الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التجارة في الآثار في منظار الشرع

السؤال

الحمد لله... كنت في فترة معينة أهتم كثيراً بتجارة الآثار خاصة منها القطع النقدية القديمة الرومانية وغيرها وذلك بالتعاون مع تجار محليين وأجانب، فما هو حكم هذه التجارة سواء بالنسبة للقطع النقدية أو التماثيل علما وأني بعت مرة واحدة رأس تمثال صغير من الحجر تبين أن الشخص الذي سلمني إياه لم يكن على ملكه واحتفظت بثمنه لنفسي، فما هو حكمي في هذه الحالة سواء كانت هذه التجارة حراما أم جائزة، وماذا علي فعله هل علي التخلص من ثمنه، علما بأن صاحب البضاعة غير معلوم لي على وجه الدقة، وعلما أيضا أن هذه البضاعة تباع في الأخير إلى غير المسلمين -الأوروبيين- فأرشدوني إلى طريق الخلاص رعاكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا حرج على المسلم في البحث والتنقيب عن أموال الكفار الذين كانوا قبل الإسلام أو أمتعتهم في أرض مملوكة له أو ليست مملوكة لأحد، ومن عثر على شيء من ذلك -مما يباح اقتناؤه وبيعه- فيجب عليه أن يخرج خمسه، ويصرفه في مصارف الزكاة، وما بقي بعد إخراج الخمس فهو ملك له يتصرف فيه بما أحب من البيع أو التجارة أو القنية، ولا عبرة بقانون يمنع من ذلك، والأصل في ذلك ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. متفق عليه.

ولكن ينبغي النظر والموازنة بين المخاطر والمفاسد المترتبة على مخالفة هذا القانون من مصادرة الأرض والبيت والتعرض للسجن والعقوبة، وبين المصالح المترتبة على القيام باستخراج تلك الأموال والمتاجرة فيها وتهريبها، ولا يجوز للمسلم بيع التماثيل ولا المتاجرة فيما يتصل بما تصنع منه ونحو ذلك، لما رواه مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبراً مشرفا إلا سويته. فوجود التماثيل منكر يجب إزالته، وقد اتفق الفقهاء على ذلك، وقرروا أنها أموال غير محترمة، وغير مضمونة، وأنه لا شيء على من أتلفها لأنه فعل ما يجب عليه.

وعلى هذا إن كانت الآثار التي كنت تتاجر فيها مما يحرم التعامل فيها كأن تكون تماثيل مصورة أو محتوية على شعارات كفرية فيجب عليك التوبة من هذا العمل، وما كسبته من مال وجب عليك إنفاقه في مصالح المسلمين، وسواء كان البيع إلى مسلم أو غير مسلم لعموم أدلة التحريم، وأما ما قمت ببيعه من الآثار التي يجوز بيعها أو البحث عنها فلا حرج عليك في ذلك، ويجب عليك سداد ثمنها لمن أخذتها منه إلا إن كانت لديك بينة على عدم ملك من أخذتها منه، ولا يكفي مجرد دعواك أن الشخص الذي سلمك إياها ليست ملكاً له وإذا تبين أنها ليست ملكاً له وأمكن الوصول إلى صاحبها فعليك بتسديد هذا الثمن له، وإلا فعليك أن تنفقه في مصالح المسلمين كما هو الشأن في الأموال التي يجهل أصحابها، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7458، 13544، 13941، 14266، 23960، 67725.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني