الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع مسؤولي في العمل والذي يحسدني ويتصيد أخطائي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل في القسم المالي، لدينا مسؤول، وبعد فترة ترقيت وحصلت على منصب ذلك المسؤول وهو نقل لوظيفة أعلى، ولكن صار يغار مني ويبحث لي عن أتفه الأخطاء وينقلها للمسؤولين الكبار، كما ويفرح بعثراتي ويحرض الموظفين ضدي، وكانت مشاكله معي قبل ترقيتي، وبعد الترقية زادت حربه ضدي أكثر؛ علما بأنني صاحب خلق ودين ومبادئ، وأرفض أي معاملة بها غش أو رشوة، بعكسه هو الذي يفعل أي شيء لمصلحته، ودائما أواجهه وأتشاجر معه ولكن دون جدوى؛ علما بأن علاقته مع أعلى مسؤول جيدة؛ لأنه يمشي له أموره التى لا يرضاها عقل أو قانون!

أنا أحب العمل في هذا المكان؛ حيث مضت لي سنوات طويلة في العمل به، ودائما أشجع نفسي بثقتي بالله؛ لأني على يقين أن من يعمل بضمير وبما يرضي الله سيوفق في الدنيا والآخرة، لكن وجوده ومشاكله شتتت فكري عن العمل، وأتعبتني وأثر في نفسيتي وجلب لي الإحباط بمشاكله، وحقده وحربه ضدي تقلل من إنتاجيتي في العمل، ويكرهني في العمل؛ خاصة وأني مُجبر على التعامل معه بحكم أن عملنا مرتبط معا وبنفس القسم، وبدلا من أن يكون تعاونا، صار فيه أنانية من قبله!

ما الحل برأيكم؟ وكيف أكف شره عني؟

فكرت بأن أمسك عليه غلطة غير قانونية أو أتصيد أخطاءه؛ كما هو يتصيد لي الأخطاء، ولكن أوقفت نفسي لأنه ربما لا أحد ينصرني، وإن وصلت لشخص أعلى منصبا لن ينصفني؛ لا سيما أننا الآن أصبحنا في زمن: الكل يخترق القانون ويبحث عن من يسايره (والذي يجامل وينفذ الأوامر بدون ضمير؛ هذا شخص مُنصف حتى ولو عند وزير).

هل أبحث عن مكان آخر -مع أني لا أريد ذلك-؟

الرجاء إرشادي لحل يخرجني من هذه المشكلة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ moh حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أيها الابن الكريم في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذه القدرة التي دفعتك إلى السؤال قبل أن تدخل وتجاري السفهاء في سفاهتهم، والجاهلين في جاهلتهم والظالمين في ظلمهم، وأعجبنا وأسعدنا أنك تحاول أن تكون ذو شخصية متميزة، والمؤمن ليس إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسنوا أحسنت وإن أساؤوا أسأت، ولكن إن أحسنوا فإنه يُحسن ليس لإحسانهم، ولكن لأن الله أمر بالإحسان، وإن أساؤوا فيتجنب الإساءة؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يقبلها.

والحمد لله أنك جنيت ثمار اجتهادك في العمل، فنلت هذه الترقية، وأن تتقدم في عملك، وكل صاحب نعمة محسود، فاحرص على أن تكون العلاقة بينك وبين الله عظيمة، فإن الله يصرف كيد الكائدين، والإنسان إذا كان مع الله بإيمانه وبثقته وارتباطه ومراقبته وخوفه من الله فإنه يستطيع أن يردد مقولة الكرام {فكيدوني جميعًا ثم لا تُنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دآبة إلا هو آخذٌ بناصيتها} فنسأل الله أن ينصرك ويوفقك.

ولا نرضى لك أن تسير بسيرته أو تقلد فعاله، ولكن لا مانع من أن تكون واضحًا في عملك، من أن تكون إذا كانت هناك أخطاء، أيضًا تكون معروفة بالنسبة لك، ولا نفضل استخدام هذا الكرت ومعاملته بنفس الأسلوب. وإذا كنت لا تجد من ينتصر لك من الكبار، فاعلم أن الله هو الكبير، وأدِّ ما عليك، واعلم أن الذي يفعل السيء، فالمكر السيء لا يحيق إلا بأهله، ولا تترك الوظيفة، ولا تجعل معنوياتك هابطة، لأنك تعمل لله، ثم إنك تريد مصلحة الناس ومصلحة البلد الذي ستُسأل عنه، فأنت لا تُسأل عن أخطائهم، لكن تُسأل عن عملك.

إذن ينبغي أن تنظر للموضوع بنظرة كبيرة، وينبغي هم أن يحزنوا، من يُخطئ هو الذي ينبغي أن يحزن ويبكي على نفسه، لكن الذي على الصواب ينبغي أن يصبر ويسعد، بل ينبغي أن يُدرك أن كل هذه الصعاب ما هي إلا ابتلاء لصبر الإنسان وإخلاص الإنسان وحرص الإنسان على عمله، والمؤمن لا يزداد مع الصعاب إلا ثباتًا وإلا تصديقًا بما جاء عن الله، كما قال الله عن الكرام: {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زاداهم إلا إيمانًا وتسليمًا}.

فنحن في زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، والذي يريد أن يكون تقيًّا نقيًّا كأنه يسبح ضد التيار، ولا بد أن يواجه صعوبات، لكن حسبه أنه في رضا الله، وحسبه أنه يفعل ما يريده الله تبارك وتعالى، وهذا هو المكسب والفلاح في الدنيا والآخرة، فإن الدرهم الحرام واللعب في هذه الأشياء يعود بالوبال على أصحابه.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات، ونشد على يديك من أجل الاستمرار في هذا العمل، لأنك تعمل لله، ثم لأنك تسعى في مصلحة البلد والأهل، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

لا يوجد صوتيات مرتبطة

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً