الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يقضي وقته في الألعاب الإلكترونية، ويهجرني في المنزل بسببها

السؤال

أنا متزوجة منذ سنة تقريبًا، ففي فترة الخطبة بين لي أنه يصلي، ويقرأ القرآن، وصاحب خلق ودين، لكن لا شيء من هذا في الواقع؛ لأنه متأثر بالألعاب الإلكترونية، وأحيانًا يهجرني خارج المنزل بسبب الألعاب، علمًا أن لديه طفلاً، وأخاف عليه من أن يصبح مثل أبيه، فهل يجوز هجر الزوجة؟ وكيف أحمي أطفالي؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك للصلاة والتلاوة وحسن الأخلاق وحسن الأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا العظيم الكبير المتعال.

أكثري من اللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-، واجتهدي في ملاطفته والنصح له، فإن هذا هو أول ما نوجّهك إليه، واحتسبي الأجر والثواب عند الله -تبارك وتعالى- فـ (لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النَّعَم)، فكيف إذا كان هذا الرجل هو هذا الزوج ووالد طفلك؟ نسأل الله أن يرده إلى الحق ردًّا جميلًا، وأن يُعينكِ على هدايته وإرشاده، فقومي بما عليكِ، واحرصي على النصح له، وتلطّفي في اختيار الأوقات المناسبة والكلمات المناسبة، وذكّريه بخطورة ترك الصلاة والتقصير في الطاعة لله تبارك وتعالى.

نحن نقدّر صعوبة الموقف، وندرك جسامة ما فعله عندما خدع، وأظهر أنه يصلي ويتلو كتاب الله قبل الزواج، ثم بعد ذلك تبيّن العكس، لكن هذا لا يعني أننا نيأس، بل الآن ينبغي أن تُضاعفي الجهد في الدعوة، فلا بد من دعوته إلى الله وتذكيره بالله، ومن أهم الوسائل التي تُعينك على ذلك: التزامك الشرعي، وإخلاصك لله -تبارك وتعالى- وكثرة الدعاء واللجوء إلى الله، ليهدي لك زوجك ويرده إلى الحق ردًّا جميلًا، ثم بعد ذلك القيام بما عليك من واجبات، ثم اختيار الأوقات المناسبة لنصحه، وانتقاء الكلمات الجميلة التي تصل إلى قلبه، والإنصاف له؛ فإن هذا الرجل الذي عنده تقصير في هذه الأمور الخطيرة -بكل أسف-، لا بد وأن فيه إيجابيات.

وعندما نذكر الإنسان بما فيه من إيجابيات وحسنات، ونتّخذها مدخلًا إلى قلبه، فإن الاستجابة تكون عالية جدًّا، عندما نبحث عن المدخل الحسن، فلا تُجرّديه من حسناته، قولي له مثلًا: "أنتَ زوجي، وأنا أحبّك، وأنت والد هذا الطفل الجميل، وأنت -ولله الحمد- معروف بالكرم والمروءة، وأنت لم تُقصّر، لكن لكي تكتمل سعادتنا، ولكي ننجح في تربية أبنائنا، لا بد أن تسجد لله وتخضع له، وتجعل للتلاوة نصيبًا من وقتك"، وحاولي أن تجعلي معه برنامجًا للتلاوة والصلاة والنوافل، والطاعات لله تبارك وتعالى.

اتخذي عددًا من الوسائل للسعي في هدايته، ثم تواصلي مع الموقع، وشجّعيه أيضًا ليتواصل مع الموقع، حتى يسمع النصائح من إخوانه من الرجال، فإن من الرجال من لا يسمع إلَّا من أمثاله من الرجال، وإذا كان لك أخ في سِنّه فشجّعيه أن يكون قريبًا منه، ويعاونك على هدايته؛ فإن هذا أيضًا مما يتأثّر به الشاب، خاصة عندما يجد إنسانًا في سِنّه يدعوه إلى الصلاة، وحتى لو جاءه بعض الصالحين وأخذوه إلى المسجد، فإن لهذا أثرًا كبيرًا جدًّا على استقامته في أمر الصلاة.

أمَّا أمر الألعاب فطبعًا هذه أيضًا كارثة، ولكن الذي نبدأ به هو أن نجعله يصلي، يؤدي الصلاة في وقتها، ويسجد لله تبارك وتعالى، ثم ننبه بعد ذلك إلى واجباته الأسرية، لا بد أن يكون له حضور معك، ومع هذا الطفل الذي يحتاج إلى والده كما يحتاج إلى أمه.

أمَّا انزعاجكِ من تأثّر الأولاد به، فأعتقد أن الوقت لا يزال مبكرًا، ولكن من المهم جدًّا أن يعود إلى الصلاة وللدين، لما لذلك من الأثر الكبير عليه، وعلى طفله، وعلى حياتكم عمومًا.

اجتهدي في الدعاء له، ودعوته إلى الله، وتواصلي مع موقعك، وننتظر منك البشارة بأنه أصبح يصلي، وننتظر كذلك تواصله ليستفهم عن الأمور التي تُعيقه، حتى نعينه على الاستقامة والثبات على هذا الدين، ونجعله أيضًا يرتّب مسألة الألعاب بحيث تكون بمقدار، فإنا ما خُلقنا للعب، بل ينبغي أن يوفّر هذا الوقت لأسرته، فـ (إن لأهلك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا)، كما هو التوازن الذي علّمنا إيَّاه رسولنا ﷺ.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرّر لك الشكر على تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يَقرّ أعيننا بهداية هذا الابن، وهداية أبنائنا وأبناء المسلمين، هو وليّ ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً