الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخريج حديث في فضل أمة محمد (...إن الله تعالى أكرم هذه الأمة بخمس كرامات...)

السؤال

لقد قرأت هذا الموضوع في أحد المنتديات أولاً: أريد التأكد من صحة هذا الموضوع "فضل أمة محمد"،
ثانيا: شرح الجمل التالية: فضل أمة محمد يقال أن الله تعالى أكرم هذه الأمة بخمس كرامات:
1- أنه خلقهم ضعفاء حتى لا يستكبروا. 2- خلقهم صغاراً في أنفسهم حتى تكون مؤونة الطعام والشراب والثياب عليهم. 3- جعل عمرهم قصيراً حتى تكون ذنوبهم أقل. 4- جعلهم فقراء حتى يكون حسابهم في الآخرة أقل. 5- جعلهم آخر الأمم حتى يكون بقاؤهم في القبر أقل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرت أخي السائل من فضل أمة محمد فهو أثر لا يصح أورده الليث السمرقندي في كتابه (تنبيه الغافلين) ولم يذكر له سنداً، وعلى هذا فلا يصح نسبة هذه الفضائل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأما ما جاء في فضل هذه الأمة بالأسانيد الصحيحة والآيات القرآنية فهو كثير وأذكر لك ما يلي:

1- هي خير الأمم وأفضل الأمم، قال تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ {آل عمران:110}، وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني. فبين الله لهذه الأمة مكانتها ومنزلتها وخصوصيتها، وهي: ألأنها خير أمة أخرجت للناس، فالأمة المحمدية خير الناس للناس، لها القيادة والسيادة ولها المكانة الرفيعة.

2- أمة مرحومة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه الأمة مرحومة عذابها بأيديها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال هذا فداؤك من النار. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.. وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل. رواه أبو داود والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

3- أمة لا تجتمع على ضلالة، لما في الحديث: إن الله قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة. رواه ابن أبي عاصم وحسنه الألباني.

4- أمة لا يزال الخير فيها مستمراً كلما ضعف، هيأ الله لها من أبنائها من ينهض بها ومن يعيدها إلى الطريق المستقيم: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها. رواه أبو داود وصححه الألباني.

5- أمة أساس دينها هو التوحيد الذي دعت إليه جميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.

6- هي خاتم الأمم وأولها حساباً يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا, ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله فالنانس لنا فيه تبع اليهود غداً والنصارى بعد غد. متفق عليه.

7- هي نصف أهل الجنة، بل ثلثا أهل الجنة، فعن عبد الله قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء نحواً من أربعين، فقال: أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة، قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قلنا: نعم، قال: فوالذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم من أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود أو السوداء في جلد ثور أحمر. وقال صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة منها ثمانون صفاً. رواه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

8- إن الله يضاعف لها الأجر، فعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما مثلكم واليهود والنصارى كرجل استعمل عمالاً فقال: من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود على قيراط قيراط ثم عملت النصارى على قيراط قيراط ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغارب الشمس على قيراطين قيراطين فغضبت اليهود والنصارى، وقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل عطاء، قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئاً، قالوا: لا، فقال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء. رواه البخاري.

9- أمة تشهد على باقي الأمم، فعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى هل بلغت فيقول: نعم أي رب، فيقول: لأمته هل بلغكم، فيقولون: لا ما جاءنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك، فيقول: محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فنشهد أنه قد بلغ وهو قوله جل ذكره: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. والوسط العدل. رواه البخاري... وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجيء النبي ومعه الرجلان ويجيء النبي ومعه الثلاثة وأكثر من ذلك وأقل فيقال له هل بلغت قومك فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال: هل بلغكم فيقولون: لا، فيقال: من يشهد لك، فيقول: محمد وأمته، فتدعى أمة محمد، فيقال: هل بلغ هذا فيقولون: نعم، فيقول: وما علمكم بذلك، فيقولون: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه، قال: فذلكم قوله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وغير ذلك من الفضائل التي ذكرها العلماء ووردت في الأحاديث الصحيحة والذي ينبغي للمسلم أن يعتمد عليها، وقد لوحظ أن سؤال السائل انتشر كثيراً على صفحات الإنترنت دون رجوع إلى فتاوى العلماء والمتخصصين، وهذا من الأخطاء التي يقع فيها كثير من المسلمين المتصفحين للمواقع غير المراقبة شرعياً.. والحمد لله رب العالمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني