الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف الطائعين والمتقين لماذا؟

السؤال

إنى أحبكم في الله عندي سؤال حائر سئلت فيه ولم أعرف الرد يقول السؤال إن الشيخ قال إن الله أعطى الإنسان نعما لو حوسب على إحداها فقط أي قيمتها حتى لو كثرت حسناته لدخل النار وكلامه صحيح فان العمل ليس له قيمه عند الله ولكن لو افترضنا مثلا أن عبدا ما.. صلى وزكى وصام وحج أي غفرت ذنوبه مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه ولله المثل الأعلى فما الذي يجعل عبدا مثله يخاف ويقول أن يدخل النار من أين لماذا كانوا يبكون لما كانوا يقومون الليل وهم أحسن الناس وهم المبشرون بالجنة أي بمعنى آخر ما الذي يجعل العبد دائما مع ربه يخافه دائما لا يفعل أي ذنب مهما صغر أو كبر ما الذي يوقفه عند حد ما الذي يجعله يزيد من حسناته غير تقوى الله أو تقبل عمله من غيره ففرضت أن أبا بكر كان أتقى الناس مما لاشك فيه وكان إن شاء الله عمله متقبلا ما يردع الناس اليوم وقال صاحبى أيضا هل أنتم تناقضون أنفسكم من أين تخافون العذاب وأن الحرف في الصلاة بمائة حسنة أيفعل إنسان مائة سيئة في اليوم أريد أن أضع يدي على شيء لو أقدمت على فعل ذنب يردعنى أو يجعلنى أزيد من عملي أو أخاف الله كأنه أمامي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

أما قولك: إن العمل ليس له قيمة عند الله فغير صحيح، فإن الأعمال الصالحة من ذكر ودعاء وصلاة وجهاد وصلة رحم لها قيمة بالغة وعظيمة عند الله، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. انتهى. والأدلة على هذا متكاثرة.

وأما الذي يجعل الطائعين أو المبشرين بالجنة كأبي بكر يخافون ربهم ويبكون من خشية الله ويقومون الليل ويجتنبون المعاصي مهما صغرت ولا يتكلمون على أعمالهم الصالحة قبل ذلك، ويحرصون على الازدياد من الحسنات فهو خوفهم ألا يتقبل الله طاعتهم وعملهم أنهم مهما عملوا فإنهم لن يوفوا الله حقه عليهم، وهذه هي حقيقة التقوى، وبدون ذلك لا يكونون متقين ولا سابقين لغيرهم، فالجمع بين الخوف والرجاء لا بد منه لنجاة الناجين ولصلاح الساعين وفوز العاملين، فالواجب على المسلم أن يجمع في عبادته لله تعالى بين ثلاثة أشياء وهي: الحب والخوف والرجاء، فيعبده حبا له، وتنفيذا لأمره، ورجاء لثوابه، وخوفا من عقابه كما قال الله سبحانه عن أنبيائه: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ. {الأنبياء:90}

وصفاته تقتضي الهيبة والخوف، فإذا ارتقى العبد إلى معرفة الله تعالى خافه بالضرورة، ولا يحتاج إلى علاج يجلب الخوف إلى قلبه، بل يخاف بالضرورة. ومن قصر فسبيله أن يعالج نفسه بسماع الأخبار والآثار، وأن يطالع أحوال الخائفين وأقوالهم.

وننصحك بمراجعة كتاب منهاج القاصدين فصل في بيان الدواء الذي يستجلب به الخوف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني