الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أجد حلاً لسوء أخلاق زوجي وقسوته معي أمام أولادي؟

السؤال

زوجي يعاملني بقسوة، ولا يحترمني، ويقلل من قيمتي أمام أولادي، تعبت منه، وكل حركاته، هل يوجد حل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ربا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

والذي يقسو على زوجه يُخالف هدي النبي ﷺ الذي كان في بيته ضحّاكًا بسّامًا، يُدخل السرور على أهله، يُشاركهم في المهنة، ويتواضع لهنَّ -عليه صلاة الله وسلامه-، ولم يكتفِ بذلك حتى أعلنها مدوية: «خَيْرُكُمْ ‌خَيْرُكُمْ ‌لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».

فعلى الرجال جميعًا أن يدركوا أن خيريَّة الرجل في حسن تعامله مع أهله، وإذا كان الإنسان يسيئ التعامل مع أهله فكيف سيحسن مع غيرهم؟ لذلك هذا معيار في غاية الأهمية. إن أحد المستشرقين عندما سمع كلام خديجة -رضي الله عنها- عن النبي ﷺ: «وَاللهِ ‌لَا ‌يُخْزِيكَ ‌اللهُ ‌أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ» أسلم، وقال "هذا رجل -يعني النبي ﷺ - ظاهره كباطنه، جاءته هذه الشهادة من أهله، وخيرُ مَن يعرف حقيقة الرجل هي الزوجة، وخير من يعرف حقيقة الزوجة هو الزوج".

ولذلك الشريعة دعت إلى أن تسود المودة والرحمة، وأن يسود حسن التعامل بين الزوجين، فلا يصح للزوج أن يقسو على زوجته. وتزداد خطورة هذه القسوة والآثار الخطيرة عندما تكون أمام الأبناء، وعندما تكون القسوة معها قلة احترام وإنزال من القيمة -كما أشرتِ في السؤال-.

ونحن نتمنى حقيقة أن تُشجعي هذا الزوج للتواصل مع الموقع، حتى نستطيع أن نتفاهم معه، ويسمع من إخوانه الخبراء من الرجال، فبعض الرجال يتأثّر إذا سمع الكلام من رجل مثله.

أمَّا بالنسبة لكِ فنحن ندعوك أولًا إلى الصبر، ونذكّرك بأن العاقبة للصابرين، ونذكرك بأن العلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، وأن إساءة هذا الزوج سيحاسبه الله عليها، فلا تردي الإساءة بمثلها، واجتهدي دائمًا أن تدفعي بالتي هي أحسن.

الأمر الثاني: أرجو أن تتفادي الأسباب التي يقسو هذا الزوج لأجلها، فبالتأكيد هناك أمور أو أشياء عندما تحصل تزداد فيها القسوة والإساءة بالنسبة لك، والمرأة العاقل مثلك تعرف ما يغضب زوجها وما يزعجه فتتفاداه، وعند ذلك ستقل هذه المواقف السلبية، أو قد تنتهي هذه المواقف بالكلّيّة، والمرأة العاقل قال لها زوجها ليلة بنائه بها: "أنا سيئ الخلق"، فلم تقل: "لقد تورطت معك"، ولكن قالت: "أسوأ منك من يُلجئك إلى سيئ الخلق"، لذلك أرجو أن ترصدي الأمور التي تغضبه وتزعجه وتتفاديها.

وكما قلنا: إذا قصّر فلا تقصِّري؛ لأن العلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، والذي يُحسن يُجازيه الله، والذي يُسيء يُعاقبه الله تبارك وتعالى.

أيضًا نحتاج إلى مزيد من التفاصيل، حبذا في مرة قادمة لو تعرضي نماذج من المواقف التي تحصل، حتى نستطيع أن نحلل شخصية هذا الزوج، ونستطيع أن ننبهك أيضًا؛ لأن بعض بناتنا ربما تُكرر الخطأ الواحد مرارًا، وهذا مما يدفع الرجل للقسوة أو الاحتقار أو التقليل من القيمة.

وينبغي أيضًا أن تتجنبي الجدال معه، خاصة إذا كان ذلك في وجود الأبناء، في لحظات الهدوء نبهي زوجك إلى أن الأطفال يتأثرون ويتضررون من هذا الخصام الذي يحدث، وأنك عندما تُقلِّل من قيمة والدتهم فإن ذلك يلحق الضرر بهم، وسيدفعهم هذا إلى عدم سماع كلامها وعدم طاعتها، والخسارة تكون كبيرة في مثل هذه الأحوال.

ولذلك نكرر النصيحة بالصبر، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب، ودائمًا اسألي نفسك: ما هي الأشياء التي لو حصلت يمكن أن يتحسَّن الوضع وتتغير هذه الصورة؟ وننتظر منك مزيدًا من التوضيحات، ونتمنى أن تشجعيه على التواصل معنا -إن كان ممكنًا-، حتى نسمع وجهة نظره ويسمع التوجيه؛ فإن هذا الذي يفعله لا يصح، ولا يُقبل من الناحية الشرعية، وليس فيه مصلحة، بل فيه الضرر الكبير على هذه الأسرة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً