الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين الوظيفة وطلب العلم

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الحقيقة أن مشكلتي تبدو جوانبها متشابكة على الأقل بالنسبة لي، وهي تتعلق بتعارض بين الوظيفة وطلب العلم، فلقد درست اللغة الإنجليزية، وحصلت على درجة الليسانس بها، ومع تخرجي حصلت لي مشكلة جعلتني أغير مفاهيم كثيرة في حياتي، وأرى الأشياء على حقيقتها.

وفور تخرجي حصلت على وظيفة كأستاذة للغة الإنجليزية، كمستخلفة فقط لمدة عام، ولكني آثرت أن أبقى في هذه الوظيفة لمدة شهر فقط؛ لأتابع مشواري العلمي في مجال آخر حلمت دائماً أن أدرسه، وأتخصص فيه، وهو مجال التاريخ.

وقد حرمت نفسي من هذا الحلم في وقت كنت أعتقد فيه أن العلم هو دراسة للحصول على وظيفة في آخر المطاف؛ للحصول على المال، ولكن الله هداني، وعرفت أن العلم لا يقاس هكذا أبداً!

وسبب آخر جعلني أترك تدريس اللغة الإنجليزية؛ هو أني شعرت أولاً أني غير كفؤة من جهة، ومن جهة أخرى شعرت أنه ليس مجالي، ولكن مع هذا اعتبرت اللغة الأنجليزية مكسبا لي، وأحاول أن أطور ما اكتسبته عن طريق القرءة المتواصلة لكتب باللغة الإنجليزية.

وقررت أن أدرس التاريخ، وأخلص النية لله، وأتمنى أن أنفع أمتي بدراستي هذه، وهنا نجمت المشاكل بيني وبين عائلتي، خاصة أمي وأبي؛ فهما يريدان مني أن أبحث عن الوظيفة من جديد، فمنطق العائلة، بل المجتمع كله هو أن الذي لا وظيفة له لا قيمة له، ذكراً كان أم أنثى!

حاولت أن أشرح لهما الموضوع، لكن دون جدوى، ومع ذلك وإرضاءً لهما حاولت من جديد أن أبحث عن عمل، وأن أنتقل من مؤسسة إلى أخرى.

ولقد كنت أشعر بالذل والمهانة، وأنا –فعلاً- محتارة هل أواصل البحث عن العمل؛ إرضاءً لوالدي، أم أستمر في طلب العلم، متوكلة على الله في رزقي؟!

طلب آخر وأخير: أرغب في أن أحصل على البريد الإلكتروني للأخت التي أسمت نفسها بالقمر الحائر، والتي تحدثت هي الأخرى عن الوظيفة، وإن كان من جانب آخر؛ لأني أرغب في أن أراسلها، ولا أخفي عنكم أني أحببتها في الله من غير أن أراها، أو تعطوها بريدي الإلكتروني لتراسلني.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فردوس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع! ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يوفقك لخدمة الإسلام وطلب العلم الشرعي الذي ينفع الله به المسلمين، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.

وبخصوص ما ورد برسالتك فأرى أن خدمة الإسلام ليس لها طريق واحد أو وسيلة واحدة، وإنما هنالك آلاف الوسائل التي يمكن بها خدمة الإسلام، خاصةً في مجال التدريس والتعليم، والذي يكاد أن يكون من أخطر المجالات وأعظمها تأثيراً، وهذا هو السبب الرئيسي الذي دفع التنصير والمنصرين إلى إنشاء المدارس والجامعات، والتي من خلالها يتمكنون من بث سمومهم وضلالهم في غفلةٍ من المسلمين مع الأسف الشديد، فالسبب الرئيسي في معاناة المسلمين اليوم هو تولي هذه الفئة التي تربت على موائد المنصرين الحكم وقيادة البلاد الإسلامية، مما جعلها أقل شعوب العالم تقدماً وحضارة وأكثر شعوب العالم فقراً وجهلاً ومرضاً وتخلفاً، وهذا ما يلاحظ في كل بلاد العالم الإسلامي بلا استثناء مع الأسف الشديد.

فميدان التدريس والتعليم من أهم الميادين وأخطرها في نشر الأفكار والمبادئ والقيم، بصرف النظر عن المادة التي يتم تدريسها، بل لعل من المؤثر جداً أن تكون مدرسة اللغة الإنجليزية صاحبة رسالة إسلامية دعوية هادفة، فلا تتركي هذا المجال، وحاولي تنمية نفسك والنهوض بمستواك، فذلك أفضل بكثير من الانشغال بعلم آخر من جديد، ولا مانع من الجمع بين الحسنين: تدريس اللغة الانجليزية كهدف أساسي ولو على الأقل في المرحلة الحالية، ثم دراسة التاريخ بصفةٍ شخصية غير نظامية، فحاولي تنظيم وقتك، وإشباع ميولك في دراسة التاريخ، مع المحافظة على وظيفة تدريس الإنجليزية؛ لأنها أهم وأخطر من التاريخ، حيث سنستخدم لغة الفهم في بيان فساد ما هم عليه من عقائد وأخلاق، وبذلك تُرضين والديك، وتحققين رسالتك كمسلمة تريد أن تساهم في نهضة الإسلام وإعادة مجده، مع دراسة التاريخ وفق المتاح لك من الوقت والظروف.

مع تمنياتنا لك بالتوفيق في خدمة الإسلام والنهوض بقضاياه.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً