الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تأخذي من مال زوجك إلا بإذنه ويعفى عما جرت العادة بالتسامح فيه

السؤال

أنا سيدة متزوجة ولا أعمل وليس لى دخل خاص أو مال خاص, ولكنني متعلمة تعليما جامعيا, ولو كنت أعمل لحصلت على راتب متميز في تخصصي, ولكن زوجي رفض العمل ووالدي رجل مسن ويعمل بيده وحالته المادية ضعيفة جدا, وكنت أتمنى أن أعمل لأساعده وأرد ولو القليل من فضله علي فقد رباني وعلمني ولم يحرمني من شيء وفي نهاية المطاف أدرت له ظهري؛ لأنه حدثت مشاكل بين أمي وزوجي في أول الزواج, وكان يرفض أن أذهب إليهم لزيارتهم وكان وعدني أن يساعد والدي من حين لآخر ولكنه لم يوف بوعده, ومرت السنون وحال والدى يزداد سوءا وتأنيب الضمير يسمم حياتي مع زوجي, فأنا أريد أن أساعد من رباني وعلمني وهو لا يريد, بالرغم من أنه يبر أهله كلهم حتى أخواته المتزوجات ويغرقهم بالهدايا وأنا لا أستطيع حتى أن أشتري هدية لأختي الصغيرة, هل هذا عدل؟ هو يبر أهله وأنا إنسانة عاقة وبعيدة عن أهلي في السراء والضراء وفي المناسبات, وهو في وسط عائلته يرعاهم ويصرف عليهم وأنا حتى القليل لا أستطيع أن أعطيه لوالدي عند زيارته وهو مريض أو حتى أشتري له القليل من الفاكهة, أليس لي حق في القليل من مال زوجي أستطيع أن اتصرف فيه بحرية ومنه أساعد والدي؟ مع العلم أنني أستطيع أن أساعده من غير علم زوجي ولكني أخاف الله, وهل أستطيع أن أعطي أختي ملابسي القديمة لتلبسها؟ مع العلم أنني كنت أعطيها لبنات أخته ولكن أختي كبرت الآن وأصبحت تلبس مقاسي. أرجو مساعدتي بفتوى تريح قلبي ونفسي. وشكرا.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لايجوز للزوجة التصرف في مال زوجها إلابإذنه، ويستثنى من ذلك ما جرت العادة بالتسامح فيه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان على زوجك أن يفي بوعده بمساعدة والدك؛ فإن ذلك من المروءة وحسن الخلق... ومن حق أهل الزوجة الاحترام وحسن المعاملة لهم والتسامح معهم والإحسان إليهم ومساعدتهم حسب الوسع والاستطاعة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكرم أصهاره وصدائق زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، كما في صحيح البخاري وغيره.

ولكن لا يجوز للزوجة التصرف في مال زوجها بصدقة على قريب أو بعيد إلا بإذنه، كما يفيده الحديث: لا تنفق المرأة في بيت زوجها إلا بإذنه. رواه الترمذي وصححه الألباني. وراجعي الفتويين: 57075، 9457.

ويستنثنى من ذلك الشيء اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، فهذا إن تصدقت المرأة به دون إذن من زوجها، كان لها نصف الأجر، ولزوجها النصف الآخر وذلك لما رواه مسلم عن عائشة من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً.

وأما ما يخصك من المال.. فيجوز لك التصرف فيه بالهدية وغيرها لأبيك أو أختك..

وإذا كان أهلك محتاجين للنفقة.. فيجب عليك الإنفاق عليهم بشرط أن يكون لديك مال، وإلا فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا ما آتاها، ولا يجب ذلك على زوجك إلا على وجه التبرع والإحسان.

وقد أحسنت عند ما تركت أخذ مال زوجك لمساعدة أبيك وأنت تستطيعين ذلك خشية من الله تعالى؛ فنسأل الله تعالى أن ييسر لك كل خير، ويجعل لك من كل هم فرجا.

واعلمي أنك لا تعتبرين عاقة ولا قاطعة للرحم مادام المانع من مساعدة الأهل والإهداء إليهم هو العجز. فجلوسك في بيتك وطاعتك لزوجك أمر واجب عليك تؤجرين عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني