرغ أو لا يكون بينهما حائل ) .

( ومن ظن أنه أحدث فخرج من المسجد ثم علم أنه لم يحدث استقبل الصلاة ، وإن لم يكن خرج من المسجد صلى ما بقي ) والقياس فيهما الاستقبال ، وهو رواية عن محمد رحمه الله ; لوجود الانصراف من غير عذر ، وجه الاستحسان أنه انصرف على قصد الإصلاح ، ألا ترى أنه لو تحقق ما توهمه بنى على صلاته ، فألحق قصد الإصلاح بحقيقته ما لم يختلف المكان بالخروج ، وإن كان استخلف فسدت ; لأنه عمل كثير من غير عذر ، وهذا [ ص: 71 ] بخلاف ما إذا ظن أنه افتتح الصلاة على غير وضوء فانصرف ، ثم علم أنه على وضوء ، حيث تفسد ، وإن لم يخرج ; لأن الانصراف على سبيل الرفض ; ألا ترى أنه لو تحقق ما توهمه يستقبل ، فهذا هو الحرف .

ومكان الصفوف في الصحراء له حكم المسجد ; ولو تقدم قدامه فالحد هو السترة ، وإن لم تكن فمقدار الصفوف خلفه ، وإن كان منفردا فموضع سجوده من كل جانب . ( وإن جن أو نام فاحتلم أو أغمي عليه استقبل ) لأنه يندر وجود هذه العوارض ، فلم يكن في معنى ما ورد به النص ، وكذلك إذا قهقه ; لأنه بمنزلة الكلام وهو قاطع .


باب الحدث في الصلاة

الحديث السادس والستون : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { من قاء أو رعف ، في صلاته ، فلينصرف ، وليتوضأ ، وليبن على صلاته ما لم يتكلم } ، قلت : تقدم في نواقض الوضوء من رواية عائشة . والخدري . فحديث عائشة أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من أصابه قيء أو رعاف أو قلس ، أو مذي ، فلينصرف ، فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم }. انتهى وأخرجه الدارقطني في " سننه " ، وقال : وأصحاب ابن جريج الحفاظ عنه يروونه عن ابن جريج عن أبيه مرسلا ، ثم أخرجه عن [ ص: 69 ] عبد الرزاق عن ابن جريج به مرسلا ، وقال : هذا هو الصحيح ، وكذلك رواه محمد بن عبد الله الأنصاري . وأبو عاصم النبيل . وعبد الوهاب بن عطاء . وغيرهم ، كما رواه عبد الرزاق ، وقد تابع إسماعيل بن عياش سليمان بن أرقم ، ثم أخرجه عن سليمان بن أرقم عن ابن جريج به ، مسندا ، قال : وسليمان بن أرقم ضعيف ، وقد رواه إسماعيل بن عياش عن غير ابن جريج مسندا أيضا ، ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن عطاء بن عجلان عن ابن أبي مليكة عن عائشة مثله ، قال : وعباد بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفان . انتهى .

وأما حديث الخدري ، فتقدم الكلام عليه . { حديث آخر } : أخرجه : الدارقطني عن عمر بن رياح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ، ثم بنى على ما بقي من صلاته ، }انتهى .

قال الدارقطني : وعمر بن رياح متروك . انتهى . وقال ابن عدي : عمر بن رياح ، هو عمر بن أبي عمر العبدي مولى ابن طاوس ، يحدث عن ابن طاوس بالأباطيل لا يتابع عليها ، وأسند إلى البخاري ، وإلى عمرو بن علي الفلاس ، أنهما قالا فيه : دجال ، وأخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " نحو هذا الحديث موقوفا على عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق وسلمان وابن عمر وابن مسعود ، ومن التابعين : عن علقمة وطاوس وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب .

أحاديث الخصوم : أخرج أبو داود في " الطهارة " والترمذي في " الرضاع " والنسائي في " عشرة النساء " عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا فسا أحدكم في الصلاة ، فلينصرف ، فليتوضأ ، وليعد صلاته }. انتهى .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثامن والسبعين ، من القسم الأول ، قال الترمذي حديث حسن وسمعت محمدا يقول : لا أعرف لعلي بن طلق غير هذا [ ص: 70 ] الحديث . انتهى .

قال ابن القطان في " كتابه " : وهذا حديث لا يصح ، فإن مسلم بن سلام الحنفي أبا عبد الملك مجهول الحال . انتهى .

{ حديث آخر } : روى الطبراني في " معجمه " حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن مسلمة عن ابن أرقم عن عطاء عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا رعف أحدكم في صلاته ، فلينصرف فليغسل عنه الدم ، ثم ليعد وضوءه ، وليستقبل صلاته }. انتهى .

وكذلك أخرجه الدارقطني حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن سلمة به ، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن ابن عباس مرفوعا ، نحوه ، وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي داود والنسائي وابن معين ، والبخاري ، وقالوا كلهم : إنه متروك .

الحديث الرابع والسبعون : قال عليه السلام : { إذا صلى أحدكم ، فقاء أو رعف [ ص: 71 ] فليضع يده على فمه ، وليقدم من لم يسبق بشيء } ، قلت : غريب ، وأخرج أبو داود وابن ماجه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا صلى أحدكم ، فأحدث ، فليأخذ بأنفه ، ثم لينصرف }. انتهى .

وأخرج الدارقطني في " سننه " عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي موقوفا : إذا أم القوم فوجد في بطنه رزءا ، أو رعافا أو قيئا ، فليضع ثوبه على أنفه ، وليأخذ بيد رجل من القوم ، فليقدمه [ ص: 72 ] انتهى . وهو ضعيف .

التالي السابق


الخدمات العلمية