الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الموتى لدرجة أني انعزلت عن من حولي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي أخاف من الأموات، خصوصا لو مات أحد على الطريق في حادث ونزف دما، ففي مخيلتي وأنا صغير أنه إذا مات أحد مقتولا ونزف دما يظهر عفريت، كل هذا مقدمة لمأساة أعيشها بسبب خوفي من الأموات، وما يحدث من حوادث أصبح في مخيلتي أن رائحة الموت في كل مكان، وأيضا الدم في كل مكان، ما ترتب على ذلك أني امتنعت عن الذهاب للمسجد؛ لأني أعتقد أن رائحة السجاد بسبب وضع الجنازة عليه ليصلى عليها من رائحة الميت، وأن شيئا منه قد تبقى، وأن السجاد كله أصبح ملوثا بهذا الشيء الذي في رأسي.

وهكذا بالنسبة للدم، وإذا ذهبت إلى الصلاة أصلا بعد رجوعي للبيت أقضى ساعات بالحمام أغسل وجهى ويدي ورجلي ظنا مني أن شيئا من الأموات أو الدم قد أصابني.

أصبحت أترك الصلاة وأنام عنها، وإذا ذهبت أرجع وأنظف نفسي وقتا طويلا لدرجة أن يدى تبيض من الصابون.

وأيضا أصبحت منعزلا؛ لأني لا أريد أن أصافح أحدا؛ لأنه ربما لمس الأرض أو أحد الأموات، وخاصة الشيخ الذي يغسل الأموات، يستحيل أن أسلم عليه.

حياتي أصبحت جحيما، حتى ذهابي للكلية، أصبحت أخاف من الذهاب إليها، فقد حصلت فيها عدة حوادث سال دم كثير فيها، فأصبحت عندما أرجع أغسل وجهى ويدى بالصابون كثيرا.

أصبحت منعزلا، لا أصافح أحدا، أترك الصلاة، أخاف المشي في الشارع، أخاف من التراب، أخاف المرور أمام المستشفيات، أو لمس النقود، أغسل يدى كثيرا إذا صافحت أحدا، وقتي وعمري وعلاقتي الاجتماعية تضيع بسبب هذا، لا أعرف لماذا أخاف من الموتى، خصوصا إذا نزل منهم دم، لدرجة أني أتخيل أني لو لمست ميتا سأموت بعدها.

أريد أن أعرف ما هو تشخيص حالتي؟ وما العلاج الدوائي أو السلوكي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

تشخيصك هو وسواس قهري في شكل مخاوف وسواسية، خوف من الجنائز، يتملَّكك وتفكّر فيه باستمرار وتتهرَّب منه، وتحاول تجنُّبه كما حصل معك. هذه هي مخاوف وسواسية - أخي الكريم - واضحة، وهي من اضطرابات الوسواس القهري المعروفة.

العلاج السلوكي هو بالتعرُّض التدريجي لهذه الأشياء، التعرُّض التدريجي المنضبط للجنائز أو كل ما يُذكَّر بها بطريقة منضبطة ومُحكمة ومتدرِّجة، وهذا في نفس الوقت سوف يُحدث قلقًا وتوترًا شديدًا عندك، فيجب التعامل معه بالاسترخاء، حتى يذهب التوتر والقلق، ثم تنتقل إلى مرحلة أخرى أصعب وأشدَّ، حتى تصل للمرحلة التي يمكنك أن تكون بالقُرب من الجنائز دون أن تشعر بأي شيء، وهذا ممكن من خلال العلاج السلوكي المعرفي - أخي الكريم - وإذا استطعت أن تتواصل مع شخص متمرِّس في هذا النوع من العلاج يكون ذلك أفضل من أن تفعله بنفسك.

وهناك طبعًا أدوية كثيرة يمكن أن تُساعد في هذه الأشياء، فعلى سبيل المثال هناك دواء يُعرف تجاريًا باسم (سبرالكس عشرة مليجرام)، ابدأ بنصف حبة - أي خمسة مليجرام - لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة (عشرة مليجرام) وسوف يأتي مفعوله بعد مرور ستة أسابيع بإذن الله، وحتى بعد زوال هذه الأعراض يجب الاستمرار عليه لفترة لا تقل عن ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن إيقافه بالتدرُّج، بخفض ربع حبة كل أسبوع حتى يتوقف نهائيًا، ويفضل أن يكون هناك جمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي، فهذا يعطي نتائج أفضل.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً