الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إتحاف أهل الإسلام بأحكام الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي

  • الكاتب:
  • التصنيف:مكتبة الحج

إتحاف أهل الإسلام بأحكام الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي

إتحاف أهل الإسلام بأحكام الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فرض على القادرين حج بيته الحرام وجعله أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وجعله مكفرًا للذنوب والآثام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي بين لنا أحكام الحج والعمرة بقوله وفعله فقال: (خذوا عني مناسككم) رواه مسلم.

أما بعد: فقد جمعت ما تيسر من أحكام الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف وضمنته كتابي [بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين] ثم رأيت أن أفرد هذه الأحكام برسالة مستقلة لتكون خفيفة المحمل قريبة التناول، وقد اشتملت على أحكام الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة، مع بيان ما يجب على المحرم بحج أو عمرة، وذكر خطوات مختصرة للحاج والمعتمر وزائر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر أسئلة وأجوبة في الحج والعمرة والزيارة وبيان أحكام تتعلق بالهدي وبالذبح والنحر، وذكر فضائل عشر ذي الحجة، وفضل العمل الصالح فيها، وذكر فوائد الحج ومنافعه، وبيان أذكار وأدعية جامعة لخير الدنيا والآخرة، ينبغي للمسلم حفظها والمداومة عليها في الحج وغيره وفي الأماكن المقدسة وغيرها، ليحفظه الله بها لقول الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، والله تعالى يذكر من ذكره ويجيب من دعاه حيث أمر بالدعاء وتكفل بالإجابة وهو سبحانه لا يخلف الميعاد.
وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام المحققين من أهل العلم وسميتها: [إتحاف أهل الإسلام بأحكام الحج والعمرة إلى بيت الله الحرام وزيارة المسجد النبوي] أسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو طبعها أو قرأها أو سمعها فعمل بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الحج

كيف يؤدي المسلم مناسك الحج والعمرة

أحسن ما يؤدي به المسلم مناسك الحج والعمرة أن يؤديهما على الوجه الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لينال بذلك محبة الله ومغفرته {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (آل عمران: 31).
وأكمل صفة في ذلك التمتع لمن لم يسق الهدي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به أصحابه وأكده عليهم، وقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم)، والتمتع: أن يأتي الحاج بالعمرة كاملة في أشهر الحج ويحل منها ثم يحرم بالحج في عامه.

العمرة

1- إذا أردت الإحرام بالعمرة فاغتسل كما تغتسل من الجنابة إن تيسر لك، ثم البس ثياب الإحرام إزارًا ورداء، والمرأة تلبس ما شاءت من الثياب غير متبرجة بزينة، ثم قل: لبيك عمرة، لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ومعنى لبيك: أجبتك إلى ما دعوتني إليه من الحج والعمرة وغيرهما من طاعتك.
2- فإذا وصلت إلى مكة فطف بالبيت سبعة أشواط طواف العمرة تبتدئ من الحجر الأسود وتنتهي إليه في كل شوط، ثم صل ركعتين خلف مقام إبراهيم قريبًا منه إن تيسر أو بعيدًا.
3- فإذا صليت الركعتين فاخرج إلى الصفا، واسع بين الصفا والمروة سبع مرات سعي العمرة تبتدئ بالصفا وتختم بالمروة ذهابك سعيه ورجوعك سعيه.
4- فإذا أتممت السعي فقصر شعر رأسك، وبذلك تمت العمرة ففك إحرامك والبس ثيابك.

الحج

1- إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرم بالحج، فاغتسل إن تيسر لك والبس ثياب الإحرام ثم قل: لبيك حجًا، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
2- ثم اخرج إلى منى وصل بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل صلاة في وقتها، تجعل الرباعية ركعتين.

3- فإذا طلعت الشمس في اليوم التاسع من ذي الحجة فسر إلى عرفة وصل بها الظهر والعصر جمع تقديم على ركعتين ركعتين، وامكث فيها إلى غروب الشمس، وأكثر من الذكر والدعاء هناك مستقبل القبلة.

4- فإذا غربت الشمس فسر من عرفة إلى مزدلفة، وصل بها المغرب والعشاء والفجر، ثم امكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس.
وإن كنت ضعيفًا لا تستطيع مزاحمة الناس عند الرمي فلا بأس أن تسير إلى منى في آخر الليل.

5- فإذا قرب طلوع الشمس فسر من مزدلفة إلى منى فإذا وصلت إليها فاعمل ما يلي:
(أ) ارم جمرة العقبة وهي أقرب الجمرات إلى مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى وكبر مع كل حصاة.
(ب) اذبح الهدي وكُلْ منه ووزع على الفقراء.
(جـ) احلق رأسك (والمرأة تقصر منه بقدر أنملة).
تعمل هذه الثلاثة مبتدئًا بالرمي ثم الذبح ثم الحلق إن تيسر، وإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج، وبعد أن تعمل هذه الثلاثة تحل التحلل الأول فتلبس ثيابك ويحل لك جميع محظورات الإحرام إلا النساء.

6- ثم انزل إلى مكة وطف طواف الإفاضة طواف الحج واسع بين الصفا والمروة سعي الحج.
وبهذا تحل التحلل الثاني ويحل لك جميع محظورات الإحرام حتى النساء.

7- ثم اخرج بعد الطواف والسعي إلى منى فبت فيها ليلتي إحدى عشرة واثنتي عشرة.

8- ثم ارم الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر بعد الزوال تبتدئ بالأولى وهي أبعدهن عن مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات تكبر مع كل حصاة وتقف بعد رمي الأولى والثانية للدعاء مستقبل القبلة ولا يجزئ الرمي في هذين اليومين قبل الزوال.

9- فإذا أتممت الرمي في اليوم الثاني عشر فإن شئت أن تتعجل فاخرج من منى قبل غروب الشمس وإن شئت أن تتأخر (وهو أفضل) فبت في منى ليلة الثالث عشر، وارم الجمرات الثلاث في يومها بعد الزوال كما رميتها في اليوم الثاني عشر.

10- فإذا أردت الرجوع إلى بلدك فطف عند سفرك بالكعبة طواف الوداع سبعة أشواط والحائض والنفساء ليس عليهما طواف وداع.

زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة

1- تتوجه إلى المدينة قبل الحج أو بعده بنية زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، لأن الصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
2- فإذا وصلت إلى المسجد فصل فيه لله تعالى ركعتين تحية المسجد أو صلاة الفريضة إن كانت قد أقيمت.
3- ثم اذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقف أمامه وسلم عليه قائلاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك وجزاك عن أمتك خيرًا.
ثم اخط عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام أبي بكر وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا أبا بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله وبركاته، رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا.
ثم اخط عن يمينك خطوة أو خطوتين لتقف أمام عمر وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا عمر أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا.
4- واخرج إلى مسجد قباء متطهرًا وصل فيه.
5- واخرج إلى البقيع وزر قبر عثمان رضي الله عنه فقف أمامه وسلم عليه قائلاً: السلام عليك يا عثمان أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته رضي الله عنك وجزاك عن أمة محمد خيرًا وسلم على من في البقيع، من المسلمين.
6- واخرج إلى أُحُد وزر قبر حمزة رضي الله عنه ومن معه من الشهداء هناك وسلم عليهم، وادع الله تعالى لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان.

فائدة يجب على المُحْرِم بحج أو عمرة ما يلي:

1- أن يكون ملتزمًا بما أوجب الله عليه من شرائع دينه كالصلاة في أوقاتها مع الجماعة.
2- أن يتجنب ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والعصيان {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة:197).
3- أن يتجنب أذية المسلمين بالقول أو الفعل عند المشاعر أو غيرها.
4- أن يتجنب جميع محظورات الإحرام:
أ) فلا يأخذ شيئًا من شعره أو ظفره، فأما الشوكة ونحوها فلا بأس به وإن خرج الدم.
ب) ولا يتطيب بعد إحرامه في بدنه أو ثوبه أو مأكوله أو مشروبه، ولا يتنطف بصابون مطيب، فأما ما بقي من أثر الطيب الذي تطيب به عند إحرامه فلا يضر.
جـ) ولا يقتل الصيد وهو الحيوان البري الحلال المتوحش أصلاً.
د) ولا يباشر لشهوة بلمس أو تقبيل أو غيرهما، وأشد من ذلك الجماع.
هـ) ولا يعقد النكاح لنفسه ولا غيره، ولا يخطب امرأة لنفسه ولا غيره.
و) ولا يلبس القفازين وهما شراب اليدين، فأما لف اليدين بخرقة فلا بأس به، وهذه محظورات على الذكر والأنثى.

ويختص الرجل بما يلي:

(أ) لا يغطي رأسه بملاصق، فأما تظليله بالشمسية وسقف السيارة والخيمة وحمل العفش عليه فلا بأس به.
(ب) لا يلبس القميص ولا العمائم ولا البرانس ولا السراويل ولا الخفاف إلا إذا لم يجد إزارا فليلبس السراويل أو لم يجد نعلين فليلبس الخفاف.
(جـ) لا يلبس ما كان بمعنى ما سبق فلا يلبس العباءة ولا الطاقية ولا الفنيلة ونحوها.
ويجوز أن يلبس النعلين والخاتم ونظارة العين وسماعة الأذن وأن يلبس الساعة في يده أو يتقلدها في عنقه ويلبس الهميان والمنطقة وهما ما تجعل فيه النفقة.
ويجوز أن يتنظف بغير ما فيه طيب، وأن يغسل ويحك رأسه وبدنه وإن سقط بذلك شعر بدون قصد فلا شيء عليه.
والمرأة لا تلبس النقاب وهو ما تستر به وجهها منقوبًا لعينيها فيه، والسنة أن تكشف وجهها إلا أن يراها رجال غير محارم لها فيجب عليها ستره في حال الإحرام وغيرها.
والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بقلم فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين

خطوات مختصرة للحاج والمعتمر وزائر مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم

يجب على الحاج:

(1) المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب، وأن ينتخب لحجه وعمرته المال الحلال.
(2) وأن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والسخرية.
(3) وأن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة بعيدًا عن الرياء والسمعة والمفاخرة.
(4) وأن يتعلم ما يُشرع له في حجه وعمرته من أعمال، ويسأل عما أُشْكِل عليه.
(5) الحاج إذا وصل إلى الميقات مخيَّر بين الإفراد بالحج والتمتع والقران.
(6) وإذا خاف المُحْرِم أن لا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف «اشترط» أن محلى حيث حبستني.
(7) يصح حج الصبي والجارية الصغيرة ولا يجزئهما عن حجة الإسلام.
(8) يجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحكه إذا احتاج إلى ذلك.
(9) يباح للمرأة سدل خمارها على وجهها إذا خشيت أن يراها الرجال.
(10) ما اعتاده كثير من النساء من جعل العصابة تحت الخمار لترفعه عن وجهها لا أصل له في الشرع.
(11) يجوز للمحرم غسل الثياب التي أحرم فيها وتبديلها بغيرها.
(12) إذا لبس المحرم مخيطًا أو غطى رأسه أو تطيب ناسيًا أو جاهلاً فلا فدية عليه.
(13) يقطع الحاج التلبية إذا وصل إلى الكعبة قبل أن يشرع في الطواف إن كان متمتعًا أو معتمرًا.
(14) لا يشرع الرمل والاضطباع إلا في طواف القدوم فقط وفي الأشواط الثلاثة الأولى، وللرجال فقط دون النساء.
(15) إذا شك الحاج هل طاف ثلاثة أشواط أو أربعة جعلها ثلاثة وهكذا السعي.
(16) لا بأس بالطواف من وراء زمزم والمقام عند الزحام والمسجد كله محل للطواف.
(17) من المنكرات طواف المرأة بالزينة والروائح الطيبة وعدم التستر.
(18) إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها لا يصح لها الطواف بالبيت حتى تطهر.
(19) يجوز للمرأة أن تُحْرِم فيما شاءت من الثياب مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم.
(20) التلفظ بالنية في غير الحج والعمرة ـ من العبادات الأخرى ـ بدعة مستحدثة والجهر بها أقبح.
(21) يحرم على الحاج أن يتجاوز المواقيت بدون إحرام ـ إذا كان قاصدًا الحج أو العمرة -.
(22) الحاج القادم عن طريق الجو يحرم إذا حاذى الميقات ويشرع له التأهب للإحرام قبل ركوب الطائرة.
(23) من كان سكنه دون المواقيت فليس عليه أن يذهب إلى شيء منها، بل سكنه هو ميقاته للإحرام بالحج.
(24) ما يفعله بعض الناس من الإكثار من العمرة بعد الحج من التنعيم أو الجعرانة لا دليل على شرعيته.
(25) الحاج في يوم التروية يحرم من محل إقامته بمكة ولا يلزم الإحرام من الكعبة أو من عند الميزاب كما يفعله الكثير.
(26) التوجه من منى إلى عرفة في اليوم التاسع يكون بعد طلوع الشمس.
(27) لا يجوز الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس، وإذا انصرف الحاج بعد الغروب فبسكينة ووقار.
(28) صلاة المغرب والعشاء تؤدى بعد الوصول إلى مزدلفة سواء كان في وقت المغرب أو بعد دخول وقت العشاء.
(29) يجوز لقط حصى الرمي من أي موضع كان ولا يتعين لقطه من مزدلفة.
(30) لا يستحب غسل حصى الرمي لأن ذلك لم ينقل فعله عن الرسول ولا أصحابه، ولا يرمي بحصى قد رمي به.
(31) يجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم أن يدفعوا إلى منى في آخر الليل.
(32) إذا وصل الحاج إلى منى يوم العيد قطع التلبية ورمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات.
(33) لا يشترط بقاء الحصى في المرمى وإنما المشترط وقوعه فيه.
(34) يمتد وقت الذبح إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق في أصح أقوال أهل العلم.
(35) طواف الإفاضة أو الزيارة يوم العيد ركن من أركان الحج لا يتم إلا به، ويجوز تأخيره إلى ما بعد أيام منى.
(36) القارن بين الحج والعمرة ليس عليه إلا سعي واحد، وكذلك من أفرد بالحج وبقي على إحرامه إلى يوم النحر.
(37) الأفضل للحاج ترتيب أعمال يوم النحر فيبدأ برمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بعده. فإن قدم أو أخر أجزأه ذلك.
(38) الأمور التي يحصل بها التحلل التام:
أ- رمي جمرة العقبة.
ب- الحلق أو التقصير.
جـ- طواف الإفاضة مع السعي.
(39) إذا أراد الحاج أن يتعجل من منى لزمه أن يخرج منها قبل غروب الشمس.
(40) الصبي العاجز عن الرمي يرمي عنه وليه بعد أن يرمي عن نفسه.
(41) يجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو كبر سن أو حمل أن يوكل من يرمي عنه.
(42) يجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلاث وهو في موقف واحد.
(43) يجب على الحاج إذا كان متمتعًا أو قارنًا ـ ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ـ دم ـ وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة.
(44) إذا عجز المتمتع أو القارن عن الهدي وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
(45) الأفضل للحاج أن يقدم صوم الأيام الثلاثة على يوم عرفة ليكون في عرفة مفطرًا وإلا صام أيام التشريق.
(46) يجوز صوم الثلاثة الأيام المذكورة متتابعة ومتفرقة وكذا صوم السبعة الأيام.
(47) يجب طواف الوداع على كل حاج إلا الحائض والنفساء.
(48) تسن زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم سواء قبل الحج أو بعده.
(49) يسن لزائر المسجد النبوي أن يبدأ بركعتين تحية للمسجد في أي مكان منه، والأفضل أن يؤديها في الروضة الشريفة.
(50) زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من المقابر تشرع للرجال فقط دون النساء.
(51) التمسح بالحجرة الشريفة أو تقبيلها أو الطواف بها بدعة منكرة لم تنقل عن السلف الصالح.
(52) لا يجوز لأحد أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم قضاء حاجة أو تفريج كربة فذلك شرك.
(53) حياة الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره برزخية وليست من جنس حياته قبل الموت، وإنما هي حياة يعلمها الله.
(54) ما يفعله بعض الزوار من تحري الدعاء عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم مستقبلاً القبر رافعًا يديه من البدع المستحدثة.
(55) ليست زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة ولا شرطًا في الحج كما يظنه بعض العامة.
(56) الأحاديث التي يحتج بها من يقول بشرعية شد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إما ضعيفة الأسانيد أو موضوعة.

أسئلة وأجوبة في الحج والعمرة

س1: ما حكم الحج وما الدليل؟
جـ1: واجب وركن من أركان الإسلام، والدليل. قوله تعالى {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (آل عمران:97)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله فرض عليكم الحج فحجوا) رواه مسلم.

س2: على من يجب الحج؟
جـ2: يجب الحج على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع.

س3: ما هي شروط وجوبه؟
جـ3: شروط وجوب الحج خمسة وهي: (1) الإسلام، (2) والعقل، (3) والبلوغ، (4) والحرية، (5) والاستطاعة.

س4: ما حكم حج الصبي الذي لم يبلغ؟
جـ4: حج الصبي يصح ويثاب عليه ولا يجزيه عن حجة الإسلام فإذا بلغ فعليه أن يحج حجة أخرى.

س5: هل الحج واجب على الفور أو على التراخي؟ مع الدليل؟
جـ5: الحج واجب على الفور إذا تمت شروط وجوبه لقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (المائدة:48)، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (آل عمران:133)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تعجلوا إلى الحج -يعني: الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) رواه أحمد.

س6: ما حكم حج من لم يصل؟
جـ6: لا يصح حج من لم يصل لأن أركان الإسلام كل لا يتجزأ. فمن آمن بها عمل بها كلها ومن ترك واحدًا منها مع القدرة بطلت وفسدت كلها، والصلاة من الإسلام بمنزلة الرأس من الجسد، فكما أنه لا حياة لمن لا رأس له، فلا دين لمن لا صلاة له، والصلاة عمود الدين الإسلامي الذي يقوم عليه، وهي شعار المسلم وتكفر الذنوب، فأولى بمن لا يصلي أن يتوب إلى الله تعالى ويصلي باستمرار ثم يحج.

س7: ما الذي ينبغي لمن أراد الحج؟
جـ7: ينبغي له أولاً: أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا بعد ترك المعاصي والندم على ما فات منها، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل.
ثانيًا: أن يختار لحجه نفقة طيبة من مال حلال لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
ثالثًا: أن يصحب في سفره الأخيار من أهل العلم والطاعة والفقه في الدين ليرشدوه وينفعوه.
رابعًا: أن يحفظ جوارحه ولسانه عن الكلام المحرم والنظر المحرم والسماع المحرم.

س8: ما هو الحج المبرور الذي وعد صاحبه بالمغفرة والجنة؟
جـ8: الحج المبرور هو المقبول الذي لا يخالطه معصي،ة بأن يأتي الحاج فيه بالواجبات والمستحبات، ويترك المحرمات والمكروهات، ويحج كما شرع الله وكما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

س9: ما هو دعاء السفر؟
جـ9: (الله أكبر -ثلاثًا- سبحان الله -ثلاثًا- سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا وأطو عنا بعده اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد) رواه مسلم.

س10: ما الذي يقوله المسافر إذا نزل منزلاً؟ ولماذا؟
جـ10: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا قال ذلك لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك.

س11: ما حكم ترك الحج مع القدرة مع الدليل؟
جـ 11: حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وقد يكون كفرًا لقول الله تعالى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران:97) وفي الحديث: (من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديًا أو نصرانيًا) رواه الترمذي والبيهقي.

س12: اذكر شيئًا من فضائل الحج؟
جـ12: من فضائل الحج ما ثبتت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينها، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة) رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.

س13: ما خصائص البيت الحرام؟
جـ13: من خصائص هذا البيت:
(1) أن الصلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد.
(2) أنه أفضل بقاع الأرض.
(3) أنه قِبلة المسلمين أحياء وأمواتًا في مشارق الأرض ومغاربها.
(4) وجوب الحج إليه.
(5) أن قصده يكفر الذنوب والآثام، وليس لقاصده ثواب دون الجنة إذا اتقى الله تعالى وبر وصدق.
(6) أن من دخله كان آمنًا.
(7) أنه يؤاخذ فيه على الهم بالسيئات قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (الحج:25).
(8) تحريم قطع شجره الأخضر.
(9) تحريم قتل صيده.

س14: ما الذي يشرع لمن وصل إلى الميقات في الحج والعمرة؟
جـ14: يشرع له أن يتجرد من المخيط إذا كان رجلاً وإن يغتسل ويتنظف ويتطيب ثم ينوي الإحرام ويلبس الثياب للإحرام ويتلفظ بما نوى فيقول لبيك عمرة أو لبيك عمرة وحجًا أو لبيك حجًا.

س15: ما الأشياء المحرمة على المحرم بحج أو عمرة؟
جـ15: يحرم عليه عشرة أشياء هي:
(1) أخذ الشعر من الرجل والمرأة.
(2) تقليم الأظافر.
(3) الطيب.
(4) لبس الثوب المخيط إذا كان رجلاً.
(5) تغطية الرأس بالنسبة للرجل والوجه للمرأة إذا لم يرها أجنبي.
(6) قتل صيد البر.
(7) عقد النكاح له أو لغيره.
(8) الجماع وهو يفسد الحج إذا كان قبل التحلل الأول.
(9) المباشرة فيما دون الفرج كالقبلة والنظر لشهوة.
(10) قطع شجر الحرم ونباته الرطب.
وهذا عام للمحرم وغيره.

س16: ما الذي يفعل الحاج إذا وصل إلى البيت الحرام؟
جـ16: يطوف طواف العمرة سبعة أشواط، ثم يصلي خلف مقام إبراهيم ركعتين، ثم يخرج إلى السعي فيبدأ بالصفا ويختم بالمروة سبعة أشواط، ثم يقصر من شعر رأسه، ثم يلبس ثيابه العادية إلى اليوم الثامن من ذي الحجة.
س17: اذكر صفة الحج باختصار؟

جـ17: يُحْرِم الحاج في اليوم الثامن من ذي الحجة من مكة أو قربها من الحرم، ثم يذهب إلى منى فيبيت بها ويصلي بها خمس صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فإذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار إلى عرفة وصلى بها الظهر والعصر جمع تقديم قصرًا، ثم يجتهد في الدعاء والذكر والاستغفار إلى أن تغرب الشمس، فإذا غربت سار إلى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء حين وصوله، ثم يبيت بها إلى أن يصلي الفجر فيذكر الله تعالى ويدعوه إلى قبيل طلوع الشمس، ثم يسير منها إلى منى فيرمي جمرة العقبة، ثم يذبح الهدي وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، ثم يحلق رأسه، ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف الحج، ثم يرجع إلى منى ثم يبيت بمنى تلك الليالي أي ليلة الحادي عشر والثاني عشر من شهر ذي الحجة ويرمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس كل واحدة بسبع حصيات متعاقبات يبدأ بالصغرى وهي البعيدة من مكة ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، فإذا انتهت تلك الأيام وأراد السفر لم يسافر حتى يطوف بالبيت طواف الوداع سبعة أشواط إلا المرأة الحائض والنفساء فلا وداع عليهما.

س18: اذكر أركان الحج؟
جـ18: أركان الحج أربعة وهي:
(1) الإحرام.
(2) والوقوف بعرفة.
(3) وطواف الإفاضة.
(4) والسعي بين الصفا والمروة.

س19: ما واجبات الحج؟
جـ19: واجبات الحج سبعة وهي:
(1) الإحرام من الميقات المعتبر.
(2) والوقوف بعرفة إلى الليل.
(3) والمبيت بمزدلفة.
(4) والمبيت بمنى.
(5) والحلق أو التقصير لشعر الرأس والحلق أفضل.
(6) ورمي الجمار.
(7) وطواف الوداع.

س20: ما أركان العمرة وواجباتها؟
جـ20: أركان العمرة ثلاثة وهي:
(1) الإحرام.
(2) والطواف.
(3) والسعي وواجباتها شيئان:
(أ) الإحرام من الميقات.
(ب) والحلق أو التقصير.

س21: ما سنن الحج؟
جـ21: من سنن الحج:
(1) الاغتسال عند الإحرام.
(2) والتلبية.
(3) وطواف القدوم بالنسبة للمفرد أو القارن.
(4) والمبيت بمنى ليلة عرفة.
(5) والرمل والاضطباع في طواف القدوم.

س22: ما حكم من ترك ركنًا أو واجبًا أو سنة في الحج؟
جـ22: حكم من ترك ركنًا لم يصح حجه إلا به. ومن ترك واجبًا: جبره بدم. ومن ترك سنة فحجه صحيح وليس عليه شيء.

س23: ما حكم فيمن فعل محظورًا من محظورات الإحرام عامدًا أو جاهلاً أو ناسيًا؟
جـ23: من فعل محظورًا جاهلاً أو ناسيًا (فلا حرج عليه ولا فدية) ومن فعل محظورًا غير الجماع وقتل الصيد فهو مخير بين ثلاثة أشياء صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، أما في الصيد فجزاء مثل ما قتل من النعم، وفي الجماع بدنة.

س24: ما حكم الحج بالمال الحرام؟
جـ24: الذي يحج بالمال الحرام حجه غير صحيح ويعيد الحج بعد التوبة النصوح.

س25: ما حكم زيارة المسجد النبوي؟
جـ25: زيارة المسجد النبوي سنة والصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، رواه مسلم وغيره.

س26: ما حكم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟
جـ26: السفر لأجل ذلك غير جائز لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) متفق عليه، وأما من كان بالمدينة من المقيمين فيها والزائرين للمسجد النبوي فإنه يسن لهم زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه رضي الله عنهما.

س27: ما صفة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه؟
جـ27: أن يأتي الزائر ويقف مستدبرًا القبلة مستقبلاً القبر بهدوء وخفض صوت قائلاً السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا عمر ولا يدعو الله مستقبلاً القبر ولا يضع اليمنى على اليسرى كهيئة المصلي ولا يتمسح بالحجرة.

س28: ما حكم زيارة النساء للقبور بما في ذلك قبره صلى الله عليه وسلم؟
جـ28: لا يجوز للنساء زيارة القبور عمومًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور. رواه أهل السنن.
والصلاة والسلام عليه تصله من الشخص في أي مكان كان والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم... من إعداد هيئة التوعية في الحج

أحكام تتعلق بالهدي وبالذبح والنحر

الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فهذه كلمات يسيرة إلى إخواننا الحجاج فيما يتعلق بهدي التمتع والقران وتتضمن ما يلي:

1- بيان حكم هدي التمتع والقران وحكمته.
2- بيان نوعه وما يجب أن يتوفر فيه.
3- بيان مكان ذبحه.
4- بيان وقت ذبحه.
5- بيان كيفية الذبح المشروع.
6- بيان المشروع في توزيعه.

فأما حكم هدي التمتع والقران فواجب على من تيسر له لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} (البقرة:196)، فإن لم يجد الهدي أو ثمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع. هذا إن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وإلا فلا هدي عليه. لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (البقرة:196)، وحكمة الهدي زيادة التعبد لله والتقرب إليه بذبح الهدي وشكر نعمته بتيسير العمرة والحج في سفر واحد وأما نوع الهدي فهو من الإبل أو البقر أو الغنم -المعز والضأن- لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} (الحج:34) وبهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- وتجزئ الواحدة من الغنم في الهدي عن شخص واحد فقط ـ وتجزئ الواحدة من الإبل أو البقر عن سبعة أشخاص. ويجب أن يتوفر في الهدي شيئان:
أ- بلوغ السن الواجب، وهو ستة أشهر في الضأن، وسنة كاملة في المعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، وما دون ذلك لا يجزئ.
ب- السلامة من العيوب الأربعة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتقاء ما هي فيه وهي:
1- العوراء البين عورها. 2- المريضة البين مرضها.
3- العرجاء البين ضلعها. 4- الهزيلة التي لا مخ فيها.
فهذه العيوب الأربعة إذا كانت في البهيمة لا يجزئ إهداؤها وكلما كان الهدي أسمن وأكمل كان أعظم أجرًا وأفضل.

أما مكان الذبح فهو منى ويجوز في مكة وبقية الحرم، إذا كان في حدود وقت الذبح. وأما وقت الذبح فهو يوم العيد وثلاثة أيام بعده لأن يوم العيد يوم النحر ويروى في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال كل أيام التشريق ذبح - أي وقت للذبح -. وعلى هذا فيجوز للحاج ذبح الهدي بمكة في اليوم الثالث عشر إذا نزل من منى، وأما كيفية الذبح المشروع فهو نحر الإبل وذبح البقر والغنم، فالنحر في أسفل الرقبة مما يلي الصدر والذبح في أعلاها مما يلي الرأس. ولابد في الذبح والنحر من أنهار الدم بقطع الودجين وقطع الحلقوم والمريء. ولا بد من قول بسم الله عند الذبح أو النحر فلا تؤكل الذبيحة إذا لم يذكر اسم الله عليها لقوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} (الأنعام:122) ولا تجزئ عن الهدي لأنها ميتة. وأما المشروع في توزيع الهدي فهو الأكل والإطعام لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (الحج:28) {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (الحج: 36) ولا يكفي أن يذبح الهدي ويرمي به بدون أن ينتفع به لأن هذا إضاعة مال ولا يحصل به الإطعام الذي أمر الله به إلا أن يكون الفقراء حوله فيذبحه ويسلمه لهم فحينئذ يبرأ من عهدته. فعلى الحاج أن يتقي الله ويحرص على إبراء ذمته في تقديم الهدي المجزئ الذي تبرأ به ذمته جعل الله حجنا مبرورًا وذنبنا مغفورًا وسعينا مشكورًا والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من فضائل عشر ذي الحجة وفضل العمل الصالح فيها


الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فإن شهر ذي الحجة شهر كريم وموسم عظيم شهر الحج شهر المغفرة والوقوف بعرفة شهر يتقرب فيه المسلمون إلى الله بأنواع القربات من حج وصلاة وصوم وصدقة وأضاحي وذكر الله ودعاء واستغفار، وعشره الأول عشر مباركات، وهن الأيام المعلومات التي أقسم الله بهن في محكم الآيات في قوله {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر:1-2) وهن أفضل من كل عشر سواها والعمل فيها أفضل من العمل في غيرها، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني: الأيام العشر- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله. قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء). رواه الطبراني ولفظه: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير) أي أكثروا فيهن من قول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وفي رواية للبيهقي: (ما من عمل أزكى عند الله ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى)، فكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يقدر عليه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (في أيام العشر: يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر) رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي. وعن أنس بن مالك قال: كان يقال في أيام العشر: بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم. يعني في الفضل. رواه البيهقي والأصبهاني. وعن الأوزاعي قال: بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر غزوة في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة. رواه البيهقي. وفي هذه العشر تضاعف الحسنات وتجاب الدعوات وتغفر الخطايا والسيئات، وهذه الأيام العظام يشترك في خيرها الحجاج إلى بيت الله الحرام والمقيمون في أوطانهم على الطاعات، والعمل المفضول في هذه العشر خير من الفاضل في غيرها من الأوقات، والعمل الصالح فيها أفضل عند الله وأحب إليه من كثير من العبادات، وهذه العشر تحتوي على فضائل عشر:
الأولى: أن الله تعالى أقسم بها في قوله: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر:1-2).
الثانية: أنه سماها الأيام المعلومات.
الثالثة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها أفضل أيام الدنيا.
الرابعة: أنه حث على أفعال الخير فيها.
الخامسة: أنه أمر بكثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير فيها.
السادسة: أن فيها يوم التروية اليوم الثامن وهو من الأيام الفاضلة.
السابعة: أن فيها يوم عرفة اليوم التاسع وصومه بسنتين.
الثامنة: أن فيها ليلة شريفة ليلة المزدلفة وهي ليلة عيد النحر.
التاسعة: أن فيها الحج الأكبر الذي هو ركن من أركان الإسلام.
العاشرة: وقوع الأضاحي فيها التي هي علم من معالم الملة الإبراهيمية والشريعة المحمدية.
وأما يوم عرفة فقد عظم الله أمره ورفع على الأيام قدره وقد أقسم الله به في قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (الفجر:3) فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر). وفي قوله تعالى: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} (البروج:3) الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة. ومن فضائله أن الله أنزل فيه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} (المائدة: 3) فهو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة. ويوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها والعتق من النار، وفي صحيح مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة وأنه ليدنو فيباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)، فمن طمع بالعتق من النار ومغفرة ذنوبه في يوم عرفة فليحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة، ومنها: صيام ذلك اليوم ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)، ومنها: حفظ جوارحه عن المحرمات ففي مسند الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يوم عرفة من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له). ومنها: الإكثار من شهادة التوحيد بصدق وإخلاص فإنها أصل دين الإسلام وأساسه الذي أكمله الله في ذلك اليوم فتحقيق كلمة التوحيد يوجب عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار كما ثبت في الصحيح أن من قالها مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب ومن قالها عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل، وكان عبد الله بن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما: الله أكبر.. الله أكبر لا إله إلا الله.. والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وإذا دخلت العشر فمن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئًا حتى يضحي. لحديث أم سلمة رواه مسلم وغيره.

أيها المسلم: تب إلى ربك من الذنوب والخطايا قبل أن تموت فإن الموت يأتي فجأة، ومن تاب قبل أن يموت تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
أيها المسلم: حافظ على ما أوجبه الله عليك من الطاعات وابتعد عن المحرمات التي تمنع القبول فإن المعاصي تزيل النعم وتوجب النقم وهي سبب هلاك الأمم، حافظ على الفرائض وكملها بالنوافل فإن النوافل تجبر ما نقص من الفرائض وهي من أسباب محبة الله لعبده وإجابة دعائه ومن أسباب رفع الدرجات ومحو السيئات وزيادة الحسنات، وفي هذه العشر المباركات تضاعف الحسنات فأكثر فيها من نوافل الصلاة والصدقة والصوم وأكثر من تلاوة القرآن الكريم فإن الله يثيبك عليه بكل حرف عشر حسنات، أكثر من ذكر الله ودعائه واستغفاره فإن الله يذكر من ذكره ويجيب من دعاه ويغفر لمن استغفره، واحذر أن تترك الصلاة أو تمنع الزكاة أو تعق والديك أو تقطع أرحامك أو تسيء إلى جيرانك فإن ذلك من كبائر الذنوب التي توجب العقوبة وحرمان المغفرة، واحذر الفواحش ما ظهر منها وما بطن كالكبر والخيلاء والزنى والسرقة وشرب الخمر والدخان وحلق اللحى وتصوير ذوات الأرواح واستماع الأغاني الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة وإسبال الثياب ولبس الذهب وأكل الربى وغير ذلك مما حرمه الله عليك ورسوله لتكون من المقبولين الفائزين عند الله {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيم} (الشعراء:88-89) {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (الأحزاب:71).

أيها الإخوة الكرام قولوا كما قال المؤمنون قبلكم: (سمعنا وأطعنا)، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} (الأنفال:20-22) {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (النور:51).
اللهم اهدنا وسائر إخواننا المسلمين صراطك المستقيم، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم..... وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فوائد الحج

قال تعالى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} (آل عمران:97) وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وأن من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، وكل هذا في الصحيحين، وأخبر أن الحج والعمرة ينفيان الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وورد في فرضه وفضله وثوابه أحاديث كثيرة وذلك لما فيه من المنافع العامة والخاصة، وقد بين تعالى مجمل حكمه ومنافعه في قوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (الحج:28) أي منافع دينية واجتماعية ودنيوية، وقال: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِد} (المائدة:96) فإن به تقوم أحوال المسلمين ويقوم دينهم ودنياهم، فلولا وجود بيته في الأرض وعمارته بالحج والعمرة والتعبدات الأخر لآذن هذا العالم بالخراب، ولهذا من أمارات الساعة واقترابها هدمه بعد عمارته وتركه بعد زيارته، فإن الحج مبني على المحبة والتوحيد الذي هو أصل الأصول كلها، فإن حقيقته استزارة المحبوب لأحبابه وإيفادهم إليه ليحضوا بالوصول إلى بيته ويتمتعوا بالتذلل له والانكسار له في مواضع النسك ويسألوه جميع ما يحتاجونه من أمور دينهم ودنياهم، فيجزل لهم من قراه ما لا يصفه الواصفون. وبذلك تتحقق محبتهم لله ويظهر صدقهم بإنفاق نفائس أموالهم، وبذل مهجهم في الوصول إليه، فإن أفضل ما بذلت فيه الأموال وأتعبت فيه الأبدان، وأعظمه فائدة وعائدة ما كان في هذا السبيل. وما توسل به إلى هذا العمل الجليل، ومع ذلك فقد وعدهم بإخلاف النفقات والحصول على الثواب الجزيل والعواقب الحميدة.
ومن فوائد الحج أن فيه تذكرة لحال الأنبياء والمرسلين ومقامات الأصفياء المخلصين. كما قال تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (البقرة:125) والصحيح في تفسيرها أن هذا عام في جميع مقاماته في الحج من الطواف وركعتيه والسعي والوقوف بالمشاعر ورمي الجمار والهدي وتوابع ذلك، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول في كل مشعر من مشاعر الحج: (خذوا عني مناسككم) فهو تذكرة بحال إبراهيم الخليل والمصطفين من أهل بيته، وتذكير بحال سيد المرسلين وإمامهم ومقاماته في الحج التي هي أجل المقامات، وهذا التذكير أعلى أنواع التذكيرات، فإنه تذكير بأحوال عظماء الرسل إبراهيم ومحمد صلى الله عليهم وسلم ومآثرهم الجليلة وتعبداتهم الجميلة، والمتذكر بذلك مؤمن بالرسل معظم لهم متأثر بمقاماتهم السامية مقتد بآثارهم الحميدة ذاكر لمناقبهم وفضائلهم فيزداد به العبد إيمانًا ويقينًا.
وشرع أيضًا لما فيه من ذكر الله الذي تطمئن به القلوب ويصل به العبد إلى أكمل مطلوب كما قال صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.

ومن فوائد الحج أن المسلمين يجتمعون في وقت واحد وموضع واحد على عمل واحد ويتصل بعضهم ببعض ويتم التعاون والتعارف ويكون وسيلة للسعي في تعرف المصالح المشتركة بين المسلمين والسعي في تحصيلها بحسب القدرة والإمكان، وبذلك تتحقق الوحدة الدينية والأخوة الإيمانية، ويرتبط أقصى المسلمين بأدناهم فيتفاهمون ويتعارفون ويتشاورون في كل ما يعود بنفعهم، وبذلك يكتسب العبد من الأصدقاء والأحباء ما هو أعظم المكاسب ويستفيد بعضهم من بعض.
أما توابع ذلك من المصالح الدنيوية بالتجارات والمكاسب الحاصلة في مواسم الحج ومواضع النسك فإنها تفوق العد، وكل هذا داخل في قوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} موسم عظيم لا يشبهه شيء من مواسم الأقطار، كم أنفقت فيه نفائس الأموال وكم أتعبت في السعي إليه الأبدان وكم حصل فيه شيء كثير من أصناف التعبدات، وكم أريقت في تلك المواضع العبرات، وكم أقيلت فيه العثرات، وغفرت الذنوب والسيئات، وكم فرجت فيه الكربات، وقضيت الحاجات، وكم ضج المسلمون فيه بالدعوات المستجابات، وكم تمتع فيه المحبون بالافتقار إلى رب السموات، وكم أسبغ الباري فيه عليهم من ألطاف ومواهب وكرامات، وكم عاد المسرفون على أنفسهم كيوم ولدتهم الأمهات، وكم حصل فيه من تعارف نافع واستفاد به العبد من صديق صادق، وكم تبودلت فيه الآراء والمنافع المتنوعة، وكم تم للعبد فيه من مآرب ومطالب متعددة، ولله الحمد على ذلك.

أذكار وأدعية جامعة لخير الدنيا والآخرة ينبغي للمسلم حفظها والمداومة عليها ليحفظه الله بها

قال الله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} {وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.
رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا.
سبحان الله وبحمده زنة عرشه ورضا نفسه وعدد خلقه ومداد كلماته ومنتهى رحمته، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا، ووفقنا للعمل الصالح الذي يرضيك عنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم ألهمنا رشدنا وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم رب النبي محمد صلى الله عليه وسلم اغفر لي ذنبي، وأذهب غيض قلب،ي وأَجِرْني من مضلات الفتن ما أبقيتني.
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح شأني كله لا إله إلا أنت.
اللهم أصلح لي ديني ودنياي وآخرتي إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيمًا لا ينفد وقرة عين لا تنقطع. اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أبقيتنا.
اللهم إنا نسألك فواتح الخير وخواتمه وجوامعه وظاهره وباطنه وعلانيته وسره وأوله وآخره، اللهم اعتق رقبتي من النار، وأوسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الجن والإنس.
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.
اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، واعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا، وارضنا وارض عنا، وعافنا واعف عنا.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء.
اللهم طهر قلوبنا من النفاق، وأعمالنا من الرياء، وألسنتنا من الكذب، وأعيننا من الخيانة، إنك تعلم خائنات الأعين وما تخفي الصدور.
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.
ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا.
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
ربنا اغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا. ربنا إنك رءوف رحيم.
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق.
باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا ورسولاً صلى الله عليه وسلم.
اللهم إنا نسألك من الخير كله، ونعوذ بك من الشر كله، اللهم هون علينا سكرات الموت.
اللهم ذكرنا النطق بالشهادة عند الموت. اللهم إنا نعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن نفس لا تشبع، ومن عين لا تدمع، ومن دعاء لا يسمع، ومن قلب لا يخشع.
اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء، ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت.
اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقاك.
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي وترحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
رب هب لي حكمًا وألحقني بالصالحين، واجعل لي لسان صدق في الآخرين، واجعلني من ورثة جنة النعيم.
رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري.
رب قني عذابك يوم تبعث عبادك.
رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين.
رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون.
رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء.
رب اجنبني وبني أن نعبد الأصنام.
رب أدخلني مدخل صدق، وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا.
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين، وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين.
ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.
ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار.
ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والعزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بِر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.
(ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) آمين يا رب العالمين يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا قريب يا مجيب يا سميع الدعاء ويا واسع الفضل والعطاء يا مالك الملك يا قادرًا على كل شيء يا مجيب دعوة المضطر إذا دعاك.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


تنبيهات:


1- في ذكر الله أكثر من مائة فائدة ذكرها الإمام ابن القيم في كتابه القيم (الوابل الصيب من الكلم الطيب) فعليك به فقد ذكر فيه من الأذكار والأدعية الخاصة والعامة ما يشفي ويكفي.
2- ينبغي للمسلم أن يلازم هذه الأدعية وخصوصًا في الزمان الفاضل والمكان الفاضل كرمضان والحج وعشر ذي الحجة وليلة القدر وآخر الليل، وفي الحرمين الشريفين، وبين الأذان والإقامة، ويوم عرفة، ويوم الجمعة، وفي السجود، ويكرر الدعاء ثلاث مرات.
3- من أسباب إجابة الدعاء طاعة الله ورسوله عمومًا، وأكل الحلال وشربه ولبسه، وإطالة السفر، والإلحاح في الدعاء، والإيقان بالإجابة، وافتتاح الدعاء بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وختمه بذلك.
4- من موانع الإجابة أكل الحرام وشربه ولبسه ومعصية الله ورسوله عمومًا، أو أن يدعو وقلبه غافل لاه، أو يدعو بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل فيستحسر ويدع الدعاء، وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال، إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، وإما أن تدخر له في الآخرة) رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانيد جيدة. وفيه: قالوا إذًا نكثر، قال: (الله أكثر).

دعاء الاستخارة الشرعية

إذا همَّ بالأمر فليركع ركعتين غير الفريضة ثم ليقل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال عاجل أمري وآجله- فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري -أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به) رواه البخاري. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة