الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفض الزوجة السفر مع زوجها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمعمري ثلاثة وثلاثون عاماً وحيد أبي (سبعون عاما) وأمي (ستون عاما) متزوج منذ خمس سنوات ولي طفلة(أربعة أعوام) وظيفتي محاسب... راتبي في مصر عندما تزوجت كان خمسمائة جنيه، وزوجتي تعمل في شركات التأمين ودخلها الشهري متفاوت على حسب العمولات ما بين (أربعمائة إلى سبعمائة جنيه) ولكن عندما رزقنا الله بابنتي (روان) جاء الفرج من عنده وجاءت لي فرصة عمل بالسعودية، براتب ألف ومائتي ريال (أي ما يعادل ألف وثمانمائة جنيه)، وقمت باستشارة أبي وأمي وزوجتي وأهلها -وتوكلت على الله وسافرت- والحمد لله أعمل بشرف وأمانة مما جعل أصحاب العمل يثقون بي ويزداد حبهم لي يوماً بعد يوم، ومنحوني إجازة سنوية مع أن التعاقد بيننا ينص على أن الإجازة كل سنتين، وكذلك قدموا لي مزايا عديدة في حالة قدوم الزوجة معي للمعيشة في السعودية -ومن هذه المزايا تذاكر الطيران- العلاج- السكن- سيارةللعائلة-زيادة في الراتب الخاص بي ليتماشى مع الوضع الجديد وتكلفة مصاريف الأسرة، ولكن للأسف الشديد زوجتي ترفض السفر معي حتى لا تفرط في وظيفتها مع العلم بأنها تعمل في قطاع خاص وليس حكومة، وقد قدمت لها عرضاً بأن الزيادة في راتبي نتيجة سفرك معي سوف أمنحها لك بالكامل تعويضاً عن عملك في مصر، بالإضافة إلى إمكانية الحج والعمرة لها ولأهلي ولأهلها في حالة قدومها للسعودية بأسعار أقل تكلفة منها عن مصر... ولكن منذ سفري وهي وأهلها دائما في مشاكل متواصلة مع أبي وأمي لدرجة أنهم يبكون من جفاء وشدة وقسوة تعاملهم معهم وحرمان أهلي من رؤية ابنتي (روان)... وكنت حينما أنزل الإجازة لمدة شهر ونصف تفريباً أصلح بينهم وأكاد أن أقول أنني أحس أنني هارون الرشيد في زمانه من حسن التعامل معها وأهلها، وبعد رجوعي للسعودية ينقلب الحال مرة أخرى وترجع ريمة لعادتها القديمة، وأخيراً في آخر إجازة لي وقبل نزولي مصر طلبت الطلاق مني ونزلت الإجازة وذهبت إليهم وتحدثت معهم أكثر من مرة ولكنها وأهلها مصرون على الطلاق، ولكنني رافض هذه الفكرة لأنني أيضا حريص على أسرتي وعلى مستقبل ابنتي، وكانوا يضعون لي شروطا تعجيزية للعدول عن فكرة الطلاق ومنها أن أكتب الشقة باسمها، وذلك بعد تغيير الشقة التي نسكن بها في مكان أفخم وأرقى، مع أن شقتي التي أسكن بها أفضل من شقة والدي وشقة والدها مكاناً ومساحةً بالإضافة إلى حب واحترام جميع من حولي بالسكن لي، ولما اشتد الصدام بيننا اتهموني بأنني أملك خلال ثلاث سنوات بالسعودية مبلغ مليون جنيه!!! حتى أنني قلت لوالدها لو أنني أملك هذا المبلغ في ثلاث سنوات فمن الأفضل أن أستمر في السعودية لمدة أكبر حتى أجمع مبلغاً أكبر، ولكن أنا لا أعرف ما يقصدونه ولا أعرف ما نيتهم تجاهي، مع العلم بأنني أرسلت لها خلال ثلاث سنوات مبلغ خمسة وعشرين ألف جنية تقريباً بحوالات رسميةعلى البنك وفوجئت عند نزولي الأجازة بأنها قامت بشراء سيارة جديدة موديل ألفين وسبعة وبشيكات تقسيط والضامن والدها!! وقامت بتعيين سائق خاص للسيارة لأنها لا تعرف القيادة!! وأدخلت ابنتي مدرسة رياض أطفال دون الثلاث سنوات بمبلغ سبعة آلاف جنيه سنوياً وباشتراك في الأتوبيس الخاص بالمدرسة!!! وأشركت أعمامها وأدخلتهم في الموضوع ولم يفعلوا شيئاً إلا أنهم غير راضين عن تصرفاتها وأهلها تماماً، وتقدمت زوجتي بدعوى قضائية تطلب فيها الخلع والنفقة لها ولابنتي وأخذ كافة مستحقاتها، وفي المقابل تقدمت أنا برفع دعوى طاعة والتي بالتبعية قامت زوجتي برفض هذه الدعوى وإصرارها على الخلع وذهبت القضية إلى هيئة المحكمين بالأزهر للفصل بها، ولكن ما يراودني ويذهب عقلي في غربتي ما مصير ابنتي وما مصير أبي وأمي اللذين يبكون ليل نهار على فراق ابنتي وعدم رؤيتهم لها، لدرجة أنني في أحد الزيارات لأهل زوجتي لحل الموضوع ودياً أثناء إجازتي وقبل الدخول في القضايا رأيت ابنتي متخوفة جدا من الاقتراب مني وتكاد تجري هرعاً مني دون أن أتحدث إليها أصلاً وكان ذلك ملفتاً للنظر لي ولأعمام زوجتي الذين كانوا موجودين في هذا اللقاء وذلك أثناء إجازة عيد الفطر المبارك الأخير، يا أهل العلم والدين... أفيدوني ماذا أفعل في مصيبتي، وما هو رأي الدين في هذه التصرفات، وما هو مصير ابنتي، وماذا أفعل حتى يرى أبي وأمي ابنتي وأنا في الغربة، وما هي حقوق زوجتي وحقوقي في ظل هذه التصرفات، وما هو المطلوب مني أن أفعله في مثل هذة الظروف وأنا في الغربة أعمل وأكد لبناء أسرة حتى أنني فقدت ما أعمل لأجله وهو أسرتي وابنتي، حسبنا الله خير الحاكمين نعم المولى ونعم النصير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فما فعلته زوجتك من رفض السفر معك لا يجوز لها، فعليها أن تتقي الله وتخشى من أن ترتكب معصية النشوز، وما فعلته من حرمان الأبوين من رؤية ابنتهما حتى بلغ بهم الحزن ما بلغ لا يليق بالعلاقة التي تربطها بهما، والنصيحة أن يعالج كل ذلك بالنصح والصبر والإحسان ذلك أن الإحسان يستل الضغينة من القلوب ويبدلها بالمحبة الخالصة، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35}.

ومن شعر الحكمة قول البستي:

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسان

فإذا استلت هذه الضغينة من القلوب فإن العلاقة ترجع طيبة بينهم وبينها من جهة، وبينها وبينك من جهة أخرى، ثم تعود الأمور أحسن، أما بخصوص ما آل إليه الأمر بينكما فإن النصيحة فيه تتعلق بما بعد إصدار القرار القضائي بشأنكما، ولهذا لا نملك نصيحة محددة إلا أن تتقيا الله في خصامكما، وأن تسألا الله التوفيق في إصدار الحكم وفق ما يرضي الله ووفق ما هو خير لكما، وإذا كان بالإمكان سحب القضية واللجوء إلى التصالح فهو أحسن، وعلى كل حال فإن البنت الصغيرة تبقى نفقتها واجبة عليك، ومسؤولية تسأل عنها فلا تفرط فيها مهما كانت الحالة التي بينك وبين أمها.. ونذكرك ونذكر زوجتك أن العمل في مؤسسات التأمين -إذا كان تجارياً- ممنوع لا يجوز، فعلى زوجتك أن تتوب إلى الله منه، وأن تتركه فوراً، وأن تصرف ما بقي لديها من مال اكتسبته منه في وجوه الخير بنية التخلص من الحرام لا بنية الإنفاق في سبيل الله لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني