الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوجة آثمة إذا لم تعاشر زوجها بالمعروف

السؤال

ما موقف الشرع من الزوجة التي تسيء مخاطبة زوجها بالسب مع توضيح الأحاديث النبوية الشريفة الواردة بهذا الخصوص؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد:

فلا ريب أن الله جل وعلا قد شرع من حقوق الزوجية، ما يتم به بناء الأسرة بناء تاما، بحيث تقوم على أساس متين، وركن ثابت مستقيم، وقد تضافرت دلائل الشرع المطهر واستفاضت نصوصه، في تقرير هذا الأمر وبيانه، حتى غدا من المعلوم بالضرورة من دين المسلمين. ولقد بين الله جل وعلا أن لكلا الزوجين حقاً على الآخر، وأوجب على كل طرف الوفاء بهذا الحق حال الزوجية واستمرارها، وحال إرادة الفراق وعدم الوفاق . قال تعالى في شأن الحال الأول: ( ولهن مثل الذين عليهن بالمعروف) [البقرة: 228]. وقال في شأن الحال الثاني: ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) [البقرة : 229].
وقال تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير) [البقرة: 237]. فإذا تقرر هذا، فَليعلم أن مثل هذه الزوجة التي ورد السؤال عن حكم هذه الأعمال التي تفعلها من الإساءة إلى زوجها بالشتم والدعاء عليه والإهانة لأقاربه وذويه فمثل هذه الزوجة تكون قد ارتكبت إثماً عظيماً، وقارفت ذنباً جليلاً، وهذه الأعمال التي تقوم بها من أعظم المحرمات عند الله تعالى، لأنها خالفت أمر الله جل وعلا، وعصت ربها، بأذيتها زوجها وإهانتها إياه، كيف وقد أمرها ربها جل وعلا بطاعته وتوقيره ولزوم أمره وإشارته. وهذه الأعمال التي ذكرها السائل هي في الأصل محرمة حتى ولو في غير حق الزوج، فكيف إذا انضم إلى ذلك كونها في حق الزوج الذي أمر الله جل وعلا بمزيد طاعته وإجلاله: فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" متفق عليه.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بحسب امريءٍ مسلمٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" رواه الترمذي، وغير ذلك من الأخبار الدالة على تعظيم حرمة المسلم بوصفه مسلماً، فإن انضاف إليه كونه زوجاً غلظ التحريم وعظم الجرم جداً.
والواجب على مثل هذه الزوجة المسارعة إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى والاعتذار عما فرط منها في حق زوجها وحق أهله وذويه. وأيضا فإنه ينبغي أن تعلم أن من أعظم الأعمال التي تقربها من الله والفوز برضوانه هو طاعتها زوجها. فعن أم سلمة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أيما أمرأةٍ ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" أخرجه الترمذي وحسنه. وقال صلى الله عليه وسلم " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " أخرجه الترمذي بإسناد حسن. وقال صلى الله عليه وسلم مبينا مسؤولية الزوجة تجاه زوجها وبيتها من الطاعة والحفظ والإحسان "والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " متفق عليه. فينبغي لمثل هذه الزوجة ـ غفر الله لها ـ المبادرة إلى التوبة والندم عما اقترفته في حق زوجها ، لا سيما وهي كما ذكر السائل تصلي وتحافظ على صلاتها، فينبغي لها أن تؤدي حق زوجها كذلك، لأن لربها عليها حقاً، ولزوجها عليها حقا، فلتعط كل ذي حق حقه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني