الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الخلع للخوف من عدم إقامة حدود الله

السؤال

فضيلة الشيخ.. أنا شاب في 27 من العمر, أعمل كمهندس منذ حوالي 5 سنوات.. كنت قد عقدت قراني على ابنة عمة والدي وعمرها 20 في صيف 2006, وقد كنت أحبها وتحبني, واتفقت معها وأهلها على الزواج بعد سنه ونصف من الخطبة حتى أتمكن من إكمال مستلزمات الزواج على الشكل اللازم... كنت قد تعلقت بها بشكل كبير خلال فترة الخطبة لدرجة أني قد كتبت أبيات من الشعر لها.. وفي صيف 2007 سافرت مع أهلها للإجازة وبدأت منذ ذلك الحين تتغير في تعاملها معي وعندما أكلمها هاتفيا تظل تشكو أنها غير مسرورة من كلام الناس هناك عني وعنها وعن زواجنا وعن لباسها حيث إنني قد طلبت منها أول خطبتنا أن تلبس العباءة ولكنها لم تلتزم 100%... فقلت لها أن لا تأبه لما يقال من حولها.. لكنها لم تستجب, وبقيت على هذا الحال حتى كلمتني هاتفيا وتقول إنني لا أسأل عنها ولا أهتم لما يحصل معها، علما بأنني كنت أكلمها بشكل شبه يومي.. وأطلب منها أن تقول لي ما الذي يزعجها (هل هناك أحد قد أغضبك؟ هل أغضبتك أنا في شيء؟) وتكون الإجابة بـ لا).. وأنها قد حدثت والدها وأسرت له ثم شعرت بالارتياح بعدها.. قمت بدوري بتوبيخها والضغط عليها كي تقول لي الحكاية.. ثم اكتشفت أخيراً أن الموضوع تافه جدا, حيث إنها متضايقة من كلام وسؤال الأقارب عن موعد زواجنا (ليش بالشتاء؟ مو كويس) وبعض التعليقات عن لبسها وعباءتها...إلخ، فشعرت بالغضب من طريقة تعاملها مع الموضوع لأكثر من مرة.. بأن لا تستمع لكلام الناس وما شابه.. وطلبت منها أن لا تكلمني هاتفيا عقابا لها على فعلتها حتى أهدأ أنا وأكلمها لاحقا.. في نفس الليلة حاولت مكالمتي ولم أجب.. بعد يومين حاولت الاتصال بها لكنها لم تجب لا بالبيت ولا على النقال.. حتى أهلها وبعد محاولات عديدة أجابت والدتها على الهاتف بصوت هادئ وحزين.. وأسمع صوت والدها يقوم بإلقاء الشتائم علي ويأمرها بإنهاء المكالمة.. صعقت!!! ما الذي جرى، ثم أخذ الهاتف منها وألقيت السلام عليه ولم يرد علما بأنه ملتزم دينيا بشكل كبير, وقال بصوت عال (أتريد أن تذل ابنتي؟) (اسمع أنت لست كفئاً) (استعد للطلاق!!).. وأردف بقوله (أنني أستطيع أن آخذها منك حتى لو كنت (أبو زيد الهلالي) وعندها أولاد مني)!!!.....وأقفل الخط.. لم أفهم وشعرت بضيق رهيب.. حاولت مكالمتها لم تجب, كلمت إخوانها وأخواتها للتدخل كي أصل إليها لكن دون جدوى.. حيث إنني علمت أن والدها قد حلف على والدتها بالطلاق إذا قامت بالرد علي!!! أرسلت أهلي ولم يفهموا ما سبب طلبهم للطلاق، أرسلت أصدقائي وأهلهم لكن دون جدوى.. وهم لا يزالون يطلبون الطلاق.. فقلت وما السبب أريد أن أكلمها.. وكان رد الجميع لي (ما في نصيب)!! (خلص طلقها)!! وبقيت رافضا حتى أرسلوا لي بورقة من المحكمه بخصوص قضية خلع والسبب (انعدام أسباب الحياة الزوجية والخوف من عدم إقامة حدود شرع الله)!!! علما بأنني لم أدخل بها كما أسلفت.. وبعد حوالي 6 أشهر من ذلك الوقت حكمت المحكمة بالطلاق بعد أن أعادوا لي الذهب ومبلغا من المال... حسب أمر المحكمة (حيث إنني وكلت والدي بمتابعة الموضوع)... آسف للإطاله ولكن أحاول أن أوضح الصورة قدر المستطاع.. السؤال هنا: هل يجوز طلبها للطلاق أو الخلع شرعا في هذه الحالة، وأين السبب الشرعي لطلب الطلاق، وهل يتم الخلع ومعاملتي على أننا متزوجان وتحت سقف واحد أو أننا لم نتزوج بعد، وما معنى (الخوف من عدم إقامة حدود الله)، فأرجو الإجابه بشكل مفصل؟ وجزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فما دمت قد رضيت بالخلع فلعله خير لك، وذلك لاستحكام الخلاف والشقاق بينك وبينهم كما اتضح من السؤال، والأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تسأل زوجها الطلاق أو الخلع إلا لعذر معتبر كتقصيره في حقها أو إضراره بها أو استحكام بغضه في نفسها فتخشى ألا تقيم حدود الله معه، ومن حكم لها أدرى بما كان، فلعلك تراجع المحكمة في ذلك.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الأسئلة إنما توجه لمن حكم بالحكم وسمع من الخصم. ومهما يكن من أمر فإنك قد قبلت الخلع ورضيت به، ولعل فيما جرى خيراً لك. فابحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين، ولمعرفة المسوغات التي تبيح للمرأة طلب الخلع أو الطلاق انظر في ذلك الفتوى رقم: 39211، والفتوى رقم: 20199.

ومعنى الخوف من عدم إقامة حدود الله، أي المرأة قد تكره زوجها فتخشى أن تظلمه وتضيع حقه فيسوغ لها بسبب ذلك طلب الطلاق، كما كان من شأن امرأة ثابت بن قيس لما أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته، قالت: نعم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة. رواه أحمد.. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43627، 23180، 23683.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني