الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحسن إلى أمك دون أن تستجيب لها في ظلم زوجتك

السؤال

أمى دائمة الشجار مع زوجتى وتريد أن تتحكم فى كل أموري المنزلية علما بأنني أقيم مع أمى وأرعاها وأسأل عنها دائما ولكن في عدم وجودي تختلق المشاكل مع زوجتى بأن تقول لا تقول صباح الخير بطريقة مقبولة أهون الأسباب وكثيرا ما أقف على أسباب المشكلات فارغة واهية وليس لها أي قيمة تذكر سوى التملك وإلغاء الزوجة في أي عمل تفعله وهي على أكثرها أشياء تافهة ولكنها تعكر صفو حياتنا وإن وقفت فى جانب أمي تزعل زوجتي وإن وقفت في جانب زوجتي وكثيرا لديها الحق تزعل أمي وأخيرا حدث خلاف بيني وبين أسرة زوجتي لحدوث شلل بسيط لزوجتي فى العصب السابع نتيجة الزعل المستمر لها من أخواتي البنات وأمي كلفتني الكثير وكان هذا نتيجة أنني دائما أقف بجانب أمي على سبيل عدم عقوقها واحترامها ولكنه جاء على حساب زوجتي وهذا خطا أكبر فعلته ولم يودها أحد أو يسأل عن مرضها سوى أهلها فهل في المرض تشفي وأخيرا الحمد لله تعافيت وتم الصلح بينهما ولكن ما إن يلبث الهدوء حتى تأتي العاصفة وبالفعل تم اختلاق المشاكل من جديد إما بسبب أخواتي البنات اللاتي يحضرن لزيارة أمي كل حين والاحتكاك بزوجتي المستمر إرضاء لأمهم وأيضا يقفن معها فى الخطأ والصواب وكان قد حدث قديما خلاف بيني وبين أهل زوجتي وتم حل هذا الخلاف وأتى أهل زوجتي أبوها وأمها لزيارتها فطردتهم أمي واسترجعت ما فات وانتهى وكان ذلك فى غير وجودي وخرج الناس من عند ابنتهم مكسورين بعدما كالت أمي لهم كثيرا من السباب أمام ابنتهم ألا وهي زوجتي وحلفت أمى ألا يأتي هنا ثانيا لأنه بيتها والذي لا يعجبه يترك البيت وممنوع أمها تدخل هذا البيت ما حيت أمي فهل هذا معقول؟؟؟ هل اختلفت الشرائع السماوية وأصبحت شرائع بشرية إلى هذا الحد أنا يا سيدي لا أرضى على هذا الوضع وأظن أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أوصانا بصلة الرحم وهل ترضى لي أمي ما حدث مع أم وأبي زوجتي وهل ترضاه هذا لنفسها من أزواج بنات أولادها أو من حماتهن مع العلم بأن أمي قد حجت بيت الله ولكنها كثيرا ما تعاند على الخطأ مهما أجمع الناس أنها أخطأت فماذا أفعل سيدي تجاه هذا الوضع الذي تجعل منى أمي لأني لا أحب أن أعصيها أن تبعثر كرامتي أمام زوجتي وأهلها فهل هذا من حق الأم علي للعلم أني لم أر من أهل زوجتي إلا كل الأدب والاحترام إلا فى بعض النقاشات الحادة نظرا لمرض ابنتهم من كثرة ما حصل لها من نقاش ومشاجرات مع أمي وأبنائها البنات هل يجب أن يفعل بنا أهلنا كل هذا لأنهم قامو بتربيتنا وأحسنوا فيها ونحن نردها إليهم بأحسن منها بطاعتهم على حساب أسرتي وزوجتي وأولادي لا أعرف ما سأفعل تجاه ما قالت من عدم دخول أهل زوجتي أو ودهم لابنتهم هل أطيعها على عدم حضورهم إلى شقة زوجتي وإغضاب الله فى صلة الرحم أم أني أتركهم يأتون إلى زوجتى لزيارتها وإغضاب أمي أنا حائر سيدي وأرجو أن توجه كلمة إلى أمي وزوجتي لأني حائر بينهما وأصبحت لا أطيق رجوعي للمنزل من كثرة المشاكل التي لا تنتهي بين أمي وزوجتي وأخواتي البنات اللاتي يتدخلن في أي تفاصيل أو نقاشات فى الأسرة وهم بالطبع مع أمهم على الصواب والخطأ أتمنى ألا أعصي أمي وأرجو ألا أغضب الله فأنا الآن لا أكلمها بسبب ما فعلت وما تفعل لأني إذا أخطأت أقول لها هذا وأحضر لها إخوتها ليقولوا هذا أيضا ولكنها لاتعترف بالخطأ وتقول إنها لا تخطئ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته عن أمك من القسوة مع زوجتك، وسوء معاملتها ومعاملة أهلها يعتبر خطأ منها، ولكن قولك إنك الآن لا تكلم أمك بسبب ما فعلته وما تفعله مع زوجتك، يعتبر خطأ أكبر من ذلك. فأين ذلك من وصية الله بخفض الجناح لها، ومصاحبتها معروفا، حيث قال جل من قائل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.{الإسراء33-34 }. وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.{لقمان14-15 }. فبادر إلى التوبة من هذا الهجر لأمك، ولا تعد إليه أبدا.

وفيما ذكرته من الحال بين أمك وزوجتك، فننصحك فيه بأن تتحلى بالصبر والحلم، وأن تسعى جاهدا للحصول على الأسلوب الأمثل الذي به ترضي أمك، ولا تظلم زوجتك، ولا بأس بتوسيط الصلحاء من الناس في حل المشكلة. واعلم أننا مع ما ذكرناه من الحث على احترام الأم وحسن معاملتها وتخطئتك في هجرها نقول لك: إنه ليس من البر بأمك طاعتها في ظلم زوجتك، فأحسن إلى أمك دون أن تستجيب لها في ظلم زوجتك، فإن ظلم الزوجة معصية لله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وإن لم تجد حلا إلا في إسكان الزوجة بعيدة عن الأم فافعل ذلك إذا كنت تستطيعه من الناحية المادية، وبشرط أن لا يؤدي إلى قطيعة الأم. ونسأل الله أن يعيننا وإياك على تجاوز الصعاب كلها، وحل جميع المشاكل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني