الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجها يسب الدين ولا يصلي ويسبها ويضربها فماذا تفعل

السؤال

شخص متزوج مند ثلاث سنوات لم تر فيها زوجته يوما سعيدا لا هي سعدت كما يسعد المتزوجون ولا هي فرحت بحملها كباقي الأمهات, وأرجو أن تفتوا علي بشرع الله في هذا الزوج.
رجل يسب زوجته ويضربها ضربا مبرحا ويلعنها ويلعن أهلها, وضربها وهي حامل يمنعها من الخروج مع أهله ولا يخرج معها, بل الأكثر من هذا يسب أمه ويلعنها وينعتها بصفات أصحاب الشوارع هي وأخواته يدخن, لا يعرف حق العائلة إلى غير دلك منذ ثلاث سنوات والزوجة صابرة, حاولنا إرشاده ولكن يأخذ من الدين ما يرضي غروره كالذي يقرأ: (ويل للمصلين) ولا يكمل الآية ويقول: إنها زوجته يفعل بها ما يريد, تدخل أهلها لإ صلاح الأمر ولكن دون جدوى؛ لأن الرجل ليس من النوع الذي يتحاور بل يفعل ما يريد, وعصبي المزاج كثيرا لحد أن عصبيته تخرجه عن عقله, حاولنا مساعدته أن يذهب لزيارة الطبيب ولكن لا يرغب, في آخر مرة قام بضرب زوجته ضربا مبرحا كأنه يضرب وحشا قام برفسها وضربها بحزام السروال حتى بدت جثة هامدة وزرقاء من كثرة الضرب, بل إنه يتفل عليها كما يتفل على أمه, كيفما كانت هذه الزوجة ومهما عملت لا تستحق هذه المعاملة فهي متحجبة ولا تخرج الأمر الذي يقع بأنه يثور لأتفه الأسباب ويقوم بكسر الأواني وأثاث البيت واللعن وسب الدين! وقمنا بإحضار والديها لأنها لو تركناها سوف يقتلها ورغم ذلك حاولوا التحدث معه ولكنه هرب واعتبر الأمر منتهيا كأنه شيء بسيط لا يستدعي كل هذا, الزوجة لم تعد قادرة على التحمل وأصبحت نفسيتها منهارة لأنه يعاملها كالحيوان بل الحيوان يجب أن يعامل بلطف, فقررت الذهاب مع والديها فهي تطلب الطلاق وتشترط لكي تعود لزوجها أن يعالج نفسه ويقلع عن التدخين وان يصلي وألا يسبها ويضربها ويتركها لزيارة أهلها الذين يسكنون في مدينة أخرى غير تلك التي تسكن بها, فالموضوع يحمل في طياته تساؤلات دون طرح أي سؤال مباشر, ولديها طفلة وزد على ذلك فهو عديم المسؤولية إخوته هم من يقومون بأخذ الزوجة أو الطفلة عند الطبيب إذا كان ذلك ضروريا حتى أنه إذا مرضت لا يتركها تذهب لزيارة الطبيبة وأشياء كثيرة لا يمكن ذكرها, ولكن هناك سؤال: هل أخته التي اتصلت بأهلها مخطئة في ذلك لأنه يتهمها بأنها هي من فرقت بينه وبين زوجته؟ أنا أدري بأنها ليست كذلك ولكن أريد أن يكون جوابكم موجها لهذا الشخص مباشرة.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أتى هذا الشخص جملة من الخطايا والمنكرات، وسقط في مهاوي الكبائر والموبقات، وأشنع أفعاله ما أقدم عليه من سب الدين – والعياذ بالله – فقد أجمع أهل العلم على أن سب الدين خروج عن ملة المسلمين وكفر برب العالمين، ثم ترك الصلاة أكبر كبيرة بعد الشرك بالله، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة.

ثم سبه لأمه وإهانته لها كبيرة توجب اللعن من رب العالمين، أخرج البخاري في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. وفي لفظ لمسلم: من الكبائر شتم الرجل والديه.

ثم ضربه لزوجته بهذه الوحشية إثم مبين وظلم عظيم، فليتق الله تعالى ويتب قبل أن يفاجئه الموت وهو على ذلك فيندم حين لاينفع الندم.

وبناء على ما أتى به هذا الشخص من سب للدين، فهذا الفعل مخرج من الإسلام، ويصير فاعله من الكافرين، والواجب عليه الدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، أما بالنسبة لعلاقته بزوجته في ضوء هذا فقد اختلف الفقهاء في الزوج إذا ارتد عن الإسلام: فعند أبي حنيفة ومالك ورواية عن أحمد أن الفرقة تقع بينه وبين زوجته ساعة الردة.

وذهب الشافعي وهو رواية عن أحمد وهي المذهب إلى أن الفرقة تتوقف على انقضاء العدة. فإن تاب الزوج ورجع إلى الإسلام حال العدة، فهو على النكاح السابق، وإن لم يتب إلا بعد انقضاء العدة وقعت بينهما الفرقة منذ الردة، قال ابن قدامة الحنبلي في المقنع: وإن ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ النكاح، ولا مهر لها إن كانت هي المرتدة، وإن كان هو المرتد فلها نصف المهر. وإن كانت الردة بعد الدخول فهل تتعجل الفرقة أو تقف على انقضاء العدة؟ على روايتين. انتهى

واختلف العلماء بعد ذلك أيضا في نوع هذه الفرقة فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنها فسخ لا طلاق قال العبادي في شرح مختصر القدوري وهو من الحنفية: وإذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام وقعت البينونة بينهما فرقة بغير طلاق عندهما - يعني أبا حنيفة وأبا يوسف - وقال محمد إن كانت الردة من الزوج فهي طلاق. انتهى وذهب مالك ومحمد بن الحسن من الحنفية إلى أنها طلاق بائن.

والذي ننصح به زوجته أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية، وتقص على القاضي ما حدث من زوجها، وكم مرة وقع منه سب الدين، وهل تاب من ذلك أم لا، ثم يقرر القاضي بعد ذلك إذا ما كانت العلاقة الزوجية باقية أم لا.

فإن حكم القاضي ببقاء عقد الزواج ورأت المرأة من زوجها رجوعا إلى الإسلام وتوبة صادقة فلترجع إليه وإلا فلا يحل لها البقاء معه.

وأما ما قامت به أخته من إبلاغ أهل الزوجة عن ضربها فهو لا شك عمل من الأعمال الصالحة وهي مشكورة عليه؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى.

وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 75463، 25611.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني