الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفضت قريبي بناء على رأي أهلي والآن يطالبونني بالقبول به.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنتُ في عُمْرِ المراهقة عندما اعترف لي ابن خالي بحبه، في البداية رفضتُه، لكنه استمر يحبني، وكنا نلتقي أحيانًا في بيت جدتي دون أي تصرف خاطئ، بعد سنين، صِرْنَا نتحدث بالهاتف حوالي خمس سنوات.

بعد تخرُّجي في الجامعة، تقدَّم لي رسميًا، لكن أهلي رفضوه؛ لأنه ليس لديه شهادة، وقالوا: "شخصيته ضعيفة ومُنعزل ولا يحب الاختلاط بالناس"، مع الوقت، اقتنعتُ أنه من الممكن ألا يكون مناسبًا لي، وقررتُ أن أبتعد، لكني رغم ذلك بقيتُ مُتَعَلِّقَة به.

وبعدها، أصبح أهلي يُطالبونني بأن أَرجِعَ إليه، وهو أيضًا يريد أن نرجع، لكني مُحتارة جدًا، قلبي ما زال يحبه، وعقلي يقول لي بأنني أستحق شخصًا أنسب، الشيء الذي يُضَايِقُني أكثر هو أنني بعد أن رفضتُه، أصبح الناس وأهلي يتحدثون عنه بكلام جعلني أراه أقل شأنًا، رغم أنني كنت أراه شخصًا عظيمًا ومُمَيَّزًا في عيني.

الآن، بعدما اقتنعتُ أن أتركه، صاروا يقولون لي ويُطالبونني بأن أرجِعَ إليه، وأنا تائهة بين مشاعري وعقلي ولا أعرف القرار الصحيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على ثقتك في موقع (إسلام ويب)، ونرجو الله أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه.

اعلمي -أختي الكريمة- أن كلام الناس لن ينتهي ورضا الناس غاية لا تدرك، وكما رأيت بنفسك فكلامهم متناقض؛ حين قبلت به ذموه ولاموك، وحين رفضته مدحوه ولاموك، فلا تعيريهم اهتمامًا، واعلمي أنك لن تتزوجي شخصًا يرضي الجميع، ولن تجدي شخصًا كاملًا خاليا من العيوب، فالاستشارة تكون لأهل العلم والخبرة والصلاح، وليس بالاستماع لكل من مر وأبدى رأيه دون ذكر دليل وبينة.

وتذكري أن الرجال أخبر بالرجال، فأرجعي القول الفصل لوليّ أمرك (أبيك، أو أخيك) وثقي بهم واتبعي رأيهم، فما دام أهلك موافقين، فننصحك أن تستخيري الله، وتتوكلي عليه، وتمضي بأمر الزواج، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

كما أن أمك هي أخت أبيه، وهذا يعني أنها تعرفه وتعرف خلقه وبيئته، فمن السهل عليكم معرفة دينه ودين أهله، وخلقه وخلق أهله؛ وهذا يختصر عليك درباً طويلاً من البحث والشك والخوف.

وأما عن قولهم: "شخصيته ضعيفة ومُنعزل ولا يحب الاختلاط بالناس"؛ فهذه أمور تقديرية وقد توضع في كفة الحسنات والسيئات، فالاكتفاء بصديقين مخلصين وفيين، بدلً عن مصادقة أبناء الحارة كلها قد يعتبره البعض انعزالاً وعدم خلطة، ولكن يراه البعض ذكاء ووفاء، وعدم تضييع الوقت الطويل في الكلام الفارغ، والاكتفاء بالزيارات القليلة القصيرة التي تؤدي الواجب، قد يعتبرها البعض انعزالاً وعدم اختلاط، ولكنها في نظر الآخرين حرص على الوقت وترتيب لأولويات الحياة.

وأما ضعف الشخصية؛ فهذا أيضًا أمر تقديري، فلا ندري ما البينات والأدلة التي جعلتكم تحكمون عليه بهذه الصفات، ولكن قد يرى الناس المسامح ضعيف شخصية، والساكت عن الجاهل ضعيف شخصية، بينما هم في الواقع مترفعون عن الخوض مع السفهاء، ومبتغون الأجر من الله.

وقولك إنك تستحقين أفضل منه، فهداك الله؛ فهذا ابن خالك تعرفينه وتعرفين أهله وتعرفين أنه يحبك بصدق، وما زال ينتظرك رغم أنكم رفضتموه، وتحدثتم مع بعضكما في علاقة محرمة دامت خمس سنوات، وما زلت تحبينه ويحبك، ولو كانت شخصيته لا تناسبك لعلمت ذلك بنفسك وليس من كلام الناس، فلا تجعلي شهادتك الجامعية تكون سبب استعلائك عليه، وشعورك بأفضليتك عنه، فالأفضلية تقاس بالخلق والدين وليس بالشهادات والرتب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً