الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يكثر من انتقادي ويتهمني بعدم التدبير، فكيف أرضيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة متزوجة منذ أن كان عمري 17 عامًا، مشكلتي منذ أن تزوجت أن زوجي لا يرضى عمّا أصنعه مهما كان، أنا في الأصل لم أكن ماهرة في تنظيم البيت والطبخ وغيره، علاوة على أني حملت من أول يوم، فلم تكن لدي فرصة لأتعلم شيئًا، لأني كنت أمر بمراحل الحمل والولادة وما يتبعها، والحمد لله كان أهلي بجانبي في تلك الفترة، فكان لدي من يساعدني، وزوجي لم يبخل علي بمساعدته.

لكنه كان دومًا يشتكي لي بأنني لست شاطرة، وبأنني لا أستطيع تنظيم بيتي، وأن بيتي غير مرتب... إلخ، والآن مرّت أربع سنوات على زواجنا، ولدينا بنتان، وما زال يردد نفس الكلام، مع أني -ولله الحمد- تحسنت كثيرًا من ناحية الطبخ، ورتبت أمور بيتي كثيرًا، خاصة أنني الآن أعيش وحدي، لأن أهلي في بلد آخر.

ومع ذلك، لا يرضى زوجي، فبمجرد أن يتأخر الطعام يومًا، يعود ليعيد عليّ موال السنوات الأربع الماضية: "أنتِ لا تعرفين كيف تهتمين بالبيت، لستِ ربة بيت جيدة، أنتِ... وأنتِ..."، لو كانت غرفته غير مرتبة، أو لو رمت البنات ألعابهنَّ، أو حدث أي شيء غير مضبوط، لا يرحمني بكلامه.

لدرجة أني كرهته كثيرًا، فلا شيء يُرضيه، حتى لو أعددت له كعكة، يقول: "سكرها قليل"، أي خطأ صغير يقلبه إلى مشكلة، فمثلًا، اليوم كان نائمًا حتى الظهر لأنه يعمل ليلًا، وما إن استيقظ حتى بدأ بالكلام: "لماذا المدفأة مشغلة؟، ماذا كنتِ تفعلين منذ الصباح؟، لماذا لم تنشري الغسيل؟"، إلى آخره، وآخر ما قاله: "سأرجعك إلى أهلك"، وأنا من شدة كرهي لما يحدث، قلت له: "أحسن".

أنا أرى أن الأمر لا يستحق كل هذه المشاكل، هو يقول إنه بعد أربع سنوات ما زلت لم أتعلم شيئًا، لكنني أرى أننا إذا كنا نريد أن نعيش معًا، فعلينا أن نتجاوز عن الأمور التافهة، فقد مرّ عليه وقت لم يكن لديه عمل، ولم أعاتبه أو أُشعره بذلك، فلماذا لا يتحملني إذا قصّرتُ في شيء؟ يمكنه أن يتغافل، حتى عندما أمرض لا يرحمني، ويعود لنفس الموال: "لماذا لم تفعلي كذا؟ لماذا لم تنجزي كذا؟".

أنا جرّبت معه كل شيء، تحدثت معه، شرحت، حاولت إقناعه، تجاهلت، لكن دون فائدة! بالله عليكم، نفسيتي دُمرت بسببه، لا يريد أن يرضى عني، ولا أن يتحمل أي تقصير مني، مع أنه مقصّر في كثير من الأمور، وأولها تربية بناتنا، فالحمد لله، أنا أصبحت أُحفّظ ابنتي التي عمرها ثلاث سنوات أكثر من عشر سور قصيرة، بينما هو لا يقرأ لهن حتى كتابًا واحدًا.

بالله عليكم: ماذا أفعل؟ أنا راضية به، وأريده أن يحبني، لكنه لا يريد أن يتغافل عن أخطائي، ولا يستطيع أن يقول كلمة طيبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك سبل إرضاء زوجك، ويحببك إليه، ويحببه إليك.

وقد أحسنتِ -أيتها الكريمة- بإنصافك لزوجك وذكر ما فيه من محاسن وأخلاق جميلة، وهذا جزء من علاج المشكلة إن شاء الله، فإن التفكر الدائم في الإيجابيات والمحاسن سبب مهم لتوطيد المحبة وتقويتها، والإعانة على الصبر على بعض الإساءات إن صدرت منه.

ونحن نتمنى -أيتها الأخت- أن تبذلي وسعك في محاولة إرضاء زوجك، والمبادرة إلى فعل ما يحبه، فلا تسمحي لمشاعر الإحباط واليأس أن تسيطر عليك، فأنت قادرة على إرضاء زوجك، نعم أنت قادرة على إرضائه، وإن لم تستطيعي فعل كل ما يحبه، وفي سبيل الوصول إلى هذا، نحن نوصيكِ بالآتي:

- استغلي وقت هدوء زوجك، واجلسي معه جلسة ود وحب، بعد أن تجتهدي في تهيئة هذه الجلسة على الشكل الذي يحبه من حيث الوقت والمكان، وما يقدم فيها ونحو ذلك، واحرصي على إظهار حبك له، وحرصك على فعل ما يرضيه، ثم اطلبي منه أن ينبهك إلى أهم الأمور التي تضايقه وتزعجه حين يراها، وما هي الأشياء التي يحبها؟ وقدمي له الوعد بأن تفعلي كل ما تقدرين عليه بحدود استطاعتك، واطلبي منه أن يعذرك فيما يشق عليك، أو يقع تحت السهو والنسيان، واتفقا على ذلك.

- إذا غضب زوجك لأمر ما، فبادري بالاعتذار وطلب المسامحة، ولا تستجيبي لداعي النفس إذا دعتك للتصلب والمخالفة، وإن كنتِ على صواب، فإن مواقف اللين منك تجبر زوجك على حبك واحترامك، وإن كان قد يحاول عدم إظهار ذلك في أول الأمر.

وأنتِ بهذا السلوك تنالين رضا ربك، ثم رضا زوجك، وخذي هذا الحديث الذي يبين فيه النبي ﷺ صفات النساء اللاتي يدخلهن الله الجنة، واجعليه دائمًا نصب عينيك، فقد قال ﷺ: (أَلَا أُخْبِرُكُم بِنسَائِكُم مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ الْوَدُودِ الْوَلُودِ الْعُؤُودِ عَلَى زَوْجِهَا، الَّتِي إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بِيَدِ زَوْجِهَا، ثُمَّ تَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ غَمَضًا حَتَّى تَرْضَى).

- تفكري في حال هذه المرأة، التي قد يظلمها زوجها، ثم هي بعد هذا الظلم تضع يدها في يده، وتطلب منه العفو والمسامحة، وتخبره بأنها لن تنام حتى يعفو عنها ويرضى عنها، وكأنها هي الظالمة، فسبحان الله، ماذا تتصورين أن يكون رد الزوج عليها؟ كوني على ثقة -أيتها الكريمة- بأن حسن تعاملك مع زوجك، ووقوفك مثل الموقف الذي ورد في الحديث، كفيلان إن شاء الله بكسب رضا زوجك عنك.

الأمر يحتاج منك إلى مزيد من الصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، ولن يضيع ذلك كله، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وفقك الله لكل خير، ويسر لك الأمر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً