الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يدعو المسلم على نفسه بالبلاء

السؤال

إني أدعو الله بهذا الدعاء: اللهم أكرمني وألهمني وابلني في نفس الوقت واجعلني من الصابرين، سؤالي: هو هل هذا الدعاء مكروه.
أنا أخاف ويصيبني اليأس من أن الله يرزق من يشاء بغير حساب إني أخاف ألا يرزقني ويصيبني القنوط وأحيانا ابكي وأدمع.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه بالبلاء ولو مع الدعاء بالصبر، وليسأل الله العافية فإنها أفضل ما يدعى به، كما أن عليه ألا يقنط من فضل الله تعالى ورحمته فإن ذلك من كبائر الذنوب، فليستغفر الله تعالى من عنده شيء من ذلك، وليسع في طلب الرزق الحلال، وليكن على ثقة و يقين من أن الأرزاق بيد الله وحده، وليست بيد أحد من الناس، وقد أخبر في كتابه العزيز أنه يرزق من يشاء بغير حساب، فإنه لا رازق إلا هو.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينبغي للمسلم أن يدعو على نفسه بالبلاء ولو مع الدعاء بالصبر فقد ورد النهي عن ذلك وليسأل الله العافية في الدنيا والآخرة فإنه من أفضل ما يدعى به، فإذا ابتلي فليصبر وليسأل الله العافية والصبر، ففي سنن الترمذي عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر فقال سألت الله البلاء فسله العافية. والحديث ضعيف.

قال في تحفة الأحوذي عند شرح هذا الحديث: سألت الله البلاء أي لأنه يترتب عليه فاسأله العافية أي فإنها أوسع، وكل أحد لا يقدر أن يصبر على البلاء، ومحل هذا إنما هو قبل وقوع البلاء، وأما بعده فلا مانع من سؤال الصبر بل مستحب لقوله: ربنا أفرغ علينا صبرا. انتهى.

وفقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس فقال: لا تدعو على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم، لا توافقوا مع الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.

وفي الترمذي أيضا عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله عز وجل، قال سل الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة. والحديث صحيح كما ذكر الألباني وغيره.

هذا عن الشق الأول من السؤال أما ما يتعلق بالشق الثاني فإن اليأس والقنوط من رحمة الله وفضله من كبائر الذنوب فليستغفر الله تعالى من ذلك، وليسع في طلب الرزق الحلال، وليكن على ثقة و يقين من أن الأرزاق بيد الله وحده، وليست بيد أحد من الناس، وقد أخبر في كتابه العزيز أنه يرزق من يشاء بغير حساب، وأن عليه رزق جميع خلقه وأنه لا رازق إلا هو، وأخبر النبي صلى اله عليه وسلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل زقها. قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رزقها. [ هود: 6 ] وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ {فاطر:3} وقال عليه الصلاة والسلام: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب رواه أبو نعيم والحاكم وصححه الألباني.

وانظر الفتوى رقم: 96692.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني