الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في التابعة والقرين والجن

السؤال

ما حكم الذهاب إلى المشعوذين والإيمان بهم وبما يقولون؟ وهل كل ما يقولون صحيح؟ وهل صحيح أن الإنسان لديه تابعة أو ما يسمى قريناً؟ وهل هو صحيح أن الجن يعيشون معنا ويعيقوننا في بعض الأحيان في رزقنا وزواجنا؟ مع العلم أني أطرح هذه الأسئلة، لأن لدي أخت تؤمن كثيراً بهذه الأشياء، أنا أريد أن أردها إلى طريق الله، وأن كل شيء في الدنيا من شر أو خير، فذلك قدر من عند الله، فالجن ليس لديه سلطان علينا.
أنا في انتظار جوابكم، لأني تعبت نفسياً من هذه القصة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذهاب إلى المشعوذين لسؤالهم حرام في الشريعة الإسلامية، وتصديقهم فيما يقولون كفر -والعياذ بالله- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة... رواه مسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم... رواه أبو داود والترمذي والحاكم واللفظ له. وفي رواية أبي داود: ... فقد برئ مما أنزل على محمد..

وذلك أن أولئك الدجالين يدَّعون معرفة الغيب، فمن صدقهم فقد كفر بقول الله تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65}، وبقوله تعالى: وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء {آل عمران:179}، وبقوله تعالى: وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ {الأنعام:59}، وبقوله تعالى: فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ {يونس:20}، وبقوله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ {الجن:26-27}.

والآيات في هذا كثيرة، وليس كل ما يقوله أولئك الدجالون حقاً بل كل ما يقولونه باطل، وقليلا ما يصدقون فهم أبعد الناس عن الحق، وإذا وجد في كلامهم شيء من الحق قليل فهو مما أوحته إليهم الشياطين الذين يسترقون السمع من السماء، لأن الشيطان يسترق السمع من السماء بقدر الله، كما فصلناه في الفتوى: 1850، والفتوى: 68426.

وأما قول السائلة (وهل صحيح أن الإنسان لديه تابعة أو ما يسمى قرين...)، فقد بينا من قبل جوابه وأن التابعة لا وجود لها، وراجعي في ذلك الفتوى: 102533.

مع العلم أن كل إنسان قد وكل به قرين من الجن؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير.. رواه مسلم.

فمع كل إنسان قرين، وعند الغفلة وعدم الذكر يوسوس له ويعده ويمنيه ويخوفه.. فهذه وظيفته ودوره، ولكن عندما يذكر العبد ربه تعالى وينتبه لشره يخنس وينزوي، ولا شك أن الجن يعيشون بين الناس كما بيناه من قبل في الفتوى: 52563... وقد يحصل منهم نوع أذى لبني آدم، وكما أنهم يثبطون الإنسان عن الطاعة، فهم يثبطونه عن ما ينفعه في دنياه، وكل ذلك بقضاء الله وقدره اختباراً وامتحاناً لعباده، وقد بينا شيئاً من الأسباب التي تجعل الجن تؤذي بني آدم في الفتوى: 79190.

والجن منهم المسلمون ومنهم الكافرون، ولا ينبغي للمسلم أن يعطي الجن أكبر من حجمهم، فهم خلق من خلق الله، ولا يضرون أحداً إلا بإذن الله تعالى، ومن تحصن منهم بالقرآن والذكر حماه الله، وإننا نحث الأخت السائلة على نصيحة أختها وعدم التهاون في ذلك، فإن الذهاب إلى أولئك الكذابين شأنه خطير على دين المرء ودنياه وكثير منهم يستغلون النساء -لضعفهن وجهلهن- في أمور محرمة ومنافية للأخلاق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني