صفحة جزء
وهل له أن يودع ، أو يبيع نساء ، أو يبضع ، أو يوكل فيما يتولى مثله ، أو يرهن أو يرتهن ؛ على وجهين وليس له أن يستدين على مال الشركة ، فإن فعل فهو عليه وربحه له إلا أن يأذن شريكه ، وإن أخر حقه من الدين جاز ، وإن تقاسما الدين في الذمة لم يصح في إحدى الروايتين ، وإن أبرأ من الدين لزم في حقه دون صاحبه ، وكذلك إن أقر بمال ، وقال القاضي : يقبل إقراره على مال الشركة . وعلى كل واحد منهما أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه من نشر الثوب ، وطيه ، وختم الكيس ، وإحرازه فإن استأجر من يفعل ذلك فالأجرة عليه ، وما جرت العادة أن يستنيب فيه فله أن يستأجر من يفعله ، فإن فعله ليأخذ أجرته فهل له ذلك ؛ على وجهين


( وهل له أن يودع ، أو يبيع نساء ، أو يبضع ، أو يوكل فيما يتولى مثله ، أو يرهن أو يرتهن ؛ ؛ على وجهين ) وفيه مسائل :

الأولى : في الإيداع ، وفيه روايتان إحداهما له ذلك جزم به في " الوجيز " وصححه في " الشرح " ، وزاد : عند الحاجة إليه ; لأنه عادة التجار ، والثانية وهي أصح الوجهين في " المحرر " المنع ; لأنها ليست من الشركة وفيه غرر .

الثانية : في البيع إلى أجل ، وهو يخرج على الروايتين في الوكيل ، وقد تقدم ، فإن اشترى شيئا بنقد عنده مثله ، أو نقد من غير جنسه ، أو اشترى بشيء من ذوات الأمثال وعنده مثله جاز ، وإلا فالشراء له خاصة ، وربحه له ، وضمانه عليه .

الثالثة : في الإبضاع ، وهو في الأصل عبارة عن طائفة من المال تبعث للتجارة ، قاله الجوهري ، ويأتي تفسيره ، والأصح أنه لا يملكه لما فيه من الغرر ، والثاني بلى وجزم به في " الوجيز " ; لأنه عادة التجار .

[ ص: 11 ] الرابعة : التوكيل فيما يتولى مثله بنفسه ، وفيه وجهان مبنيان على الوكيل ، وقيل : يجوز للشريك التوكيل بخلاف الوكيل ; لأنه يستفيد مثل عقد موكله بخلاف وكيل الشريك ، فإنه لا يستفيد مثل عقد موكله ، بل يستفيد ما هو أخص منه ، فإن وكل ملك الآخر عزله ، ويتصرف المعزول في قدر نصيبه ، وعلم منه أنه يملك التوكيل فيما لا يتولى مثله بنفسه .

الخامسة : في الرهن والارتهان ، والأصح أنه يملكهما زاد في " الشرح " عند الحاجة ; لأن الرهن يراد للإيفاء ، والارتهان يراد للاستيفاء وهو يملكهما ، فكذا ما يراد لهما ، والثاني ليس له ذلك ; لأن فيه خطرا ، وعلى الأول لا فرق بين أن يكون ممن ولي العقد أو من غيره ، لكون القبض من حقوق العقد ، فلو قال : اعمل برأيك ، ورأى مصلحة ، جاز الكل ; لأنه فوض إليه الرأي في التصرف الذي تقتضيه الشركة ، فجاز كل ما هو من التجارة .

تنبيه : لم يذكر المؤلف السفر بالمال ، والأصح أنه يملكه مع الأمن ، وفيه رواية صححها الأزجي ، وإن سافر والغالب العطب ضمن ، ذكره أبو الفرج ، وظاهر كلام غيره فيما ليس الغالب السلامة ، وذكر جماعة أنه يتجر ولي اليتيم بماله موضع أمن ، فإن لم يعلما بخوفه ، أو بفلس مشتر فلا ضمان ذكره أبو يعلى الصغير .

فرع : إذا ادعى هلاكه بسبب خفي صدق في الأصح ، وإن كان بسبب ظاهر لم يضمنه إذا أقام بينة به ، ويحلف معها أنه هلك به ، ويصدق منكر الخيانة ، وإن قال لما بيده : هذا لي أو لنا ، أو اشتريته منها لي ، أو لنا صدق [ ص: 12 ] مع يمينه سواء ربح أو خسر ، وإن قال : صار لي بالقسمة صدق منكرها .

( وليس له أن يستدين على مال الشركة ) لأنه يدخل فيها أكثر مما رضي الشريك بالمشاركة فيه ، فلم يجز كما لو ضم إليها ألفا من ماله ، ومعناها أن يشتري بأكثر من رأس المال ، أو بثمن ليس معه من جنسه ( فإن فعل فهو عليه وربحه له ) قال أحمد في رواية صالح فيمن استدان من المال بوجهه ألفا : فهو له وربحه له ووضيعته عليه ، ومعناه أنه يختص بنفعه وضره لكونه لم يقع للشركة ( إلا أن يأذن شريكه ) فإنه يجوز كبقية أفعال التجارة المأذون فيها ، وقال القاضي : إذا استقرض شيئا لزمهما ، وربحه لهما ; لأنه تمليك مال بمال أشبه الصرف ، ورد بالفرق ، فإن الصرف بيع وإبدال عين بعين فهو كبيع الثياب ( وإن أخر حقه من الدين ) الحال ( جاز ) لأنه أسقط حقه من المطالبة ، فصح أن ينفرد به كالإبراء ، فلو قبض شريكه شيئا مما لم يؤخر كان له مشاركته فيه ، وقيل : وله تأخير حق شريكه ، ويضمنه إن تلف ، أو مات المدين ( وإن تقاسما الدين في الذمة لم يصح في إحدى الروايتين ) نص عليه في رواية حنبل ، وجزم به في " الوجيز " ، وصححه ابن عقيل ; لأن الذمم لا تتكافأ ، ولا تتعادل ، والقسمة تقتضيها ; لأنها بغير تعديل بمنزلة البيع ، ولا يجوز بيع الدين ، فعليها لو تقاسما ثم توي بعض المال رجع الذي توي ماله على الآخر ، والثانية - ونقلها حرب ، وقدمها في " الرعاية " - الجواز ; لأن الاختلاف لا يمنع القسمة كاختلاف الأعيان ، فعليها لا رجوع إذا أبرأ كل منهما صاحبه ، وأطلقهما في " الفروع " إذا كان في ذمم لا ذمة واحدة ; لأنه لا تمكن القسمة ، وهي إفراز ، ولا يتصور فيها ، فعلى الأول إن تكافأت فقياس المذهب من الحوالة على [ ص: 13 ] مليء وجوبه ، قاله الشيخ تقي الدين ( وإن أبرأ من الدين ) أو أجل ثمن المبيع في مدة الخيار ( لزم في حقه ) لأنه تبرع ( دون صاحبه ) لأنه ليس من التجارة وكالصدقة ( وكذلك إن أقر بمال ) أي يلزم المقر دون صاحبه على المذهب سواء أقر بدين ، أو عين ; لأن شريكه إنما أذن له في التجارة ، وليس الإقرار داخلا فيها ( وقال القاضي : يقبل إقراره على مال الشركة ) لأن له أن يشتري نساء ، وهو إقرار ببقاء الثمن ، قاله ابن المنجا ، وفيه شيء ، وعلله في " الشرح " بأن له أن يشتري من غير أن يسلم الثمن في المجلس ، فلو لم يقبل إقراره لضاعت أموال الناس وامتنعوا من معاملته ; لأن ذلك مما يحتاج إليه كالإقرار بالعيب ، وقيده في " الرعاية " في الإقرار ، و " الفروع " قبل الفرقة بينهما لا بعدها .

مسألة : أقر غريم لهما بدين عند حاكم ، فطلب أحدهما حبسه ، ومنع الآخر منه ، ففي وجوب حبسه روايتان ، قاله في " المستوعب " وغيره .

تنبيه : إذا كان بينهما دين مشترك بإرث أو إتلاف ، قال الشيخ تقي الدين : أو ضريبة سبب استحقاقها واحد ، فلشريكه الأخذ من الغريم ومن القابض ، جزم به الأكثر ، لأنهما سواء في الملك ، وظاهره ولو أخرجه القابض برهن أو قضاء دين كالمقبوض بعقد فاسد ، وعنه : يختص به ، وقاله جماعة منهم أبو العالية ، وابن سيرين ، كما لو تلف المقبوض في يد قابضه تعين حقه فيه ، ولم يرجع على الغريم لعدم تعديه ، وإن كان بعقد ، أو بعد تأجيل شريكه حقه ، فوجهان : أحدهما : له المشاركة كالموروث ، والثاني : لا ; لأنه مستقل بالعقد على نصيبه فهو كالمنفردين .

[ ص: 14 ] ( و ) يجب ( على كل واحد منهما أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه من نشر الثوب ، وطيه ، وختم الكيس ، وإحرازه ) وقبض النقد ; لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف ، وهو يقتضي أن مثل هذه الأمور يتولاها بنفسه ( فإن استأجر من يفعل ذلك فالأجرة عليه ) في ماله ; لأنه بذلها عوضا عما يلزمه ( وما جرت العادة أن يستنيب فيه ) كحمل الطعام ، والمتاع ، ووزن ما ينقل ، والنداء ( فله أن يستأجر ) من مال الشركة ( من يفعله ) لأنه العرف ( فإن فعله ليأخذ أجرته فهل له ذلك ؛ على وجهين ) هما روايتان في " المغني " و " المحرر " الأصح أنه لا شيء له ; لأنه تبرع بما يلزمه ، فلم يستحق شيئا كالمرأة التي تستحق خادما إذا أخدمت نفسها ، والثاني : بلى ; لأنه فعل ما لا بد من فعله ، فاستحق الأجرة كالأجنبي ، وعلى الأول إذا شرطها استحقها .

فرع : إذا استأجر أحدهما الآخر فيما لا يستحق أجرته إلا بعمل فيه ، كنقل طعام بنفسه ، أو غلامه ، أو دابته ، جاز ، نقله الأكثر ، كداره ، وعنه : لا لعدم إمكان إيقاع العمل فيه لعدم تمييز نصيبهما ، اختاره ابن عقيل ، ويحرم على شريك في زرع فرك شيء من سنبله يأكله بلا إذن ، ويتجه عكسه ، قاله في " الفروع " .

التالي السابق


الخدمات العلمية