أنا وأخي نعاني من مشكلة واحدة ألا وهي أننا نشعر بخجل شديد وصعوبة في تكوين الصداقات، وحتى صداقاتنا الحالية أشعر أنني غير مرحب بي بين أصدقائي لأنني أعتبر مملا بينهم، وهذا الأمر سبب لنا اكتئابا شديدا كوننا وحيدين، وليس لدينا أصدقاء.

وكذلك أنا وهو نعتبر جبناء بين أصدقائنا الحاليين كوننا ضعفاء شخصية، وعدم ثقتنا بالنفس، وشعورنا بالارتباك والخوف الشديد وقت وقوع المشكلة، وفي الأخير أصبحنا أضحوكة بين أصدقائي وبين أقراني ممن هم في مثل عمري، علما أن عمري 19 عاما، وأخي 17 عاما.

هل يوجد لمشكلتي حل دوائي؟ أرشدوني ماذا أفعل وتحياتي لكم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمثل هذه الصعوبات تعالج من خلال الآتي:

أولاً: لا بد أن تصحح من مفهومك وتدعو أخاك لذلك أيضًا، وهو أن لا تصلق بنفسك تهمة الانطوائية أو الخجل، أنت وأخوك لا تقلّان عن الآخرين بأي شيء، هذا أولاً.

ثانيًا: من الضروري جدًّا أن يكون هنالك نوع من الاستقلالية والتفرد بالنسبة لك ولأخيك.

أنا أخاف كثيرًا مما نسميه بالأحلاف المرضية، أي أن بعض الناس تلتصق ببعضها البعض وتتوحد أعراضها، وهذا يؤدي إلى نوع من التآزر السلبي جدًّا.

فالذي أقوله لك: اجلس مع أخيك واتفق معه أن تنظرا إلى الحياة بصورة إيجابية، وأن تتخذا كل منكما أصدقاء ورفقاء صالحين، وأن لا يكون أبدًا رفقتكما هي نفس الرفقة، اجعل لنفسك صديقا، ودع أخيك يتخير صديقًا آخر غير صديقك، وكلٌ يسير في طريقه.

قطع التواصل السلوكي المرضي فيما بينك وبين أخيك مطلوب جدًّا. أنا بالطبع لا أريد أن أفرق بينكما، لكن الضرورة العلاجية تقتضي أن تبتعدان من بعضكما البعض بعض الشيء، هذا مهم جدًّا.

وبالنسبة لوجود صعوبة في بناء صداقات، هذا أمر يجب أن تغير مفهومك حوله.

الأصدقاء موجودون في المدرسة، موجودون على مستوى المسجد، في أماكن تحفيظ القرآن، هم كثر جدًّا، من الأهل، من الأرحام، من الأقرباء، من الجيران. لا يمكن لإنسان أن يعيش وحيدًا إلا إذا اختار هو ذلك، والإنسان بطبعه مخلوق اجتماعي، ليس فقط الإنسان، بل تجد كل أمة من المخلوقات تجدها مخلوقات اجتماعية، النمل، النحل، أنواع السمك، الطيور، الحيوانات، وما شابه ذلك.

فالذي أريده لك ولأخيك هو تغيير المنهج، ونمط الحياة، وطريقة التواصل فيما بينكما، هذا هو العلاج الرئيسي لحالتكما.

أنت الآن تساند أخاك في الانطوائية وهو يساندك، وهذا بلا شك يسبب لكما الكثير من الضرر. اخرجا للحياة كلاً في طريقه، ابنيا علاقات جديدة، طوّرا من مهاراتكما، ويجب أن تكون لديكما الثقة في مقدراتكما، وأنا على ثقة تامة أن الأمور سوف تتبدل إن شاء الله تعالى.

يجب أيضًا أن تنخرط أنت وأخوك في نشاط رياضي، ممارسة كرة القدم مثلاً مع أبناء الحي أو الحارة أو الأصدقاء والزملاء في المدرسة، هذا مهم وهذا فاعل جدًّا.

التركيز على الدراسة حتى تكونا من المتميزين والمتفوقين، ومن ثم سوف يُشار إليكما باعتبار وتقدير من قبل الآخرين. أفضل سلاح في هذه الدنيا يتسلح به الإنسان هو الدين والعلم، قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} متى ما أمتتك الإنسان ذلك، خاصة الشباب في مثل عمرك وعمر أخيك.

الإنسان الذي يمتلك ذلك يكون ملتزمًا بدينه ويطور نفسه حيث العلم والمعرفة، سوف يجد التقدير والاحترام والمكانة من قِبَل وبين الآخرين، بدون ذلك لا أعتقد أبدًا أن الإنسان يستطيع أن يثبت نفسه، وحتى إن أثبت نفسه بطرق أخرى فهذه الأمور لا تستمر ولا تدوم.

دينك وعلمك لا أحد يستطيع أن ينزعهما عنك، وأرجو أيضًا أن تقرأ عن شباب الصحابة، اقرأ عن سيدنا أسامة بن زيد، اقرأ عن معاذ بن جبل، مصعب بن عمير، أنس بن مالك، علي بن أبي طالب، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس... إلخ، هؤلاء كانوا شبابًا في عمرك وقدموا للدعوة وللدين، وهنالك الكثير من الأبطال عبر التاريخ: خالد بن الواليد، عمرو بن العاص، محمد الفاتح ...

لابد أن تغير فكرتك عن نفسك وإن شاء الله تعالى أمامك أنت وأخيك أيام طيبة، وبالنسبة لخوفك أن تكون أضحوكة أمام الآخرين خاصة الأصدقاء، هؤلاء الذين يقومون بالضحك والاستهزاء بك أو بأخيك لا يستحقون أبدًا أن يكونوا أصدقاءك. هنالك من هم أفضل منهم، وهنالك من هم أحسن منهم، وأنت من جانبك –وكذلك أخيك– لا بد أن يكون لكم حضور، وأن تكون لكم مبادرات، كما ذكرت لك الحرص في أمور الدين والعلم مهمان جدًّا، فهما يُهذبان النفس ويرفعان من شأن الإنسان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.