الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التحذير من متابعة وتقليد المشاهير

التحذير من متابعة وتقليد المشاهير

التحذير من متابعة وتقليد المشاهير

جُبِل البشر على حب الشهرة، والتوق لها، وللشهرة بريق وشهوة، يجعل كثيراً من بني البشر يسعى ويستميت من أجلها، وهذا أمر غريزي وطبيعي في الإنسان، لكن الأخطر والأكثر لفتاً للانتباه انبهار الجماهير بأصحاب الشهرة، ومحاولة تقصي أخبارهم؛ بل والعمل على تقليدهم، وجعلهم نموذجاً في الحياة.

لماذا نهتم اهتماماً كبيراً بمتابعة حياة المشاهير؟ ما العوامل النفسية التي تدفعنا إلى ذلك؟
وكيف أصبح المشاهير محط اهتمام الجمهور الذي يتملكه الفضول لمراقبة التطور الذي طرأ على حياة المشاهير.
إننا ندرك أن الاهتمام بأخبار المشاهير بدأت منذ زمن قديم، فقد حكى القرآن عن الجماهير التي فُتِنت بقارون، واعتبرت ظهوره وتفاخره ضربة حظ عظيمة{فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم}(سورة القصص) .

وهذا يؤكد أن جمهور الناس ينساق وراء الشهرة والمشاهير بغض النظر عن طبيعة وأخلاق ذوي الشهرة، ونذكر في سنوات ما قبل طفرة وسائل التواصل الحديثة أن مجالس الناس كانت تتلقف أخبار مذيعي هيئة الإذاعة البريطانية، ويتحدث الناس عنهم بشغف، بل وتُنسج القصص الخالية عن قدراتهم ومهاراتهم إلى الحد المبالغة الواضحة.
ومن أهم دوافع متابعة أخبار المشاهير الرغبة في اكتشاف نمط آخر من الحياة يخلو من الملل أو الرتابة.
كثير منا يعتقد أن متابعة المشاهير والمؤثرين قد يولد الحماس والإلهام من خلال قصص نجاحهم؛ إضافة إلى التحفيز، والأمل في تحقيق أهدافنا الشخصية، كما قد نتعلم من تجاربهم ونستوحي منها، ما يدفع إلى تطوير أنفسنا وتحقيق نجاحاتنا الشخصية هذا بالإضافة الى ما قد نجدنه من متعة وترفيه، وهذا يصدق يوم أن يكون صاحب الشهرة إنساناً سوياً يحمل رسالة سامية، ويعمل على تعزيز المثل، والأخلاق الحميدة في مجتمعه.

لكن الملاحظ أن طرق الشهرة اليوم أصبحت تعتمد على السرعة، والتطلع، وتتخذ أساليب معوجة من دغدغة المشاعر، والتسفل في الطرح، والمعالجة عند كثير من مشاهير الميديا اليوم.
ومن أخطر ما نشاهد اليوم ظاهرة "الفاشنستات" وهي ظاهرة مجتمعية متداولة واللافت فيها أنها تجاوز قوانين الخلق والسلوك، وتجعل من المرأة سلعة ترويج مستباحة للأسف الشديد.

تقول الكاتبة القطرية عائشة العبيدان عن ظاهرة الفاشنستات وما يقدمن من محتوى إعلامي " في مشاهد لا تليق مع عاداتنا وأخلاقياتنا وقيمنا، وما هو الثراء الثقافي والمقومات الفكرية التي تمتلكها تلك الفئة إلا السطحية، والهشاشة العقلية، والفراغ النفسي، والمقومات، والملامح الجسدية، وجدوا ضالتهم في المتابعين، والإعلام المرئي الذي يستضيفهم ويصنع منهم نجومًا، ورموزًا، دون الوعي بأنهم يشكلون خطورة في التأثير على الأجيال القادمة في خلق عقل فارغ وهش، إذا لم يكن هناك متابعة وتحذير واستيعاب من انتشار تلك الخطورة وتمكنها في العقلية الشبابية القادمة".

لا نريد الإطالة في الأمر لكن هذا النوع من المشاهير لم يصنعهم مجد، ولا أخلاق نبيلة، وإنما أوجدهم الإعلام بطريقة غوغائية، وبالتالي أصبحوا معاول هدم لا بناء.
أضف إلى ذلك ما لمتابعة المشاهير من سلبيات كبيرة ففي هذه المتابعات إلهاء كبير عن العمل، وتقود إلى الشعور بعدم الرضا عن حياة المُتابِع الخاصة، والرغبة في التشبه بحياة المشاهير ظنا منا بأن ما نراه يعبر عن واقع وحقيقة الحياة.
- وقد تقود متابعة المشاهير إلى الإحباط وفقدان القناعة بما لدينا، كما تؤدي متابعة حياة المشاهير إلى التركيز الزائد على الشكل الخارجي والمظاهر السطحية، ما يسبب في انخفاض الثقة بالنفس، ويزيد الضغط من أجل تحقيق المعايير الجمالية الخارجية اللاواقعية.
- كذلك يمكن أن توصل متابعة حياة المشاهير إلى الاختلال، خاصة بين المراهقين، وتزعزع عندهم القيم العامة: مثل قيمة التعليم، والمثابرة، والاجتهاد.

وفي الختام يمكن القول بأن متابعة المشاهير يمكن الاستفادة منها في إيجاد أفكار جديدة، و الترفيه، والاستكشاف، وهذا لا يتم إلا إذا تجاوزنا التفاهة إلى الجد والبرامج المفيدة.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة