الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تهددني وترغمني بقطع علاقتي بخالتي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لي أخت مطلقة وتقيم في الخليج للعمل، كما أنني متزوجة، ووالدي متوفى، تمت خطبة أختي لابن خالتي، وبعد أشهر قليلة قامت برفض إتمام الزواج، وطلبت مني ومن أخواتي أن نقطع علاقتنا بخالتي وأبنائها، وأخواتي أطاعوها ولم يتواصلوا مع خالتي بعدها، أما أنا وأمي لم نقطع علاقتنا بها، وعندما علمت بذلك قامت بشتمي وحظري من على صفحتها على الفيس بوك، وتحذير أخواتي من مواصلة الكلام معي، ولأن أخواتي صغار في السن سمعوا كلامها للأسف! ولكنهم كانوا يتواصلون معي خلسة دون معرفتها، إلى أن جاء يوم وعلمت أننا على تواصل، وقامت بشتمي بأقذر الكلمات على الفيس بوك، وقالت لي: أنت لا تخافين على أولادك وبيتك، كنوع من التهديد!

المشكلة أنها أنشأت حسابًا وهميًا يحمل صورتي وباسمي على الفيس بوك، وأرسلت طلبات صداقة لأهل زوجي وأصدقائه الرجال، وهددتني بقلبها لصفحة للدعارة -والعياذ بالله- تم التواصل مع أخوالي وأخي ليجدوا حلًا للموضوع، ولكن بلا فائدة، فهي لا تستمع لأحد أبدًا، وبعد أسابيع لم أجد حلًا إلا أن أقطع علاقتي بخالتي، وإرسال صور حظرهم من الفيس بوك لها، وبعد ذلك أغلقت الصفحة.

المشكلة أنني أشعر بالعجز، لأنني لا أستطيع أن أنصر الحق وأقول لها: لا، بالرغم من كوني على الحق، وهذا يضرني نفسيًا، وأرى نفسي ضعيفة الشخصية لعدم ردي على الشتائم، كما أنني أشعر بالخذلان من أخواتي وأخوالي لعدم حلهم المشكلة!

أخواتي لم يتواصلن معي بعد غلق الصفحة، كأنني لست مهمة لهم، وأنا أجد صعوبة أمام نفسي أن أبدأ بالتواصل معهم، مع العلم أنهم أصغر مني، وأنا دائمًا من يبدأ بالتواصل.

أفيدوني رجاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ magda حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على صلة الرحم والفرار من قطعها، وهذا علامة على حُسنٍ في أخلاقك، وسلامةٍ في ديانتك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقًا وييسّر لك كل أمرٍ عسير.

وقطيعة الرحم من كبائر الذنوب -أيتها البنت الكريمة-، ولهذا نحن نشجّعك على العزم على التواصل مع خالاتك وإخوانك وأخواتك وأعمامك وأخوالك، فهؤلاء كلهم من الأرحام الذين يجب التواصل معهم ويحرم قطيعتهم لغير ضرر، وإذا حصل الضرر فينبغي أن يكون الاختصار على ما يُدفع به الضرر، ولا يجوز الزيادة على ذلك.

وأنت لم تجدي وسيلةً لدفع ضرر أختك إلَّا بالتظاهر بقطيعة هؤلاء الأقارب، فيجوز لك أن تتظاهري بقطعهم وعدم الكلام معهم حتى تدفعي عن نفسك هذا الضرر، وإن كنت تجدين طريقة أخرى لدفع هذا الضرر ولو بالتهديد برفع الأمر لدائرة الجرائم الالكترونية بالذي تفعله أختك معك؛ فإن هذا من حقك، ولكنّا لا نُدرك مدى قُدرتك واستطاعتك، فأنت أدرى بما تقدرين عليه، والله تعالى رحيم لا يُكلّف الإنسان إلَّا قدر استطاعته وطاقته، كما قال سبحانه وتعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلَّا ما آتاها}، وقال سبحانه: {لا يكلف الله نفسًا إلَّا وُسعها}، وقال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم).

فإذًا ينبغي أن تهدئي وتطمئني بالاً، وتُريحي نفسك وتعلمي أن الله تعالى رحيمٌ بك، وأنه يرضى منك أن تفعلي ما تقدرين عليه، وما لا تقدرين عليه لا يُؤاخذك به، وهذا من رحمته ولُطفه وبِرِّه سبحانه وتعالى.

حاولي أن تتواصلي مع إخوانك وأخوالك وأن تبذلي في نصح أختك هذه، وتذكيرها بالله، وتخويفها من عواقب الذنوب والمعاصي، فهذا الجهد الذي تبذلينه لا يضيع، فهو مُدّخرٌ لك عند الله تعالى؛ لأنه سعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوة إلى الخير، وإحسان إلى أختك وصلة لها، ولعلّ الله تعالى أن ينفعها بك، فلا تيأسي من ذلك؛ فإن (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلِّبها كيف يشاء).

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُجري الخير على يديك، وأن يدفع عنك كل سوء ومكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً