الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم معاقبة الطلاب بدفع مبلغ ما ثم إقامة حفل بالمبلغ

السؤال

أعمل مدرسا، ونظام المؤسسة التي أعمل بها يطلب من الطالب عدم تخطي عدد معين من الساعات. ودائما الطالب الذي يتأخر خمس دقائق نقول له أنت غايب، مع أنا لا نضعه في الغياب بل من أجل التخويف والالتزام، ولم يجد كثيرا هذا النظام. اتفقت مع طلابي على أن الطالب المتأخر يدفع دينارا مقابل كل دقيقة تأخير، وأخبرتهم أن أدخر هذا المبلغ لنهاية العام لإقامة حفل اختتام. أخبرت والدي بالأمر، وهو مسن، وقال لي اقتطع لي مبلغا معينا من هذا المال واشتر لي جوالا. فرفضت، وبعد ذلك قلت له سوف أقول لهم في نهاية العام سأتبرع بثلث المبلغ كصدقة جارية ونقيم حفلة بالثلثين الباقيين، فهل هذا المبلغ المقتطع حرام أم حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان قولكم للطالب الذي يتأخر خمس دقائق أنت غايب، يعني أنه قد سجل في هذا اليوم غائبا مع أنكم لا تضعونه في كشف الغياب فهذا كذب، وقد سبق في الفتوى رقم: 1824 بيان حرمة الكذب لما فيه من المفاسد الدينية والدنيوية.

وأما معاقبة الطلاب بدفع دينار مقابل كل دقيقة تأخير فقد سبق في الفتويين: 38803، 34484، بيان عدم جواز التعزير بالمال، فقد نص الفقهاء على حرمة المعاقبة والتعزير بالمال، وعلى هذا المذاهب الأربعة، بل نقل الصاوي من المالكية في حاشيته الإجماع على ذلك.

فيجب عليك التوبة من هذه المخالفات ورد هذه الأموال للطلاب، فإن تعذر معرفة ما لكل طالب دفعت ما يغلب على ظنك إبراء ذمتك به أو تحللت منهم ، ونذكرك بما رواه البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال : من كانت عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ منها فإنه ليس ثَمَّ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ من قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ من حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لم يَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ من سيئات أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عليه .

فإن رضي طلابك بالتبرع بهذ المال لإقامة حفل الاختتام بطيب نفس منهم وهم بالغون راشدون وكان الحفل لا يشتمل على محرمات جاز تبرعهم بذلك المبلغ، وكذلك إن رضي الطلاب بالتصدق بثلث المبلغ، ولكن الصدقة تكون على الفقراء والمساكين وليس من ذلك شراء جوال لوالدك إذا لم يكن فقيرا وبحاجة فعلية لهذا الجوال.

والخلاصة أنك أنت لا حق لك في هذا المال المقتطع وهو لمن اقتطع منهم، فإن رضوا بطيب أنفسهم بإقامة حفل منه أو شراء جوال لوالدك، وكانوا أهلا للتبرع بالغين راشدين فلهم ذلك، وإلا وجب عليك رد أموالهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني