صفحة جزء
فرع

في الكتاب : إذا غرس أو بنى أمر بقلعه ذلك إن كان له قيمة الآن ؛ نفيا لعرق الظالم إلا أن تريد إعطاءه القيمة مقلوعا فذلك لك ؛ لأن القلع مستحق ، فإذا أخذت بالقيمة تصونت المالية في التنفيذ عن الضياع ، وكل ما لا منفعة له فيه بعد القلع كالجص‌‌‌ والنقش لا شيء له فيه ؛ لأن القلع مستحق ، ولا مالية بعده ، فليس للغاصب غرض صحيح في قلعه ، بل فساد محض ، فلا يمكن منه . وقال ( ش ) وابن حنبل : لا يجبر الغاصب على أخذ قيمة الغرس ؛ لأنها أعيان ملك له ، فلا يجبر على إخراج ملكه بغير اختياره . وجوابه : ما تقدم ، وقال ابن حنبل : لا يجبر على قلع الزرع من الأرض ، بل يخير بين تركه حتى يحصد أو يعطيه نفقته ويأخذ الزرع ، بخلاف الغرس لما

[ ص: 15 ] في أبي داود : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( من زرع أرض قوم بغير إذنهم فليس له في الزرع شيء ، وعليه نفقته ) وفي الكتاب : ما حفر من بئر أو مطمورة كالبناء ؛ لأنه مستحق الإزالة . وفي التنبيهات : في بعض الأمهات : ليس له تراب ردم به حفرة ، فيحتمل أن التراب من تراب الأرض فلا حق له فيه ، وإن كان لك بالحفرة منفعة فلك إلزامه طرحه ، كان التراب لك أو له ، ولك إلزامه برده إلى موضعه نفيا لضرر العدوان ، قال ابن يونس : له القيمة بعد طرح أجرة النقل ، وقال ( ح ) : ليس لك إلا القيمة . لنا : أن الأرض ملكك ، والأصل بقاء ملكك عليها ، وقوله - عليه السلام - : ( على اليد ما أخذت حتى ترده ) وقوله - عليه السلام - : ( ليس لعرق ظالم حق ) وبالقياس على ما قبل البناء ، وفي الموازية : إن هدمها خيرت بين قيمة الدار يوم الغصب أو العرصة والنقض ، ولا تتبعه بشيء لتمكنك من أخذ القيمة يوم الغصب ، ولو هدمها ثم بناها بنقضها كما كانت بنفسه ، فللغاصب قيمة هذا النقض المبني منقوضا اليوم ، وعليه قيمة ذلك منقوضا ، فيتقاصان ، وهو مذهب مالك وأشهب ، قال : وهو أحب إلي لأنه يضمن النقص لما هدم ، والضمان لا يوجب الملك ، فعليه قيمته أولا ، وله قيمته آخرا لانتقاله لملكه ، وقال ابن القاسم : يحسب على الهادم قيمة ما هدم قائما ، وتحسب له قيمة ما بنى منقوضا لأنه أفسد التنضيد على المالك ، ولك قلع الزرع في إبان الحرث بل قلعه المتعدي وفي غير الإبان ، لك الكراء فقط ، لعدم الفائدة في القلع ، فلا يمكن منه ، كما لا يمكن الغاصب من قلع التزويق ، وما لا ينتفع به بعد

[ ص: 16 ] القلع ، قال ابن القاسم : فإن كان الزرع صغيرا لا ينتفع به الغاصب فهو لك بغير شيء كتبييض الدار ، ولا بذر عليك ، وليس لك إجباره في الإبان على بقاء الزرع الصغير بالكراء لأنه يقضى به لك ، فكأنه بيع زرع لم يبد صلاحه مع كراء الأرض ، قاله محمد ، وعن ابن القاسم : إذا كان في الإبان وهو إذا قلع انتفع به أخذ الكراء منه ، ويأمره بقلعه ، إلا أن يتراضيا على أمر جائز ، فإن رضي بتركه جاز إذا رضيت ، وإذا لم يكن في قلعه نفع ترك لرب الأرض إلا أن يأباه فيأمر بقلعه ، فإذا فات الإبان ولا تنتفع بأرضك إذا قلع ، فقيل : لك قلعه لقوله - عليه السلام - ( ليس لعرق ظالم حق ) فعم ، وقيل : ليس لك إلا الكراء ، لأن القلع ضرر محض ، وعن مالك : إذا أسبل لا يقلع لأنه من الفساد العام للناس ، كما يمنع من ذبح ما فيه قوة الحمل من الإبل وذوات الدر من الغنم ، وما فيه الحرث من البقر ، وتلقي الركبان ، واحتكار الطعام ، وإن امتنعت من دفع قيمة بناء البئر أو المطامير ، قيل للمبتاع : ادفع قيمة الأرض وخذها ، واتبع من اشتريت منه بالثمن ، فإن أبى كنتما شريكين بقيمة العرصة وقيمة البناء ، وقال ابن أبي زيد : ما لك : إذا كان المبتاع قد طوى البئر بالآجر ، وأما مجرد الحفر فلا شيء له فيه ، قال ابن يونس : وما ذكره إنما يكون في الغاصب ، وأما المبتاع فله قيمة الحفر ، لأنه غير متعد ، قال اللخمي : إذا هدم الدار خيرت بين مؤاخذته بالغصب فتغرمه قيمتها قائمة يوم الغصب ، أو تؤاخذه بالعدا فتغرمه قيمتها قائمة يوم الهدم ، لأن اليد العادية والتعدي سيان ، أنت مخير [ ص: 17 ] فيهما ، أو تأخذ العرصة وتغرمه ما نقص الهدم ، على أن الأنقاض ( للغاصب ، أو تأخذ العرصة والأنقاض وتغرمه ما نقص الهدم ) لصاحبها يقال : ما قيمتها قائمة ومهدومة على هيئتها فيغرم ما بينهما ، ثم يختلف متى تكون قيمة النقض : فعند ابن القاسم : يوم الهدم ؛ لأن الإتلاف أقوى في التضمين من يد العدوان ، لأن الإتلاف يتعقبه الضمان ، واليد لا يضمن حتى يتلف العين أو تتغير ، وما يعقبه مسببه أقوى ، وقال سحنون : يوم الغصب ، لأنه السابق يندرج فيه ما بعده كالحيض بعد الجنابة ، والسراية للنقص بعد الجناية على الطرف ، قال اللخمي : وأرى أن عليه الأكثر من قيمة الوقتين ، قال ابن القاسم : وإذا هدمها المشتري لا شيء عليه إذا أراد أن يتوسع ، وقال محمد : لا شيء عليه في الهدم بخلاف الثوب يشتريه ويقطعه ، لأن هدم الدار ليس بمتلف للقدر على الرد بخلاف الثوب ، وكذلك الحلي يشتريه ويكسره ، ولا شيء في الكسر ، قال اللخمي : وليس هذا الفرق بالبين ، لأن الإعادة تتوقف على مال كثير ، بل مضرة هدم الدار أعظم من مضرة القطع للثوب بكثير ، فإن بناها الغاصب بنقضها خيرت في قيمتها يوم الغصب أو يوم الهدم ، أو تأخذها أو تغرمه قيمة ما هدم قائما يوم هدم ، على أن النقض يبقى له وتعطيه قيمة اليوم مهدوما أو تغرمه قيمة التلفيق وحده ويبقى النقض لك ، ومن غصب نخلة قائمة فقلعها فقيمتها قائمة تقوم بأرضها يوم تقوم الأرض ، ويسقط عن الغاصب ما ينوب الأرض ، لأن أرضها بقيت لصاحبها ، وكذلك الودي إذا أتلفه ولم يغرسه ، ولو قيل : يغرم قيمته للغراسة لصح ، فإن باعه فغرسه المشتري واستحق بفور ذلك فللمستحق أخذه ، وعليه قيمة خدمته إن كانت بقعته ونقلته وكبر وكان إن قلع نبت كان لمستحقه أخذه ، وعلى قول [ ص: 18 ] ابن مسلمة : ذلك فوت ، ولك قيمته يوم غرسه ، وإن كان إن قلع لم ينبت لم تأخذه ، ويختلف متى تكون فيه القيمة يوم غرسه أو اليوم ؟ كما تقدم في النقض إذا بنى بها ، ومن حفر أرضا عليه ما نقصها الحفر إلا أن يعيدها لهيئتها ، وإن كانت محفورة فهدمها فعليه إزالة ذلك الردم منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية