الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأخذ من الزكاة من له مال وممنوع من التصرف فيه

السؤال

أنا أرملة و أم لثلاثة أطفال هل يجوز لي أخذ الزكاة؟
مع العلم أني لست بالفقيرة إلا أن مالي ومال أولادي تحت تصرف والدي لا يعطينا منه إلا القليل الذي لا يلبي احتياجتنا، والدي رجل معروف بالشح بين الناس و إنسان صعب لا يرحم و لا يتفهم لذا فنحن نعيش في ضائقة مالية، وأما باقي المال فيدخره لنا في البنك للمستقبل (كما يقول).
فهل نعد من الفقراء الذين تجوز فيهم الزكاة (بالرغم من وجود تركة زوجي).
و ما هو الحد الأدنى للفقر الذي تجوز فيه الزكاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الحال هو ما ذكرتِ فأخذك من مال الزكاة جائز لقوله تعالي: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة 60}

وأنتِ وإن كان لكِ مال، ولكن عدم تمكنكِ من الانتفاع به يجعله كالعدم، وانظري الفتوى رقم: 40758، ولكن إذا أمكنك أن تأخذي شيئاً من هذا المال تسدين به حاجاتكِ الأصلية وحاجاتِ عيالك ولو بغير علمِ أبيكِ لم يكن لكِ الأخذ من مال الزكاة لأنكِ حينئذٍ من الأغنياء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة لغني. رواه أبو داود والترمذي وحسنه.

والحد الأدنى للفقر الذي تجوز معه الزكاة هو ألا يجد المرء قدر الكفاية أي ما يسد به حاجاته الأصلية من مأكل ومشرب وسكن وملبس ودواء. وانظري الفتوى رقم: 4938 والفتوى رقم: 19234،

وإذا أمكنك أخذ حقك وحق عيالك من أبيك ولو بطريق القضاء فافعلي، فإن العلماء متفقون على أن الوالد ليس له أن يأخذ من مال ابنه ما يضر به، بل إذا عسر الولد وجب على والده أن ينفق عليه، وجاز للولد مطالبته بهذه النفقة الواجبة ولو عن طريق القضاء.

قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع: والذي لا يمكن إحضاره لمجلس الحكم شرعا الأب، فإن العلماء رحمهم الله يقولون: لا تمكن مطالبة الأب بالدين، إلا ما كان من النفقة فقط.

فإذا جازت مطالبته بالنفقة -كما يفيده كلام الشيخ- فمطالبته بمال الولد الذي منعه منه وهو محتاج إليه أولى، وليس هذا من العقوق؛ بل الوالد هو الظالم بتعديه، واجتهدي في نصيحة أبيك وتحذيره برفق من خطورة الشح ومنع ذي الحق حقه ومن خطورة المعاملات الربوية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني