الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب رب المال بيع السلعة وأبى العامل فهلكت السلعة

السؤال

أعطيت صديقا لى 2350 ج لشراء عجل لإيداعها عند أحد معارفه مقابل ثلث الأرباح لي والثلثان للشخص الآخر احتجت 2000ج فقلت له بع العجلة وأعطني المبلغ فأعطاني المبلغ مما معه وقلت له سارع ببيع العجلة لأني أخشى أن تموت فأصبح مدينا لك وأنت تعلم ظروفي، فكلما رأيته أكدت على البيع وهو يقول لي إن شاء الله وأصبحنا على هذا المنوال عاما وأربعة شهور ولا يبيع، وفجأة قال لي إن العجلة ماتت ولا يريد أن يشارك في الخسارة لأن هذا قضاء وقدر، والآن يريد المبلغ الذي أخذته منه مع العلم أنه هو سبب الخسارة لأنه لم يسمع كلامي عن البيع.
فأرجو الفتوى في هذا الموضوع برمته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان السائل دفع المال إلى آخر ليشتري به عجلا ليتاجر له فيه وله ثلثا الربح فهذه مضاربة مشروعة، والعامل في المضاربة لا يتحمل الخسارة في رأس المال إلا في حالة التفريط أو التعدي، وعليه ينظر في سبب موت هذا العجل.. إن حدث بسبب تفريط المضارب في حفظه فهو ضامن، أما إن كان مات بدون تفريط منه فلا يضمن.

جاء في البحر الرائق: وما هلك من مال المضاربة فمن الربح، فإن زاد الهالك على الربح لم يضمن المضارب لكونه أمينا.

وأما قول صاحب رأس المال للمضارب سارع في البيع.. فإذا كان على سبيل النصيحة فلا يلزم المضارب العمل بمقتضى هذه النصيحة على سبيل الوجوب، أما إن كان قال ذلك على سبيل الإلزام وإرادة نضوض المال أي أراد أن يصير رأس مال المضاربة نقدا فأبى العامل البيع فللمقرض في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليقضي بينهما حسب المصلحة.

جاء في منح الجليل: وان استنضه أي طلب رب المال بيع السلع بالدنانير أو الدراهم ليأخذها من العامل وأبى العامل البيع في الحال وطلب التأخير فالحاكم ينظر فيه.. فإن رأى تأخيره مصلحة حكم به؛ وإلا أمره ببيعها حالا بلا تأخير، فيها. (يعني المدونة) للإمام مالك رضي الله عنه: ليس لرب المال جبر العامل على بيع سلع قراضه لأخذ رأس ماله، وينظر الإمام فيها، فإن رأى وجه بيعها عجله؛ وإلا أخرها إلى إبان سوقها كالحبوب، والضأن تشترى قبل أيام النحر وترفع ليومه.

وجاء في المغني: وإن طلب رب المال البيع وأبى العامل ففيه وجهان: أحدهما: يجبر العامل على بيع وهو قول الشافعي لأن عليه رد المال ناضا كما أخذه. والثاني: لا يجبر إذا لم يكن في المال ربح أو أسقطه حق من الربح.

وعلى ضوء ما تقدم فإنه لا يجوز للأخ السائل أن يضمن العامل ثمن العجل لأن الأصل أنه لا يضمن، ولأن القول قوله في الربح والخسارة والتجارة. كما جاء في المغني: وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه.

وما تقدم من الكلام في حق المضارب بهذا المال مباشرة، أما إذا كان المقصود هو التوسيل أي أن السائل وكل صديقه على دفع المال إلى ما اشترى العجل ثم أمر السائل الوكيل بأن يطلب من المضارب أن يبيع العجل فلم يفعل هذا الوكيل ما أمر به موكله حتى هلك العجل فالظاهر أن صديقه هذا يضمن قيمة العجل فإن الوكيل إذا خالف أمر موكله يضمن. هذا إذا كان أمره أمرا صريحا بالبيع فورا فأبى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني