الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأشاعرة والماتريدية

السؤال

من هم أهل السنة و الجماعة أولاً وإن لم يكن الأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة والجماعة فمن هم؟ وإن كنتم تتهمونهم بأنهم فرقة من فرق المسلمين فإنكم بذلك تتهمونهم بالكفر والوقوع في النار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن أهل السنة والجماعة هم الذين يسلكون منهج النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين لهم بإحسان في القول والاعتقاد والعمل، وليس لهم اسم ولا رسم إلا أهل السنة والجماعة، ومن أصولهم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وإثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله، وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد وينقص، ولا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعل الخوارج، ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10].
ومن أصول أهل السنة اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار .
ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج والجمع والأعياد مع الأمراء أبراراً كانوا أو فجاراً، وهم المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب.
أما الأشاعرة فهي: فرقة تنتسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله، وقد مر الأشعري بثلاث مراحل - كما ذكر ذلك ابن كثير والزبيدي وغيرهما- مرحلة الاعتزال، ثم متابعة ابن كلاب، ثم موافقة أهل السنة، وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل، وقد صرح الأشعري بهذا الموقف الأخير في كتبه الثلاثة: رسالة إلى أهل الثغر، ومقالات الإسلامين، والإبانة، فمن تابع الأشعري على هذه المرحلة، فهو موافق لأهل السنة والجماعة في أكثر المقالات، ومن لزم طريقته في المرحلة الثانية، فقد خالف الأشعري نفسه، وخالف أهل السنة في العديد من مقالاتهم، وإذا أردت تفصيل ذلك فعليك بالرجوع إلى الكتب التالية:
عقيدة الإمام أبي الحسن الأشعري للدكتور: عمر سليمان الأشقر.
منهج أهل السنة ومنهج الأشاعرة: لخالد بن عبد اللطيف نور.
منهج الأشاعرة في العقيدة: للدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
أما الماتريدية فهي: فرقة كلامية تنسب إلى أبي منصور الماتريدي المتوفي سنة 333، ولهم أصول خالفوا فيها أهل السنة والجماعة، وخلافهم مع الأشاعرة محصور في مسائل يسيرة أوصلها بعضهم إلى ثلاث عشرة مسألة، والخلاف في بعضها لفظي.
أما ما ذكرت في سؤالك بشأن التكفير، فإن الحكم بالكفر حكم شرعي، والكافر من كفره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فليس التكفير حقاً لأحد من الناس، بل هو حق الله تعالى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين، وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة، وإزالة الشبهة، فلا يكفر المسلم بمجرد الخطأ أو الزلل، بل بوقوعه في أمر دل الدليل على كونه كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، ولا يكفر إلا بعد ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني