الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوروبا تعاقب الاستيطان

  • الكاتب:
  • التصنيف:المقالات

أوروبا تعاقب الاستيطان

أوروبا تعاقب الاستيطان

يخوض الكيان الصهيوني منذ فترة حروباً دبلوماسية ضد دول عديدة في العالم، وقد خسر بعض المعارك ولا يتوقع أن ينجح في الباقية، فلديه الآن أزمة سياسية مع البرازيل التي رفضت اعتماد سفير مؤيد للاستيطان، وأخرى مع السويد التي طالبت بفتح تحقيق دولي في عمليات الإعدام الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، أما المعركة الثالثة، وليتها تكون القاضية، فمع الاتحاد الأوروبي الذي بدأ يشدد عقوبات لا تقبل التأويل بسبب الاستيطان في الأراضي المحتلة.

طوال الأيام الماضية شنت حكومة بنيامين نتنياهو حملة في أوروبا لمنع صدور قرار اتحادي يفرض عقوبات جازمة تميز بيان «إسرائيل» في الأراضي المحتلة عام 1948، وما سواها من الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها الجولان السوري، وحتى قبل ساعات من الاجتماع الشهري لمجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، لم تفلح دبلوماسية الاحتلال، التي تعمل على طريقة المافيا، في لجم الأوروبيين عن اتخاذ موقف ينسجم مع قيم حقوق الشعوب المستضعفة. والقرار الجديد يعزز قراراً سابقاً يتعلق بوسم منتجات المستوطنات لمقاطعتها، وقد أثار ذلك القرار قبل أشهر غضباً داخل الكيان ولم يتجرأ إلا قلة من الأوروبيين على مهاجمته لأنه لم يتعارض مع مبادئ أوروبا الأصيلة المكفولة في دساتيرها المختلفة.

رغم الشكوك، التي تستبد بالكثيرين في العالم العربي، هناك تحول أوروبي ملاحظ تجاه القضية الفلسطينية، ويرصد هذا التطور في المواقف السياسية وفي الاعترافات المتوالية من برلمانات القارة بالدولة الفلسطينية وبحقها في الوجود على أرض معلنة الحدود والسيادة، كما يلاحظ أيضاً في صحوة الإعلام الأوروبي وإفلاته من الدعاية الصهيونية التي دأبت على قلب الحقائق بتصوير الفلسطيني المدافع عن أرضه وعرضه «إرهابياً»، وتقديم الصهيوني الغاصب في حلة «الضحية». والسبب في ذلك يعود إلى الثورة الرقمية ونجاح بعض الإعلام العربي ونشطاء عرب أصبح كثير منهم في مواقع قريبة من دوائر صناعة القرار الأوروبي، ما ساعد في تصحيح الصورة وحتى قلبها في بعض الأحيان. كما يحسب لملايين العرب المقيمين في أوروبا دور مهم في كسب التعاطف مع القضية الفلسطينية، ما أثر بتفاوت في السياسات الخارجية الأوروبية تجاه هذا الملف المزمن.

تاريخياً يتهم بلدان هما بريطانيا وفرنسا بأنهما أجرما بحق الشعب الفلسطيني عندما ساعدا الغاصبين الصهاينة على اجتياح أرض لا يملكونها وأخذوها بغير وجه حق ليقيموا فيها كياناً، وعملا- قبل الولايات المتحدة- على دعمه وجعله الأقوى من جميع الدول العربية، والمفارقة الحالية أن الدول الأوروبية ومنها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبدرجة أقل ألمانيا هي التي تدفع باتجاه التشدد مع التجاوزات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية. ومثلما هناك قوانين ومواقف ضد الاستيطان، هناك أيضاً حراك قضائي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة الذين أصبحوا يتجنبون السفر إلى تلك العواصم، وبعضهم مر من هناك متنكراً وتسلل هارباً بعد أن تأكد أنه منبوذ ومطلوب للعدالة.

التغير الأوروبي تجاه كيان الاحتلال خطوة مرحب بها، وتضاف إلى رصيد الشعب الفلسطيني الذي باتت جميع دول العالم تقر بحقوقه ونضاله من أجل استرجاعها. ومقابل الضيق الصهيوني من هذه المكاسب الدولية، يفترض أن يحسن الفلسطينيون استثمار الوعي الدولي والأوروبي منه على الخصوص. ولا شك أن حسن التعريف بالقضية والإصرار على فضح التجاوزات والجرائم الصهيونية في الأراضي المحتلة سيساهم مع الوقت في تغيير قواعد الصراع ويمهد لانتصار الحق على الباطل والضحية على الجلاد.


مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة