الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البيع الحقيقي تترتب عليه آثاره؛ بخلاف البيع الصوري

السؤال

سؤالي هو أبي رحمة الله عليه ورث عن والده - جدي - قطعة أرض قد خصصها أبوه المتوفى له ولأعمامي الرجال وهي حوالي فدان أرض لأبي ولأعمامي الثلاثة وقد خصصها جدي لأولاده الذكور دون الإناث - ثلاث عمات وترك فدانا ونصفا ومنزلا من دور واحد صغير آخر للأولاد والبنات كميراث شرعي، فهل إرثي أنا عن أبي هذه الأرض التي خصصها له أبوه - جدي جائز أو يجب علي أن أعطي عماتي نصيبهم الذي حرمهم منه جدي أو ماذا افعل؟ وكيف أتصرف مع عماتي؟ وهذا الموضوع تم منذ حوالي خمسة وعشرين سنه وهو بيع جدي لأولاده الذكور هذا الفدان والآن أبي توفي فهل إرثي لهذه الأرض أنا وإخوتي الصغار حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يبين لنا السائل الكريم هل الجد وهب الأرض في حياته لأبنائه المشار إليهم أم كتبها لهم وصية أم باعها لهم في حياته، فإن كان جدك قد وهب الأرض في حياته للأبناء ولم يعط البنات فإن هذه الهبة باطلة على الصحيح من أقوال أهل العلم والمفتى به عندنا لأنها خلاف العدل الذي أمر الله به في كتابه وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وتكون الأرض ملكا للأولاد جميعا الذكور والإناث يقسمونها القسمة الشرعية، ويلزمك رد نصيبك من تلك الأرض إلى ورثة جدك لتقسم بينهم القسمة الشرعية ثم تأخذ نصيبك الشرعي من تركة أبيك فيها. وانظر الفتوى رقم: 101286.

وإن كان الجد قد كتب الأرض لأبنائه كوصية يستحقونها بعد مماته فهذه وصية لوارث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا وصية لوارث. ولا تنفذ هذه الوصية إلا إذا رضي الورثة، فإن لم يرضوا فالأرض لهم ويقسمونها بينهم القسمة الشرعية، ويلزمك رد ما أخذته من الأرض على ما ذكرناه آنفا، وانظر الفتوى رقم: 53096، والفتوى رقم: 26630.

ويبقى الاحتمال الأخير وهو أن يكون جدك باع الأرض لأبنائه فإن كان باعها لهم بيعا حقيقيا صحيحا تترتب عليه آثار العقد من استحقاقه للثمن ورفع يده عن الأرض، فإن الأرض تصير بذلك ملكا للأبناء ولورثتهم من بعدهم، وأما إن كان البيع صوريا فقط أو بثمن بخس فهذه حيلة لحرمان البنات فيما نرى، والحيلة الموصلة إلى المحرم محرمة في الشريعة.

جاء في عمدة القاري لبدر الدين العيني عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة رحمهم الله قال: ليس من أخلاق المؤمنين الفرار من أحكام الله بالحيل الموصلة إلى إبطال الحق. انتهى.

ولا تصير به تلك الأرض ملكا للأبناء وترجع إلى الورثة جميعا يقسمونها بينهم القسمة الشرعية، ويلزمك رد ما زاد على نصيبكم من تلك الأرض كما ذكرنا، وانظر الفتوى رقم: 27738، والفتوى رقم: 106777.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني