الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جعل الابتلاء مبررا للشذوذ سلوك خاطئ

السؤال

رجل شاذ جنسيا لم أفعل الفاحشة من قبل حيث عصمني الله منها لكني مع الزمن لم أعد أحتمل شهوة الرجال و لا أريد الوقوع في المعصية. و قد قرأت فتاواكم و قررت الزواج من امرأة متدينة عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا. كما أن قراءة القرآن تساعدني كثيرا في حب الله و ترك معاصيه والتقرب إليه.
ولكن تراودني بعض الأسئلة حول علاقتي بربي جل و علا و بزوجة المستقبل إن شاء الله.
هل شذوذي ابتلاء من عند الله أم عقاب؟ وهل أكتب من الصابرين على البلاء إن شاء الله؟
هل يحبّني ربي رغم شذوذي لذلك ابتلاني بابتلاء عظيم و هل أعتبر من صفوة خلق الله وممّن فضلهم الله على كثير من المسلمين، فالله يبتلي صفوة عباده بما يشاء و شدة البلاء من شدة حب الله للعبد؟
هل إن عدم إمتاع زوجتي جنسيا فيه ظلم لها علما أنني لن أكون قادرا على ذلك لأني لا أنجذب الى النساء. فلا يكلف الله نفسا الا وسعها؟
هل يحرم علي مصافحة الرجال و الاختلاء بهم؟
هل يحرم علي أن أحب أصحابي الرجال وأن أصاحبهم و ما ذا أفعل في حديث المصطفى حول حب الأصحاب وعدم هجرهم ؟
وفي الختام أود أن ألفت انتباهكم أيها المشايخ الكرام وكذلك الشواذ الذين يقرؤون الرد على هذا السؤال أن مسألة الشذوذ هذه ظاهرة تتفاقم يوما بعد يوم وأن علماء الاسلام ركزوا على العقاب الذي ينتظر الشواذ الفجرة ولكنهم نسوا الوقاية من الوقوع في الحرام. فكون الانسان شاذا لا يعني كرهه واحتقاره بل يجب نصحه وإقناعه أن الله لا يمكن أن يظلم أحدا. فقد قال في سورة الكهف و لا يظلم ربك أحدا. بل إن الله تعالى كما أعطى للرجال العاديين نعمة حب النساء فقد أعطى للرجال الشواذ هذا الابتلاء حتى يرى كيف يتصرفون هل يشكرون أم يكفرون.
و في اللأخير فان الله تعالى هو الحسيب الرقيب وهو أعلم بعباده من أنفسهم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
و أكون ممتنا جدا لو أجبتموني على كل الأسئلة الواردة .و جزاكم الله عنا كل خير .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك هذا البلاء، ونوصيك بأن تتقي الله تعالى، وأن تحرص على البعد عن كل ما قد يدعوك للوقوع في الفاحشة.

ويحسن بنا أن نجمل جواب ما أوردت من أسئلة في النقاط التالية :

النقطة الأولى: أن هذا الأمر قد يكون مجرد ابتلاء من الله تعالى، وقد يكون عقوبة على ذنب، ولا ينبغي أن تشغل نفسك بالتفكير في مثل هذا، بل عليك أن تصرف همتك إلى جلب ما ينفعك ودفع ما يضرك، ولعلك إذا اتقيت الله تعالى وحفظت نفسك من الوقوع في الفاحشة أن تعطى ثواب الصابرين .

النقطة الثانية: إذا أحب الله قوما ابتلاهم، ولكن لا يلزم من هذا أن كل من ابتلاه الله تعالى أنه يحبه، وأما عجزك الجنسي عن إمتاع زوجتك فلا يعتبر ظلما منك لها. إذ لا يؤاخذ العبد بما ليس بقدرته واختياره.

النقطة الثالثة: أن محبة الرجل للرجل محبة لا تتنافى مع الشرع، وكذا صحبته له، أو مصافحته ونحو ذلك، فهي في أصلها مباحة، ولكن تحرم في حق من خشي أن يؤدي به ذلك إلى الفتنة.

النقطة الرابعة: أنه ينبغي نصح من ابتلي بالشذوذ الجنسي وتذكيره بالله تعالى والحرص على هدايته ، ولكن لا ينبغي اتهام العلماء بالتقصير في بيان أسباب الوقاية من الوقوع في الحرام ، فهم قد بينوا ذلك من خلال نصوص الشرع التي جاءت بسد الذرائع إلى الحرام ، وقد يكون التقصير واقعا من الشخص نفسه في عدم حرصه على الاطلاع على كتب أهل العلم أو الاستماع إليهم أو سؤالهم.

النقطة الخامسة: أن كون هذا الأمر نوع من الابتلاء فنعم، ولكن لا يجوز أن نجعل هذا سبيلا لتبرير هذا الفعل ، أو الاستكانة إلى الابتلاء به.

ولمزيد الفائدة نحيلك على الفتاوى: 59332، 57110 ، 95794.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني