الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التحايل للحصول على إعانة من دولة أوروبية

السؤال

أعيش أنا وزوجي وطفلاي في إيطاليا وقد كان زوجي يعمل بعقد دائم لكن تم الاستغناء عنه فأصبح يعمل بعقود قصيرة 3 أشهر وقد لا يجد أحيانا عقدا جديدا مباشرة بعد انتهاء العقد القديم فيبقي عاطلا لأيام أو لشهر والراتب الذي يتقاضاه من أي عمل بالكاد يكفي لكراء المنزل والمعيشة والفواتير بحيث لا يبقى منه شيء والقانون في هذه البلاد يمنح من هم في حال زوجي حقا يتمثل في أنه لو عمل 6 أشهر في السنة فإن الدولة تتكفل بإعطائه 60 بالمائة من قيمة الراتب الذي كان يتقاضاه مدة ال6 أشهر الباقية بشرط أن لا يعمل في هذه الفترة لأنه لو عمل ولو أسبوعا فسيخسر هذا الحق ويكون عليه أن يعمل مجددا 6 أشهر آخرين، مع العلم أن هذا المبلغ الشهري لا يكفي لمعيشتنا - سؤالي هو هل يجوز لزوجي في حال حصوله على هذا الحق أن يعمل بصفة غير قانونية بمعني أن يشرح لصاحب العمل حالته ويتفق معه على العمل دون أن يسجله قانونيا أي برضا الطرفين.
افيدونا وجزاكم الله خيرا......

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن المسلم بحكم إقامته في تلك الديار ملزم شرعا باحترام ما لا يتعارض مع الشرع من قوانينهم التي يسيرون بها حياتهم وحياة من يقيم معهم فلا يجوز للشخص مخالفتها لأن من شروط منحهم الإقامة للشخص أن يحترم القانون المعمول به في البلد، وقد أمر الله بالوفاء بالعقود فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} وقال صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وصححه الألباني.

وبناء على هذا لا يجوز لزوجك الاتفاق مع صاحب العمل على العمل معه دون أن يسجله قانونيا ليتوصل بذلك إلى الحصول على المعونة المشروطة بعدم ممارسته لعمل لما في ذلك من مخالفة ما اشترط عليه والتوصل إلى أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.

ويستثنى من ذلك ما إذا بلغت الضرورة به مبلغا يخاف منه هلاكا أو مشقة بالغة فيجوز له هذا الاحتيال بقدر ما يزيل ضرورته أخذا من القاعدة الفقهية الكبرى، الضرورات تبيح المحظورات المأخوذة من قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالمُعْتَدِينَ {الأنعام:119}.

ونصيحتنا للمسلم في تلك البلاد أن يكون مثالا حسنا يحتذى به مما يقتضي بعده عن الكذب والغش وغيرها من مساوئ الأخلاق حتى يكون داعية بخلقه إلى دينه.

وتراجع الفتوى رقم: 62701.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني