الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قمت بشراكة مع أحد الإخوة في تربية الأبقار، كتبنا عقداً بيننا ضبطنا فيه رأس المال، قيمة مساهمة كل طرف، كيفية الربح والخسارة، تكفلت أنا بالتربية والبيع، حضر الإنتاج وبدأنا بالبيع وكانت الأسعار متراجعة قليلا فقدر ثمن أول بقرة حضرت بـ 1650 د في السوق فاشتريتها أنا بـ 1670 د عسى أن يرتفع الثمن مرة أخرى وتم البيع بيننا، بعد مدة ارتفعت الأسعار فأحسست كأني أكلت حقه، فأفتوني يرحمكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن السؤال ثلاثة أمور هي:

1- الطريقة التي تم بها الاشتراك بينك وبين شريكك.

2- اشتراؤك من مال الشركة.

3- ظهور أنك قد اشتريت بأقل من السعر الصحيح.

وحول النقطة الأولى فإن أهل العلم قد اختلفوا في صحة الشركة إذا تولى أحد الشريكين العمل فيها دون الآخر، وكنا قد بينا من قبل ذلك ورجحنا الصحة، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 54201.

لكن اشتراط أن تتكفل أنت بالتربية والبيع، إذا كنت تعني به أنك ستقوم بالعمل الذي لا يمكن الاستغناء عنه من تربية الحيوان حتى يتم بيعه فلا حرج في ذلك، لأن تربية الحيوان -حينئذ- مما يقتضيها عملك، وأما إن كان معنى ذلك أنك مكلف بأمرين هما القيام على رعي الحيوان وتربيته ثم بيعه بعد ذلك، فإن ذلك لا يصح في القراض، وإن وقع كان لك فيه أجر مثلك، إلا أن يجعل لك الحق في الكراء عليه من مال القراض.

قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى مشبهاً بالمسائل التي لا يصح اشتراطها على عامل القراض: ... وكأن يخيط أو يخرز.. أو يزرع. قال الخرشي: لأن ذلك زيادة زادها رب المال على العامل وهو عمله في الزرع، وأما إن كان على معنى أن ينفق المال في الزرع من غير أن يعمل بيده فلا يمتنع. انتهى.

وحول النقطة الثانية فإن بعض أهل العلم قد منعوا للشريك أن يشتري من مال الشركة، لكن الذي نميل إلى رجحانه هو صحة ذلك إذا لم يكن لمقصد فاسد، لأنه لا يتضمن غرراً ولا موجباً للمنع، وقد قال بالصحة كثير من أهل العلم، قال في منح الجليل: (و) جاز (اشتراء ربه) أي القراض سلعة (منه) أي العامل من سلع القراض (إن صح) قصده بأن لم يقصد بالشراء التوصل إلى اختصاصه بشيء من ربحه قبل تفاصلهما. انتهى.

ومعلوم أن رب القراض هو أحد الشريكين وما جاز له يجوز لشريكه، وإذا تقرر ذلك فإن عامل القراض إذا اشترى من القراض بالسعر الذي يباع به في السوق، وأحرى إن كان بسعر زائد عليه، ثم حصل ارتفاع في الأسعار بعد ذلك فإنه لا يكون عليه في ذلك من حرج.

ومنه يتبين لك أنك لم تأكل حق شريكك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني