الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمر بذبح الأضاحي قبل صلاة العيد ففعل

السؤال

إخوتي الفضلاء أرجو من فضيلتكم الإجابة عن سؤالي بإجابة واضحة وصريحة، وقبل أن أطرح السؤال أريد أن أحكي القصة بتمامها، أنا أعيش في هولندا ومهنتي جزار وفي بعض الأحيان أشتغل في مجزرة النصارى وعملي فيها أتولى ذبح أضاحي المسلمين وأنا لاعلاقة لي بأصحاب الأضاحي ولا أعرفهم، غاية ما في الأمر أن هؤلاء المسلمين يوكلون شخصا منهم فيقوم بشراء الأضاحي ثم يدفعها للنصراني الدي أشتغل معه ثم هذا النصراني يكلفني بذبح هذه الأضاحي بدءا من الساعة الخامسة صباحا من يوم العيد أعني قبل صلاة العيد ربما بساعة أوساعتين أو أكثر ـــ فنبهت هدا النصراني أن ما يفعله غير مسموح به في الإسلام وأن ذبح الأضحية لايجوز في الإسلام إلا بعد صلاة العيد، فرد علي أنه لا يهمه ما قلت لأن أصحاب الأضاحي لم يتفقوا معه في هذا، ثم قال لي إن لم تتول ذبحها أنت فسيذبحها شخص آخر ـ كافر ـ فقمت بذبحها خوفا من أن يذبحها كافر.
سؤالي الآن هل أعتبر أنا مشاركا في المعصية؛ في كوني ذبحت اَضاحي المسلمين قبل الوقت؟ علما أنني فعلت هذا مراعاة لأن ارتكاب أخف الضررين واجب، إما أن أذبح أنا فتكون هذه الأضاحي لحما حلالا للمسلمين وليست من الأضاحي، وإما أن يذبحها الكافر فتكون حراما عليهم، وفي نفس الوقت ليست من الأضاحي في شيء. فهل ما فعلته صواب أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ذبح الأضحية قبل وقتها لا يجزئ في كونها أضحية ولا ينال به الثواب، كما قال النووي في شرح حديث أبي بردة في تضحيته قبل الصلاة، وبناء عليه فقد كان يتعين عليك في هذا الوقت الذي أنعم الله علينا فيه بتوفر وسائل الاتصال أن تتصل بأصحاب الأضاحي حتى تخبرهم بالأمر ليتصلوا بالنصراني قبل فوات الأوان، وأما إذ لم يحصل ذلك فإن أصحاب الأضاحي قد فرطوا حيث لم يشترطوا الأمر على النصراني مسؤول المحل، وأما أنت فعليك أن تستفتي قلبك فالبر ما اطمأنت إليه النفس المسلمة السليمة من شائبة الهوى، فان كان الذابح نصرانيا أو يهوديا فلا حرج في ذبحه لأن ذبيحته تؤكل لقوله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ .{المائدة5} وعليه فما كان لك أن تذبحها، وأما إن كان الذابح غير كتابي فلا شك أنه لو ذبحها لصارت حراما على المسلمين، ولكن الأولى بك لما ذبحتها وأنت تعلم أنها لاتجزئ في الأضاحي أن تخبر أهلها وتطلبهم السماح إذ ظاهر كلام أهل العلم أن غير المالك لو ذبح الضحية في وقتها ولم ينو أنها أضحية يضمنها للمالك.

هذا وننبه إلى أن بعض أهل العلم لا يرون مشروعية توكيل الكتابي في ذبح الأضاحي ومنهم المالكية وكرهه الأحناف، وقال بمشروعيته الشافعية والحنابلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني