الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المؤمن لا يكون جزوعا ولا يائسا

السؤال

لدي مشكلة خاصة وأتمنى أن أجد ضالتي عندكم فليس من باب أطرقه غير باب الله عز وجل وهو خير الحاكمين.. الحظ مذكور بالقرآن وأنا أعاني من قلة حظي مع الناس ولا أعلم سببا لذلك.. فالحمد والشكر لله ربي أنعم علي بمكارم الأخلاق وأنعم علي بالإيمان والقناعة والهدوء وليس لدي من سيئ الأخلاق وبشهادة كل من يعرفني، ولكن دائما أفاجأ بالجحود من المقربين وعدم محبتهم لي، حتى بالزواج لم يتقدم أي أحد لخطبتي وفي البيت استطاعت زوجة أخي من أن تقسي قلبه علي، وفي مكان عملي أفاجأ بالكذب والخداع والغش والتلاعب من وراء ظهري، تعبت من كثرة العكوسيات معي، رغم أنني والله العالم مسلمة أمري للباري عز وجل، وتصور قارئ رسالتي أنني في بيت الله وجدت من يعاملني معاملة سيئة، رغم أنني كنت جداً عادية وبالعكس مساعدتي لهم كثيرة كانت، والله بكيت هناك بحرقة وقلت لماذا ياربي هذا الحظ مع الناس.. أريد من يدلني على ما أفعل ويريحني يا ليتني أجد من أتكلم معه ويسمعني ويريحني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنوصيك ابتداءأختنا الفاضلة أن تحذري التسخط على الله تعالى والازدراء بنعمه الكثيرة عليك فنحن على يقين أنك ترفلين في نعم من الله تعالى يفتقدها الكثير من الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم. رواه مسلم وغيره.

ثم إننا ننصحك ثانياً أن تهوني الأمر على نفسك، فإنه ربما تكونين تعطين الموضوع أكبر من حجمه الحقيقي، ولا يخفى عليك أن الحياة دار ابتلاء، وهذا الابتلاء قد يكون للصالحين رفعة لدرجاتهم، وقد يكون على الطالحين عقوبة لهم على ذنوبهم، ألم يبلغك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه.

فنوصيك بالصبر والرضا بالقضاء، فعاقبة ذلك خير، واعلمي أن الجزع لا يدفع مرهوباً ولا يجلب مرغوباً، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 18721.

ثم إنه لا ينبغي أن تكون هذه الابتلاءات دافعة لك إلى اليأس والقعود عن طلب مصلحة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، فمما نرشدك إليه هنا السعي في أمر الزواج، فهو من مصالح الدنيا والآخرة، وليس هنالك ما يمنع شرعا من أن تبحث المرأة عن زوج صالح ما دام ذلك في حدود ضوابط الشرع، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18430.

وننبه في ختام هذا الجواب إلى أمر مهم وهو أنه لا يجوز للمرء أن يمتن على ربه بما هو عليه من إيمان وعمل صالح، فإنهما منة من الله عليه أن وفقه إليهما، قال تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {الحجرات:17}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني