الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العجلة في كل شيء والتفكير الوسواسي وعلاقة ذلك بالقلق النفسي وكيفية علاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنفعل لأتفه الأسباب، وأضيق بسرعة عند مواجهة مشكلة - حتى وإن كانت صغيرة - ودائماً أكون عجلاً في تصرفاتي، ولا أستطيع الصبر والانتظار، فمثلاً لا أستطيع الجلوس والاستقرار في مكان واحد، وإذا جلست فوق كرسي مثلاً أقوم بتحريك أصابع رجلي، أحياناً أبدأ من الأصبع الصغيرة إلى الكبيرة، وأحياناً من الكبيرة إلى الصغيرة أو أقوم بتحريك أسناني أو أصابعي أو القدم كاملة.

الخلاصة أنني أجد صعوبة في الجلوس هادئاً، أيضاً عندما أتكلم فإنني أتكلم بعجلة ما يجعلني أتلعثم بالكلام، وعدم سرد موضوع مترابط، وأحياناً أصل إلى مرحلة التوقف عن الحديث وكأنه لا يوجد في رأسي أي موضوع، وحتى عند المشي فإنني أمشي بعجلة وتوتر، أيضاً كثير الشرود، وعدم التركيز أثناء الحديث مع الآخرين، أيضاً كثير التفكير والتأمّل الذي أحياناً أجد صعوبة في التوقف عنه، أنا أسمع الأناشيد الإسلامية فإذا سمعت أنشودة أظل أرددها بداخلي كثيراً، ولا أستطيع التوقف عن ترديدها، وأنا أرغب في التوقف عن تكرارها، إذا واجهت مشكلة فإنني أظل في صراع داخلي قد يستمر لساعات، وأحياناً أياماً في كيفية حلها، وماذا أقول فيها، وكذا وكذا إلى ما لا نهاية، حتى أنني أصاب بالصداع، وإذا كان ذلك قرب النوم لا أستطيع النوم، وبسبب هذا الوضع الذي أنا فيه أصبحت قليل الاختلاط بالناس، وأخاف من مواجهة الآخرين خشية أن أقع في الأخطاء.

ما هو تشخيص حالتي وما العلاج؟

ولكم الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عبده أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن رسالتك واضحة حقيقة وقد سردت كل الأعراض التي تعاني منها، وحقيقة هي ليست أعراضاً مرضية، إنما هي من الواضح أنها سمات تتميز بها شخصيتك، وهذه السمات تقريباً كلها تعطي مؤشرات قوية أن شخصيتك هي من النوع القلق، وقلق الشخصية يمكن أن يكون ملازماً للإنسان، أعني بذلك أن القلق هو شيء غريزي مزروع في التكوين الذاتي للإنسان، ولا يعني هذا أن هذا النوع هو نوع القلق العابر الذي قد يأتي للإنسان كتفاعل ظرفي، وهذا التشخيص معروف حين يتحدثون عن ما يسمى باضطرابات الشخصية.

بالطبع شخصيتك مضطربة، ولكن مجازاً تستعمل كلمة (الشخصية القلقة)، والقلق الذي يصاحب البناء النفسي يؤدي إلى كل هذه الأعراض: الضيق، السرعة - كما تفضلت - سرعة الملل، ضعف التركيز، ويحس الإنسان دائماً كأنه في انتظار شيء ما، وكما تفضلت وذكرت تكون هنالك أفكار متسابقة واجترارات، وقد يكون هنالك اضطراب في النوم، أما الصداع فهو ناتج من الانشداد العضلي الذي يحدث لعضلة فروة الرأس، وهي من العضلات الكبيرة جدّاً في الجسم، والتوتر النفسي يؤدي إلى الانقباض والتوتر العضلي.

أخي الكريم: حالتك إن شاء الله حالة بسيطة جدّاً وخطوات العلاج هي الآتي:

أولاً: عليك بممارسة تمارين رياضية بانتظام.

ثانياً: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هذه مفيدة وتعتبر من أفضل أنواع العلاج لهذا النوع من القلق المصاحب للشخصية، وأنصحك أيها الفاضل الكريم بأن تتحصل على كتيب أو شريط أو (CD) أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت أو تقابل أخصائيا نفسياً وليس طبيباً نفسياً ليقوم بتدريبك على هذه التمارين المفيدة، ومن أفضل الطرق طريقة تعرف بطريقة (جاكبسون) هي من الطرق الجيدة والبسيطة والتي تؤدي إلى الاسترخاء التدرجي للعضلات وكذلك للتنفس، وهي ذات فائدة كبيرة، فأرجو الحرص على التدريب على هذا الأمر.

ثالثاً: الإنسان لابد أن يناقش نفسه وأفكاره ولا يقبل بكل مشاعر تأتيه، من المهم جدّاً أن نناقش أنفسنا، من المهم جدّاً أن نحاور أنفسنا، من المهم جدّاً أن تكون لنا الضوابط التي تجعلنا نستبصر ونميز ما بين السلوك المقبول وغير المقبول، هذا هو الذي أنصحك به من الناحية السلوكية.

أما من ناحية العلاج الدوائي فأبشرك أخي الكريم أنه توجد أدوية ممتازة وفاعلة جدّاً وغير إدمانية وغير تعودية، وأفضل دواء سوف يفيد في حالتك هو العقار الذي يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine). أرجو أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً بعد الأكل، وبعد أسبوعين ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام، استمر عليها لمدة عام، ثم خفضها إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء الآخر وهو دواء مساعد يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناولها في الصباح لمدة ثلاثة أشهر.

أخي الكريم: هذه الأدوية إن شاء الله تساعدك كثيراً في القضاء على هذا التوتر والقلق، وحتى الفكر الوسواسي البسيط الذي تعاني منه والذي ظهر جلياً فيما ذكرته أنك حين تستمع إلى الأناشيد تظل ترددها بداخلك لفترة طويلة، هذا نوع من التوجه الوسواسي البسيط وليس أكثر من ذلك، ويعرف أن الفافرين يساعد في ذلك كثيراً.

بالطبع سيكون من الجيد أن تدير وقتك وتنظمه بصورة صحيحة، أن تكون لك الرفقة الصالحة، أن توجه هذه الطاقات النفسية القلقية التوجيه الصحيح، وذلك بأن تنخرط في الأعمال الخيرية والأنشطة الثقافية والاجتماعية، هذه الطاقات يمكن أن توجه، ويمكن أن تكون مفيدة لك وللآخرين.

نصيحتي لك أيضاً أن لا تُكثر من تناول الشاي والقهوة؛ لأنها حقيقة تؤدي إلى الإثارة وارتفاع درجة اليقظة مما ينتج عنه الشعور بالقلق والتوتر الداخلي.

وأستسمحك عذراً أن أذكر لك عن القات إذا كنت من الذين يخزنون القات، فنصيحتي لك أن تتوقف عن ذلك؛ لأن القات يحتوي على مادة الكثانين، وهذه المادة يعرف عنها أنها مثيرة وتبعث شيئاً من النشاط، وهذا ربما ينعكس سلباً على الإنسان ويزيد من درجة الانفعال والتوتر لديه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع استشارات إسلام ويب.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً