الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاتجار في فئران التجارب

السؤال

ما حكم المتاجرة بفئران التجارب من أجل التجارب، ومن أجل مجرد الاقتناء للأطفال؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

من شروط بيع الحيوان أن يكون طاهرا مملوكا منتفعا به على وجه معتبر شرعا، فمتى وجدت هذه مجتمعة في فئران التجارب جاز بيعها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحيوان الطاهر إذا ملكه شخص أو اختص به وكان فيه نفع مباح يجوز بيعه، جاء في المحلى: مسألة ولا يحل بيع الحيوان إلا لمنفعة إما لأكل وإما لركوب وإما لصيد، وإما لدواء، فان كان لا منفعة فيه لشيء من ذلك لم يحل بيعه ولا ملكه لأنه إضاعة مال من المبتاع وأكل مال بالباطل من البائع، فان كان فيه منفعة لشيء مما ذكرنا أو لغيره جاز بيعه لأنه بيع عن تراض وأحل الله البيع، وليس إضاعة مال ولا أكل مال بالباطل.

والذين منعوا بيع الفأر عللوا ذلك بأنه لا منفعة فيه لا حيا ولا ميتا فإذا وجدت فيه منفعة معتبرة جاز بيعه.

جاء في الأم للشافعي: وما كان فيه منفعة في حياته بيع من الناس غير الكلب والخنزير، وإن يحل أكله فلا بأس بابتياعه ...... قال الشافعي: وكل ما لا منفعة فيه من وحش مثل الحدأة والرخمة والبغاثة وما لا يصيد من الطير الذى لا يؤكل لحمه ومثل اللحكاء والقطا والخنافس وما أشبه هذا فأرى والله تعالى أعلم أن لا يجوز شراؤه ولا بيعه بدين ولا غيره ولا يكون على أحد لو حبسه رجل عنده فقتله رجل له قيمة... وكذلك الفأر والجرذان والوزغان لأنه لا معنى للمنفعة فيه حيا ولا مذبوحا ولا ميتا، فإذا اشترى هذا أشبه أن يكون أكل المال بالباطل، وقد نهى الله عزوجل عن أكل المال بالباطل لانه إنما أجيز للمسلمين بيع ما انتفعوا به مأكولا

أو مستمتعا به في حياته لمنفعة تقع موقعا ولا منفعة في هذا تقع موقعا.

وجاء في تحفة المحتاج: لو علم بعض الفواسق كالحدأة أو الغراب الاصطياد فهل يصح بيعه لأنه صار منتفعا به وعليه فهل يزول عنه حكم الفواسق حتى لا يندب قتله أو يستمر عليه حكمها فيه نظر. انتهى.

وأما بيع الفأر ليلعب به الأطفال فلا يجوز لأن الفأر من الفواسق التي لا تقتنى ويندب قتلها صدر منها ايذاء أو لم يصدر، وإنما جوزنا بيعها إذا وجد فيها منفعة معتبرة، واللعب بها منفعة غير معتبرة، وقد قال العلماء في القرد لا يباع لقصد اللعب فكيف يكون الفأر.

وفي بدائع الصنائع: وأما القرد. فعن أبي حنيفة رضي الله عنه روايتان. ( وجه ) رواية عدم الجواز أنه غير منتفع به شرعا فلا يكون مالا كالخنزير. ( وجه ) رواية الجواز: أنه إن لم يكن منتفعا به بذاته يمكن الانتفاع بجلده، والصحيح هو الأول؛ لأنه لا يشترى للانتفاع بجلده عادة بل للهو به، وهو حرام فكان هذا بيع الحرام للحرام، وأنه لا يجوز.

وفي المغني: فصل: قال أحمد: أكره بيع القرد، قال ابن عقيل: هذا محمول على بيعه للإطافة به، واللعب، فأما بيعه لمن ينتفع به، كحفظ المتاع والدكان ونحوه، فيجوز؛ لأنه كالصقر والبازي. وهذا مذهب الشافعي.وقياس قول أبي بكر وابن أبي موسى المنع من بيعه مطلقا.

ومما تقدم نقله عن الأئمة يدرك المرء أنه إذا وجد انتفاع معتبر شرعا جاز بيع الفأر، وإلا فلا، ولا شك أن التجارب نفع معتبر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني